آخر الأخبار

هل يعلن ماكرون عن افتتاح قنصلية لفرنسا بالعيون في خطابه بالبرلمان؟

شارك الخبر
مصدر الصورة

في خطوة دبلوماسية تاريخية، سيكون لها تأثير كبير على ملف الصحراء المغربية، من المنتظر أن تعلن فرنسا عن افتتاح قنصلية عامة ومعهد ثقافي فرنسي في مدينة العيون بالصحراء المغربية، لتصبح بذلك أول دولة أوروبية تؤسس تمثيلاً دبلوماسيًا في هذه المنطقة.

ونقل معهد “معهد الآفاق الجيوسياسية” (IGH)، عن مصدر في قصر الإليزيه، قوله إن فرنسا ستفتتح أول تمثيلية دبلوماسية أوروبية في قلب الصحراء المغربية، حيث يأتي هذا القرار بعد ثلاثة أشهر من اعتراف باريس رسميا بسيادة المغرب على الصحراء، مما يشير إلى تحول كبير في الموقف الفرنسي.

ومن المتوقع، وفق (IGH)، أن يتم الإعلان الرسمي عن هذه الخطوة خلال خطاب الرئيس الفرنسي أمام البرلمان المغربي في 29 أكتوبر الجاري، فيما يُتوقع أن تبدأ القنصلية والمعهد الفرنسي عملهما رسميًا في 6 نوفمبر المقبل، وهو التاريخ الذي يتزامن مع ذكرى المسيرة الخضراء، أحد أبرز الأحداث الوطنية في المغرب.

وستقع القنصلية في حي السلام بمدينة العيون، وستكون مسؤولة عن تقديم الخدمات القنصلية في جهتي العيون-الساقية الحمراء والداخلة-وادي الذهب، كما سيوفر المعهد الفرنسي في العيون، وهو الرابع عشر في المملكة، برامج تعليمية وثقافية تشمل دورات في اللغة ومكتبة وسائطية.

وأكدت المعهد، نقلا مصادر دبلوماسية فرنسية، أن هذه الخطوة تمثل “نقلة نوعية” في السياسة الفرنسية تجاه الصحراء المغربية، كما تأتي لدعم الاستثمارات الفرنسية المتزايدة في المنطقة، خصوصا في مجال الطاقات المتجددة.

وأبرز أنه يتوقع أن تمهد هذه المبادرة الطريق أمام دول أخرى من الاتحاد الأوروبي لاتخاذ خطوات مماثلة، في وقت يعزز فيه المغرب موقعه كفاعل رئيسي في المنطقة، مع تزايد عدد الدول الأفريقية والعربية التي افتتحت قنصليات في العيون والداخلة.

وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من الاتفاقيات الثنائية المرتقبة بين المغرب وفرنسا، تشمل مجالات التعاون الصناعي، الاقتصادي، والأمني، مما يعكس عودة الدفء للعلاقات بين البلدين بعد فترة من التوترات التي دامت لعامين.

وكانت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة قد أعلنت في وقت سابق أن إيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، وحرمه بريجيت ماكرون، سيقومان بزيارة دولة للمملكة المغربية، من يوم الاثنين 28 إلى يوم الأربعاء 30 أكتوبر 2024.

ويرى متتبعون أن زيارة ماكرون للمغرب تحمل في طياتها أبعادا سياسية متعددة، وتأتي تتويجا لجهود متواصلة من الجانبين لاستعادة الثقة وتعزيز الشراكة الاستراتيجية في ظل التوترات السابقة التي شهدتها العلاقات بين الرباط وباريس، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية، التي تعتبرها المملكة من الملفات الأكثر حساسية في علاقاتها الخارجية.

وبحسب محللين، فإن زيارة ماكرون المرتقبة إلى المغرب تعد فرصة تاريخية لتجديد العلاقات بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجالات متعددة. كما يمكن أن تُشكل بداية جديدة تعكس التزام فرنسا بدعم المغرب في قضاياه الحيوية، خاصةً قضية الصحراء، مشيرين إلى أن اتخاذ خطوات فعلية لترجمة الدعم الفرنسي إلى أفعال ملموسة قد يعزز المقترح المغربي في الساحة الدولية.

وفي هذا السياق، يرى المحلل السياسي وعضو المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية إبراهيم بلالي اسويح، أن الزيارة المنتظرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمملكة هي زيارة دولة في سياق إقليمي ودولي استثنائي في تاريخ العلاقات المغربية الفرنسية والتي تعرف فترات مد وزجر كان آخرها الضرر الذي لحق بها في السنتين الماضيتين بسبب الموقف الفرنسي من دعم مغربية الصحراء بشكل رسمي وعلني، وهي الحليف التقليدي للمغرب.

وأشار اسويح ضمن تصريح لجريدة “العمق”، إلى أن إعلان فرنسا تأييد مقترح الحكم الذاتي وسيادة المغرب على صحرائه قد وضع حدا لما كان يثار بشأنه التساؤل عند سبر أغوار التجاذبات بين البلدين، والتي لم تفارق العلاقات الدبلوماسية، إذ بلغت من الضبابية حدا كان ينذر بأن هذه المرة هناك مخاض لولادة علاقة جديدة بين الرباط والإليزيه، ارتهنت لمنظار كلا البلدين وبورصة المؤشر الجيواستراتيجي الإقليمي والدولي.

وأوضح المحلل السياسي أن إشارة الملك في خطابه الأخير بمناسبة افتتاح البرلمان للموقف الفرنسي تستند إلى أهميته في التعاطي الدولي مع طبيعة التسوية السياسية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، بالنظر للأدوار التاريخية والسياسية لفرنسا من مواقع متعددة، سواء من مجلس الأمن أو مجموعة أصدقاء الصحراء أو الاتحاد الأوروبي وبصفتها كذلك الشريك الاستراتيجي والتجاري إذ تستمر فرنسا في صدارة قائمة المستثمرين الأجانب بالمغرب.

ولفت اسويح في هذا الصدد إلى رسالة ماكرون التي اعتبرت أن حاضر ومستقبل الصحراء تحت السيادة المغربية، مؤكدا على أن تطلعها إلى دعم تنمية الأقاليم الجنوبية مؤشر على أن القرار الاقتصادي هو المدخل لتكريس هذه السيادة. مشيرا إلى المناورات الجزائرية التي كانت تهدف من خلال ضغطها على فرنسا بالتلويح بورقة الغاز والاقتصاد Total Énergie، إلى تفادي خلق فرنسا مع إسبانيا طوقاً يعزز من الموقع المريح للمغرب في حسم هذا النزاع المفتعل.

وأكد اسويح على أن زيارة الرئيس الفرنسي في هذه الظرفية ستعزز من فهم فرنسي عميق للمتغير الإقليمي الذي كان وراء حلحلة موقفها، والذي تمت الإشارة إليه في الرسالة التاريخية لماكرون. حيث نضجت الشروط الجيوستراتيجية للمملكة، مما خوّل لها أن تكون حليفا موثوقاً به، بالنظر للعديد من المعطيات التي فرضتها على الساحتين القارية والدولية، بدءً من الريادة الأمنية وصولاً إلى التنمية الجيوستراتيجية، ووصولاً إلى دبلوماسية فاعلة يصعب معها الاستمرار بالتعاطي بالمقاربة السابقة لفرنسا.

وأوضح الأكاديمي ذاته أن الموقف الفرنسي الداعم للأمن الإقليمي للمملكة يمكن أن يساعد الجمهورية الفرنسية في ترتيب بعض أوراقها في رسم تحالفات جديدة، كانت قد فقدت الكثير منها في الآونة الأخيرة بسبب مقاربتها الأمنية والعسكرية، خصوصاً في الساحل وغرب أفريقيا (عملية بارخان) وغيرها. حيث أصبح معه الوجود الفرنسي مرهوناً بسياق الأمن القومي المشترك للبلدين.

وتوقع اسويح أن تكون هذه الزيارة فرصة لتعزيز التعاون والشراكة بين البلدين في مجالات مختلفة، مما يعني حضوراً وازناً للحكومة ورجال الأعمال الفرنسيين. غير أن الرسائل المهمة فيما يتعلق بملف الصحراء المغربية تتجسد في التوجه الذي نهجته الدبلوماسية الملكية من خلال المنظار الذي ترى به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، التي سبق الإعلان عنها من طرف جلالة الملك.

وخلص المتحدث إلى أن حدث الاعتراف بمغربية الصحراء من طرف فرنسا كان نقطة مفصلية دفعت الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء، أنطونيو غوتيريس، للإشارة إليه في تقريره، الذي سيستند عليه القرار المقبل في الفقرة السابعة، على اعتبار أنه “تطور رئيسي”، وفق تعبيره.

العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا