استعرض وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، عمق العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا، مشددا على أهمية المرحلة الجديدة التي دشنها الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وأكد بوريطة أن هذه المرحلة تمثل فصلا جديدا في تاريخ الدبلوماسية بين البلدين، يتسم بالشراكة المثالية والتعاون المستدام.
وأشار بوريطة في ندوة صحافية مشتركة مع نظيره الفرنسي اليوم الثلاثاء، إلى أربع نقاط رئيسية تبرز أهمية هذه الشراكة. أولها، أن ما يتم تحقيقه حالياً هو جزء لا يتجزأ من حقبة جديدة تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع نطاق التعاون بين المغرب وفرنسا في مختلف المجالات. واعتبر أن الشراكة الدبلوماسية بين البلدين يجب أن تظهر بوضوح في جميع العلاقات الثنائية والمتعددة الأطراف.
وتتعلق النقطة الثانية، بحسب الوزير المغربي، بالوثيقة التي وقعها الملك محمد السادس والرئيس ماكرون، والتي تعد مرجعاً رئيسيا في تعزيز العلاقات المغربية الفرنسية. وأوضح الوزير أن الوثائق الدبلوماسية التي وقعها الملك دائماً ما تساهم في إحداث زخم جديد في العلاقات، مما يعكس أهمية هذه الاتفاقيات في تطوير التعاون.
أما النقطة الثالثة، فقد تناولت القضايا المشتركة التي تتداخل فيها الدبلوماسيتان، مثل الأوضاع في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط والقارة الأفريقية. وأكد بوريطة على أن التوافق والحوار سيكونان حجر الزاوية في هذه الشراكة، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب تنسيقاً أكبر بين البلدين.
وترتبط النقطة الرابعة بتحسين صورة المغرب من خلال تعزيز العلاقات الاقتصادية، خاصة في الأقاليم الجنوبية. وأشار بوريطة إلى أن موقف فرنسا شهد تطوراً ملحوظاً في هذا الاتجاه، مما يعكس التزامها بدعم المغرب في مسيرته التنموية.
واختتم بوريطة تصريحه بالإشارة إلى أن الملك محمد السادس والرئيس ماكرون يدشنان حقبة جديدة من التعاون الذي سيعود بالنفع على الشعبين. وأكد أن هذه الدينامية الإيجابية ستعزز من التفاهم المتبادل وتحقق الاستقرار والتنمية في المنطقة، مما يعكس الدور المحوري لكلا البلدين في الساحة الدولية.
وفي تصريح له، أشاد وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل باروت، بالعلاقة التاريخية العميقة بين فرنسا والمغرب، مشيرا إلى الروابط الثقافية والاقتصادية والاجتماعية التي تجمع البلدين. وذكر الوزير أن المغفور له محمد الخامس كان جزءاً من تحرير فرنسا، مما يبرز أهمية التعاون الثنائي في مسار التاريخ المشترك.
وأكد الوزير أن العلاقة بين البلدين تمتد إلى عمق إنساني، يتمثل في وجود 700,000 مغربي في فرنسا و80,000 فرنسي في المغرب. هذه الأعداد تشكل جسوراً من العلاقات الأسرية والثقافية، حيث تتقاسم المجتمعات ذكريات الفن والأدب. ووصف الوزير الفرنسي المغرب بأنه “شجرة جذورها في أفريقيا” تتنفس عبر “أوراقها الوارفة في أوروبا”.
على الصعيد الاقتصادي، ذكر جان نويل باروت أن فرنسا تعد أحد أكبر المستثمرين في المغرب، حيث تمتلك أكثر من ألف فرع لشركاتها، مما أسهم في خلق أكثر من 50,000 فرصة عمل. كما أشار إلى توقيع 22 اتفاقية شراكة بين المغرب وفرنسا، تعكس التزام البلدين بتعزيز التعاون في مختلف المجالات.
وأوضح المسؤول الفرنسي ذاته أن هناك جهوداً مستمرة لإدماج سلاسل القيمة والصناعات بين البلدين، مشيراً إلى بعض المشاريع الناجحة لشركات فرنسية في المغرب. كما تطرق إلى موضوع الانتقال الطاقي، لافتاً إلى أهمية استخدام الهيدروجين الأخضر وتطوير البنية التحتية، مثل السكك الحديدية، لدعم الأهداف المشتركة.
كما أشار الوزير إلى أهمية مستقبل العلاقات بين المغرب وأوروبا، مشدداً على أن المغرب يعتبر بوابة فرنسا نحو أفريقيا. وأكد على ضرورة تطوير الشراكات في مختلف الجهات، بما في ذلك الأقاليم الجنوبية، في إطار سيادة المغرب على صحرائه، مشيرا في هذا الصدد إلى نشر وزارة خارجية فرنسا لخريطة المملكة كاملة والمتضمنة لأقاليمها الصحراوية. وأعرب عن دعم فرنسا لتنمية هذه الأقاليم ، موضحاً أن سفير فرنسا سيزور المناطق الجنوبية للمملكة للعمل على تعزيز المشاريع هناك.
وشدد الوزير على أهمية التعاون المستمر مع المغرب لتجديد الشراكة بين البلدين، مشيرا في الوقت نفسه إلى الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى فرنسا، والتي ستسهم في تعزيز الروابط التاريخية بين البلدين وفتح آفاق جديدة في مجالات متعددة. كما أكد على أن فرنسا ستبقى شريكاً موثوقاً للمغرب، متطلعاً إلى كتابة فصول جديدة في تاريخ هذه العلاقة المتميزة.