آخر الأخبار

بوصوف: المغرب يستقبل ماكرون باحتفالات الصحراء.. والجزائر تكتفي بخيم العزاء

شارك الخبر
مصدر الصورة

يرى عبد الله بوصوف، الباحث في العلوم الإنسانية، أن خطاب الملك محمد السادس في ذكرى ثورة الملك والشعب لعام 2022 كان محطة مفصلية في رسم ملامح السياسة الخارجية المغربية، حيث شدّد على أن الصحراء المغربية تشكل جوهر العلاقات الدولية للمملكة وأساس بناء الشراكات، لافتا إلى أنه “رغم محاولات بعض الأطراف التشكيك في قدرة المغرب على الصمود أمام المتغيرات الجيوسياسية المتسارعة، فإن الرد المغربي جاء قاطعا ليثبت بأن سيادة المغرب على صحرائه غير قابلة للتفاوض”.

وأضاف بوصوف، في مقال معنون بـ”المغرب يستقبل الرئيس ماكرون والجزائر في حفل جنائزي”، أن “زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب في أكتوبر 2024 تأتي بعد سلسلة تأجيلات وسط مناخ جديد أفرزته رسالة الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء في يوليوز من العام نفسه، حيث أقرّت باريس بمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع”، مشيرا إلى أن “هذه الخطوة تمثل انطلاقة جديدة للعلاقات بين البلدين، رغم المحاولات الجزائرية لتأجيج الخلافات واستغلالها عبر تحالفات سياسية وصفقات تسليحية لتعميق الأزمة”.

وسجل أن زيارة ماكرون للمغرب ترسل رسائل دبلوماسية عميقة، مفادها أن النزاع حول الصحراء يقترب من نهايته، في ظل انتصار الرؤية المغربية القائمة على الندية والسيادة، مشيرا إلى أنه “في مقابل ذلك يستمر النظام الجزائري في التخبط وسط أزمات داخلية وإقليمية تعكس ضعفه المتزايد، خاصة بعد الاعتراف الفرنسي الذي زعزع استقراره، في حين تستقبل المملكة الرئيس الفرنسي بسجاد الدبلوماسية، فيما تكتفي الجزائر بخِيَم العزاء والهستيريا الإعلامية”.

نص المقال:

روجت العديد من الأبواق المعادية بأن خطاب ثورة الملك والشعب في 20 غشت من سنة 2022 كان فقط نوعا من الهروب إلى الأمام أو ضربا من الخيال، خاصة أن لغته القوية والغنية بمعاني الثقة في النفس والندية بوضع إحداثيات دقيقة للتعامل مع الدولة المغربية، سواء في خلق الصداقات أو إنجاز الشراكات حيث تحتل الصحراء المغربية حجر الزاوية فيها وأنها المنظار الذي يرى به العالم. وزادت تلك الأبواق الطين بلة بقولها إن المغرب لن يقوى على الوقوف والصمود طويلا في ظل المتغيرات الجيوستراتيجية السريعة، سواء على المستوى القاري أو العالمي، فجاء الرد سريعا بأن المغرب لم ولن يفاوض على صحرائه.

كان لا بد لنا من استحضار مضمون الخطاب التاريخي ذاته ونحن نستعد لاستقبال رئيس الــدولــة الفرنسية إيمانويل ماكرون في آخر شهر أكتوبر 2024 بعد تأجيله أكثر من مرة.

لكن بعد رسالة الاعتراف التاريخي بمغربية الصحراء وبأن مبادرة الحكم الذاتي هي السقف الوحيد، في شهر يوليوز من سنة 2024، فإننا مستعدون لرميه بالورود وفرش السجاد الأحمر له.

سنؤجل إعادة شريط محطات الأزمة بين باريس والرباط إلى مساحة أخرى. لكن ضروري التذكير بتكالب القوى المعادية إبان تلك الأزمة، وكيف حاولت تعميقها من خلال عقد صفقات جديدة للبترول والغاز الطبيعي، وتوقيع عقود التسليح وزيارات عديدة لعسكريين، على رأسهم الجنرال شنقريحة، وتكوين لجان الذاكرة، وتمويل أعمال قذرة بأقلام مأجورة وسياسيين “للبيع” في أوروبا من أجل تشويه صورة المغرب، وغير ذلك من حسنات شهر عسل لم يدم طويلا.

في الفترة نفسها اشتغل المغرب على تنويع شركائه وتوسيع دائرة أصدقائه، سواء بإفريقيا أو أوروبا، وظهر المغرب كفاعل إقليمي قوي ودولي موثوق فيه، سواء في مجال محاربة الإرهاب الدولي أو الجريمة العابرة للقارات ومحاربة الهجرة السرية وتجارة البشر، وهي المجالات التي فشل فيها النظام العسكري الجزائري، الذي مهد الطريق لعصابات السلاح والاتجار في البشر، سواء بمخيمات تندوف أو في الحدود المالية أو الموريتانية، ومنها الهجوم على موكب الرئيس الموريتاني العائد من الجزائر في فبراير 2024 وموت مرافقه، بالإضافة إلى فشل النظام العسكري ذاته في مصالحة دول الساحل جنوب الصحراء، والمساهمة في زرع أجسام إرهابية إيرانية بالمنطقة.

وقد ظهر النظام العسكري الجزائري منهكا بعد خيبات سياسية وعسكرية بمنطقة الساحل بعد تعدد الانقلابات العسكرية، التي أدت إلى قلب معادلات سياسية وعسكرية كإنهاء عمليات برخان وتاكوبا وسابرالخاصة بمحاربة الإرهاب بمنطقة الساحل.

في الوقت ذاته وضع المغرب اللمسات الأخيرة للمبادرة الأطلسية، التي أعلن عنها خطاب المسيرة الخضراء في نوفمبر 2023، سواء من خلال المبادرة بخلق تكتل لمجموع دول غرب إفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي أو خلق منفذ أطلسي لدول الساحل جنوب الصحراء، مقدما بذلك بديلا اقتصاديا وسلة للتنمية عوض المقاربة الأمنية والعسكرية، وهي المبادرة التي لقيت، إلى جانب مشروع أنبوب الغاز نيجيريا/ المغرب، تجاوبا كبيرا من قبل الدول الإفريقية بالساحل الأطلسي ومنطقة الساحل.

ورغم كل تلك المطبات السياسية والقضائية والأمنية التي عرفتها العلاقات المغربية/ الفرنسية، والتي عمل النظام العسكري على تعميق بعضها بسوء نية ولغايات بئيسة، فإن المغرب حافظ على شعرة معاوية مع باريس، سواء من حيث التنسيق القضائي والأمني أو في مجال التبادل التجاري، حيث بلغت المبادلات سنة 2023 فقط حوالي 13 مليار أورو. كما تواصلت زيارات العمل والتنسيق، واحتضن قصر الإيليزي حفل غداء على شرف صاحبات السمو الملكي شقيقات صاحب الجلالة الملك محمد السادس بدعوة من سيدة فرنسا الأولى بريجيت ماكرون في فبراير 2024 كرسالة على عودة الدفء إلى العلاقات بين باريس والرباط. اليوم عندما يزور الرئيس الفرنسي ماكرون المغرب، فهو يزور مغرب خطاب 20 غشت 2022 وخطاب المسيرة لسنة 2023، المغرب الغني بفرص الاستثمار والتنمية، وفرص السلام والأمن بدول الساحل والغرب الاطلسي، والمغرب كبوابة إفريقيا وجسر للتنمية والأمن ومحاربة الجريمة والاتجار في البشر.

نحن نعرف جيدا أن زيارة الدولة للرئيس ماكرون للمملكة الشريفة واعترافه التاريخي بسيادة المغرب على صحرائه زعزت أركان نظام الجزائر المهترئ، وأصابته بحالة من الإسهال والهستيريا الإعلامية. لكن هذه الزيارة تحمل رسائل بداية العد التنازلي لنهاية نزاع ينتمي إلى مرحلة الحرب الباردة، قاده بالوكالة القذافي وبومدين وآخرون.

لن نقول إننا وصلنا إلى نهاية الطريق، بل سنردد قولة الملك محمد السادس: المغرب لا يتفاوض على صحرائه. وهي المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به المغرب صدق الصداقات ونجاعة الشراكات. فمرحبا بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في بلاد الشرفاء، في الوقت الذي يقيم فيه النظام الجزائري خيمة العزاء واللطم على طريقة أصدقائهم في النظام الإيراني. ماكرون بعد إنكار الأمة الجزائرية في تاريخ سابق ها هو يصيبهم في مقتل.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر

إقرأ أيضا