آخر الأخبار

رهان استراتيجي.. مركز بحثي يقترح 7 مداخيل لطرد البوليساريو من الإتحاد الإفريقي

شارك الخبر
مصدر الصورة

سلّط المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات، في أحدث تقرير له، الضوء على حصيلة انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، بعد ما يقارب سبع سنوات، حيث خاضت المملكة المغربية عدة معارك تعكس “الاشتباك الدبلوماسي”، سيما وأن هناك تباينًا بين مواقف منظمة “الاتحاد الإفريقي” ومواقف عدد كبير من أعضائها. إذ أن 34 دولة إفريقية لا تعترف بجبهة البوليساريو الانفصالية، ولذلك من الطبيعي أن يراهن المغرب على طرد “البوليساريو” من المنظمة الإفريقية.

وبحسب التقرير المعنون بـ “انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو.. مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية”، فإن قرار عودة المغرب إلى الحضن الإفريقي يعتبر قرارًا استراتيجيًا وحيويًا، إذ ساهم في إعطاء دفعة قوية وزخم جديد للدبلوماسية المغربية على مستوى آليات الترافع حول قضية الوحدة الترابية من داخل القارة الإفريقية، غير أن هذه العودة لاقت تجاوبًا كبيرًا من لدن حلفاء المغرب، وكذلك معارضة قوية من طرف المحور الموالي للجزائر داخل الرقعة الإفريقية.

وأكد التقرير، الذي أعده ونسقه محمد الزهراوي، رئيس لجنة الخبراء والباحثين بالمركز وأستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن مسار انضمام المغرب إلى منظمة الاتحاد الإفريقي أفرز، منذ العودة إلى اليوم، حالة من التقاطب الحاد بين معسكرين؛ الأول الذي يقوده المغرب، والثاني الذي تقوده الجزائر.

سياقات ومحددات العودة

ذكّر التقرير بأن المغرب قرر العودة إلى الحظيرة الإفريقية بعد مضي 32 سنة من انسحابه من منظمة الاتحاد الإفريقي (الوحدة الإفريقية سابقًا)، من خلال الرسالة التي بعث بها الملك إلى القمة 27 للاتحاد الإفريقي، التي عقدت بالعاصمة الرواندية كيغالي، المتضمنة طلبًا رسميًا بالعودة إلى أحضانه، بعدما أدرك أن سياسة المقعد الشاغر أثرت سلبًا على مصالحه الحيوية، ما ترك المجال للخصوم الذين تمكنوا من تسويق مجموعة من المغالطات التي تمس الوحدة الترابية للمغرب.

وأوضح التقرير أن قرار العودة جاء بالتناغم مع “العقيدة السياسية” الجديدة للمغرب على مستوى الرهانات الدبلوماسية تجاه القارة الإفريقية، وذلك من خلال تكثيف وتنويع العلاقات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والدينية مع مختلف دول إفريقيا، لاسيما أنه بعد إعلان المغرب نيته الانضمام إلى منظمة “الاتحاد الإفريقي” تم تغيير 80 في المائة من المناصب الدبلوماسية بإفريقيا، وفتح خمس سفارات جديدة في تنزانيا ورواندا والموزمبيق وجزر موريس والبنين.

ومن أجل تحقيق هذا الرهان الاستراتيجي، أشار التقرير إلى أن “الملك قاد وأشرف شخصيًا، في تلك المرحلة، على جميع التحركات والمبادرات الميدانية الرامية إلى عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية، حيث أدرك المغرب أن هذا الأمر لن يتحقق إلا بمحاصرة والتصدي لمناورات خصوم وحدته الترابية، ومحاولة اختراق القلاع الموالية لأطروحة الانفصال؛ وذلك عبر نسج علاقات ثنائية في كافة المجالات الاقتصادية والتجارية والاجتماعية مع مختلف دول شرق وغرب ووسط إفريقيا. هذا التحول الاستراتيجي في السياسة الخارجية ظهر بشكل جلي في الزيارات الملكية في تلك الفترة إلى رواندا وتنزانيا وإثيوبيا”.

وسجل المصدر ذاته أن قبول طلب المغرب بالعودة إلى هياكل الاتحاد الإفريقي عرف تأخرًا غير مبرر على مستوى تفاعل هياكل المنظمة مع طلب المغرب، لاسيما بعد مرور قرابة ثمانية أشهر على تقديم طلب الانضمام. مع العلم أن طلب انضمام دولة جنوب السودان تم البت فيه في غضون ثلاثة أسابيع، معتبرا أن “هذا التأخير كان يقف وراءه المحور المعادي للمغرب، والذي تمثله الجزائر وجنوب إفريقيا”.

ويضيف: “في المجمل، ومنذ الإعلان عن رغبة المغرب في العودة إلى الأسرة الإفريقية في قمة كيغالي، في يوليوز 2016، والمصادقة على طلبه يوم 30 يناير 2017 خلال قمة أديس أبابا، خاض المغرب طيلة تسعة أشهر حربًا دبلوماسية غير مسبوقة، دارت رحاها داخل أروقة الاتحاد الإفريقي وامتدت في بعض الأحيان إلى مناطق كانت محسوبة بالأمس القريب على المعاقل التقليدية للجزائر والبوليساريو”.

وأشار التقرير إلى أن خصوم المغرب وظفوا في هذه الحرب كافة الوسائل لعرقلة عودته إلى أسرته المؤسسية، حيث تنوعت تلك الوسائل بين إقحام المفوضية الإفريقية، والبيروقراطية المتفشية داخل هذه المنظمة القارية، واستغلال التعقيدات المسطرية المؤطرة لعمل الاتحاد، بالإضافة إلى محاولة فتح جبهات جديدة لخلط الأوراق، مثل التحركات الاستفزازية في الجنوب (الكركرات) في محاولة لاصطياد رد فعل المملكة وتحركاتها للاحتجاج عليها دوليًا وإقليميًا.

قرار العودة.. محاذير ورهانات

بالتزامن مع انضمام المملكة المغربية إلى منظمة الاتحاد الإفريقي، أبرز التقرير البحثي أن “مجموعة من الأسئلة والتساؤلات تناسلت حول مكاسب ومحاذير العودة المغربية إلى المنظمة الإفريقية، وكيف سيستفيد المغرب من تواجده بالاتحاد للدفاع عن مصالحه الحيوية، وما هي أبرز الرهانات المرتبطة برجوع المغرب إلى موقعه الأصلي باعتباره عضوًا مؤسسًا للعمل المؤسساتي بإفريقيا؟

وكيف سيدبر المغرب علاقاته مع الدول المناصرة للأطروحة الانفصالية من داخل الاتحاد الإفريقي؟ وكيف يمكن التعامل مع هذا الواقع المرتبط بوجود البوليساريو ككيان له كامل العضوية في هذه المنظمة القارية؟ ثم ما هو هامش التحرك والمناورة من داخل الاتحاد الإفريقي للدفاع عن الوحدة الترابية؟ وكيف يمكن تحقيق رهان طرد الكيان الوهمي؟”.

وشدد التقرير على أنه “بالعودة إلى الاتحاد الإفريقي يكون المغرب قد أغلق قوس سياسة الكرسي الفارغ التي انتهجها طيلة ثلاثة عقود منذ انسحابه من هذه المنظمة الإفريقية سنة 1984. وبعودته إلى الأسرة المؤسسية، راهن المغرب على تحقيق مجموعة من المكاسب والرهانات الاستراتيجية التي تتوزع بين تقزيم دور البوليساريو ككيان له كامل العضوية في المرحلة الأولى، في أفق طرده في المرحلة الثانية، والحؤول دون توظيف الجزائر للاتحاد الإفريقي في الصراع مع المغرب”.

“وبقدر ما تتيح عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية من مزايا عدة للدفاع عن مصالحه من داخل الاتحاد، فإن الانضمام وفق الشروط الحالية والسياقات المرتبطة بوجود كيان وهمي يحظى بدعم بعض الدول الإفريقية يطرح إشكالات عديدة ومحاذير قانونية وسياسية سيحاول الخصوم، دون شك، توظيفها لتقييد المغرب وتضييق هامش تحركاته داخل الاتحاد، وجعله يقبل بالوضع القائم الذي يخدم أطروحة الانفصال”، يضيف التقرير.

أول المحاذير التي سجلها التقرير هو الجانب القانوني، حيث توجد بعض العيوب القانونية في النظام الأساسي للاتحاد الإفريقي، من بينها المادة الثانية التي تنص على الالتزام بالدفاع عن سيادة وسلامة الدول الأعضاء، بالإضافة إلى المادة الرابعة التي تنص على “احترام الحدود القائمة وقت الحصول على الاستقلال”، في حين أن المغرب لا يعترف بحدوده الشرقية مع الجزائر، بالإضافة إلى عدم وجود مادة تتحدث عن طرد عضو من الاتحاد، باستثناء المادة 30 التي تتحدث عن تعليق العضوية في حالة انقلابات عسكرية أو ما شابهها.

لذلك، يؤكد التقرير، “فمقابل استراتيجية الجزائر القائمة على محاولة استغلال هذا الوضع من خلال تقديم قراءات وتأويلات خاطئة لهذه البنود الخاصة بالقانون التأسيسي للاتحاد، وجد المغرب نفسه مطوقًا بنصوص قانونية و”ميثاق رمادي” -يعتبر دستور الاتحاد الإفريقي- قد لا يسعف المملكة على الأقل على المدى المتوسط”.

أما المحذور الثاني الذي سجله التقرير فهو سياسي، ويتعلق أساسًا بالتعاطي مع واقع وجود كيان انفصالي يتمتع بكامل الصفة داخل الاتحاد الإفريقي، وكيفية التعامل مع الجوانب المرتبطة بتدبير ملف النزاع في هذه المنظمة القارية. خاصة وأن خصوم المغرب استثمروا غيابه لتوظيف وإقحام الاتحاد في النزاع حول الصحراء لصالح البوليساريو، ويظهر هذا الأمر جليًا من خلال انحياز هذه المنظمة القارية على مستوى مقرراتها وتصريحات مسؤوليها السابقين لأطروحة الانفصال، وتبنيهم للمواقف والشعارات التي تعتبر أن قضية الصحراء “قضية احتلال”.

رهانات ما بعد العودة

التقرير شدد على أن طرد “البوليساريو” من كيان الاتحاد الإفريقي يعتبر رهانًا وهدفًا استراتيجيًا بالنسبة للمغرب بعودته إلى الأسرة المؤسسية، متسائلًا: “لكن، لماذا لم يتمكن المغرب من طرد “البوليساريو” رغم مرور ما يقارب سبع سنوات؟ هل الشروط الموضوعية والقانونية والجيوسياسية لم تنضج بعد؟ وما هي المفاتيح أو المداخل التي يمكن اعتمادها لتحقيق هذا الرهان؟ أسئلة من الممكن أن تساعد على فهم وتفهم “تأخر” الدبلوماسية المغربية في طرد “البوليساريو” ونزع صفة “الدولة” عنها داخل الساحة الإفريقية”.

وأكد التقرير على أن “هناك جهود دبلوماسية مغربية مكثفة غايتها إعادة رسم خريطة التوازنات والتحالفات داخل الساحة الإفريقية لتحجيم وتقليص “هامش” تحرك خصوم المملكة من جهة، وطرد البوليساريو من المنظمة الإفريقية من جهة أخرى”، غير أن هذه “الجهود الدبلوماسية” تعرضت للإنهاك جراء “المعارك الجانبية” التي تقع في الاجتماعات والقمم التي تنعقد بين منظمة الاتحاد الإفريقي وباقي الدول والتجمعات الأخرى، مثل ما وقع خلال شهر شتنبر 2024 في قمة “تيكاد” بين اليابان والاتحاد الإفريقي.

وأبرز التقرير أن الدبلوماسية المغربية، بات بالنسبة لها “منع مشاركة البوليساريو استراتيجيا عوض أن يكون تكتيكيا، بحيث صارت الاشتباكات الدبلوماسية خلال هذه اللقاءات والاجتماعات مناسبة بالنسبة للخصوم لإعادة طرح “النزاع” على الرقعة الدولية ومحاولة تسويقه إعلاميًا ودبلوماسيًا”، مشددًا على أنه لا يمكن للدبلوماسية المغربية تحقيق رهان طرد البوليساريو باعتباره من الرهانات الاستراتيجية دون توفير الظروف والشروط اللازمة وتهيئة الأجواء المناسبة.

وأجمل التقرير تلك “الظروف والشروط اللازمة” في سبع نقاط أساسية تتعلق أساسًا بـ “نسج علاقات براغماتية مع الأصدقاء والخصوم، عبر توظيف المداخل الاقتصادية والتجارية والأمنية والعسكرية والدينية، والبرهنة كذلك بشكل ملموس على المقاربة الإنسانية التي ينهجها المغرب تجاه المواطن الإفريقي من خلال تسويق تجربته في التعامل مع المهاجرين الأفارقة”، بالإضافة إلى “خلق جبهة إفريقية عريضة موالية للمغرب داخل هذه المنظمة، من خلال التنسيق والتشاور مع مختلف دول إفريقيا، ودعم الحلفاء في بعض المواقع الحيوية داخل الاتحاد الإفريقي، مع الحرص على الانتشار بشكل ذكي داخل بعض الأجهزة مثل البرلمان الإفريقي والجمعية العامة والمفوضية الإفريقية ومحكمة حقوق الإنسان”.

أما الشرط الثالث، وفق التقرير، فهو “إقناع الدول الإفريقية بضرورة العمل على تطوير هياكل المنظمة ومراجعة الترسانة القانونية المؤطرة لعملها”، إضافة إلى “إعداد ملف قانوني دقيق حول البوليساريو للدفع بعدم أهليتها للعضوية، يتضمن ثلاث نقاط أساسية؛ الأولى أن البوليساريو تطالب بتقرير المصير وغير معترف بها كدولة من طرف الأمم المتحدة، وهذا تناقض صارخ؛ إذ كيف لها أن تطالب بتقرير المصير وتدعي في الوقت نفسه أنها دولة؟”.

“فيما تتعلق النقطة الثانية بافتقار البوليساريو للمقومات السوسيولوجية للدولة المتعارف عليها، وهذا الأمر يتطلب وجود ثلاثة أركان أساسية: شعب وإقليم وسلطة سياسية، بالإضافة إلى عدم توفرها على المقومات القانونية، وهي الشخصية المعنوية والسيادة. أما النقطة الثالثة، فترتبط بالتمثيلية؛ فالأمر يحتاج إلى نقاش مفتوح داخل هياكل الاتحاد، سيما وأن البوليساريو لا يحق لها ادعاء تمثيل الصحراويين؛ لأن هذا “الادعاء” فيه مغالطة كبيرة. فالجنوب المغربي تُجرى فيه الانتخابات بشكل اعتيادي، وتعرف هذه المناطق أكبر نسبة مشاركة، وهناك صحراويون مغاربة منتخبون في كافة المجالس المحلية والوطنية”.

لقراءة المقال كاملا إضغط هنا للذهاب إلى الموقع الرسمي
العمق المصدر: العمق
شارك الخبر

إقرأ أيضا