في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على الرابط أعلاه للمشاهدة على الموقع الرسمي
تسببت خبرة “غير دقيقة” أو “مزورة” كما يقول المشتكي، باستصدار أحكام قضائية تهدد مهاجرا مغربيا مقيما في فرنسا، بفقدان منزله في مدينة مراكش، الأمر الذي دفع محمد جسوس مالك المنزل إلى طرق أبواب مؤسسات متعددة، آخرها قاضي الاتصال بالسفارة المغربية في العاصمة الفرنسية باريس.
الملف الذي سبق لجريدة “العمق” إثارته قبل عام، في مقال بعنوان “وعد ببيع شقة بالرباط يتحول إلى فقدان فيلا بمراكش واتهامات لخبير محلف بالتزوير”، بدأ بوعد بيع شقة بالرباط تراجعت المشترية عن إتمام الإجراءات واتخاذها موقفا معاديا لجسوس، رفضا لإقدامه على إبلاغها بمهلة فسخ العقد في حال عدم إتمام البيع، لتقوم برفع دعاوى قضائية بعد ذلك آخرها بمراكش انتهى بالحجز على فيلا في ملكية جسوس بحي تاركة بمراكش.
ويرجع المتضرر المشكل كاملا إلى الخبير المحلف الذي أجرى الخبرة التي أمرت بها محكمة مراكش، متهما إياه بـ”تزوير الخبرة”، حيث “قام بالخبر على منزل مجاور لمنزله غير مكتمل البناء، في حين أن المنزل موضوع النزاع، كان مكتمل البناء ومعدا للسكن في وقت إجراء الخبرة”.
وطالب محمد جسوس، السلطات القضائية بمراكش بإجراء خبرة مضادة وباتخاذ اللازم في ملفه، وحمايته من تبعات “التزوير” الذي قام به الخبير والذي وصفه بـ”الخطأ الكبير”.
وبنت المحكمة حكمها الابتدائي الذي تم تأييده استئنافيا، والقاضي ببيع الفيلا التي يملكها جسوس وزوجته في المزاد العلني، على “الخبرة” التي لا تتطابق مع مواصفات المنزل الذي عاينته جريدة “العمق”، كما لا تتطابق مع وثائق وفواتير شراء وتسلم المنزل من الشركة صاحبة المشروع، ولا مع فواتير الماء والكهرباء التي تثبت استغلال المنزل قبل إجراء الخبرة بسنوات.
بالمقابل، رفضت المحكمة ابتدائيا واستئنافيا طلب تنفيذ الحكم بالإفراغ ضد محمد جسوس وزوجته، وذلك بالرغم من الحكم ضده وبيع الفيلا في مزاد علني.
أصل القصة
يحكي جسوس أن بداية القضية تعود إلى 5 مارس 2010، حيث هم ببيع منزله المتواجد بحي السويسي بمدينة الرباط، ووقع مع سيدة تدعى “أ.ب” عقد وعد بالبيع مقابل 3.500.000 درهم، ثم تسلم منها مبلغ 850.000 ألف درهم على أن يتم البيع في أجل أقصاه فاتح يونيو 2010، ثم تم تمديد الأجل إلى 6 دجنبر من السنة نفسها وفق محلق تعديلي للوعد بالبيع تم تحريره لدى الموثقة نفسها.
غير أن هذه الآجال لم يتم احترامها من طرف المشترية التي غابت مدة طويلة إلى أن تجدد معها اللقاء في فبراير من عام 2011، وجددت رغبتها في إتمام عملية البيع، ووقعت التزاما تتعهد من خلاله بالوفاء به في أجل شهرين، مبررة التأخر بعثر الحصول على قرض من البنك.
ويقول جسوس أن المبلغ الذي أخذه مقابل وعد بالبيع قام بتقديمه تسبيقا لإحدى شركات العقارات من أجل بناء فيلا بفضاء السعادة تاركة غاردن بمراكش، وبعدما تأخرت السيدة المذكورة في إتمام بيع عقار الرباط، وجد نفسه محاصرا بين الانتظار وبين ضغط الشركة التي هددته بأن تعتبر التسبيق الذي قدمه “مجرد عربون” وبفقدانه إذا طال تأخره عن إتمام المبلغ المتبقي”.
بداية التوتر
يؤكد المتحدث أن العلاقة كانت طيبة مع السيدة “أ.ب” التي وقع معها وعد البيع بالرغم من تأخرها الطويل، وعدم وفائها بالآجال المحددة في عقد البيع ولا المحددة في الالتزام الذي وقعته بعد ذلك، غير أن إقدامه على إبلاغها عن طريق مفوض قضائي بإمهالها مدة قصير من أجل إتمام البيع أو فسخ العقد “جعلها تغضب وتقرر الدخول معه في حرب، وقالت لي بالحرف: بيننا القانون”، وقال أيضا “إنها رفضت أن تسترجع التسبيق الذي قدمته”.
وأفاد أنه بعد هذه الواقعة اضطر لمباشرة البيع مع شخص آخر، ونظرا للضغط الذي وقع فيه باعه بثمن أقل من السعر المحدد في وعد البيع الأول، حيث باع شقة الرباط بمبلغ 300 مليون سنتيم بدل 335 التي كان يأمل أن يبيع بها وكانت مسطرة في وعد البيع الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه.
اللجوء للقضاء
بعد ذلك لجأت السيدة “أ.ب” إلى القضاء، سنة 2013، في مواجهة جسوس وزوجته متهمة إياهما بجنحتي “النصب عن طريق التصرف في عقار إضرارا بمن سبق التعاقد معه بشأنه وعدم تنفيذ عقد طبقا للفصول 540 و542 و551 من القانون الجنائي”.
وقضت المحكمة الابتدائية بالرباط بخصوص هذه القضية، بتاريخ 20 ماي 2014 بـ”عدم مؤاخذة المتهمين معا من أجل ما نسب إليهما والتصريح ببراءتهما مع إبقاء الصائر على الخزينة العامة، وعدم الاختصاص للبث في المطالب المدنية مع إبقاء الصائر على رافعها”، كما صدر قرار لمحكمة الاستئناف بتاريخ 14 ماي 2016 يتأييد الحكم الابتدائي، وتم إغلاق الملف بقرار مؤيد لمحكمة النقض بتاريخ 15 يونيو 2016.
تهجير القضية
في الوقت الذي برأت المحكمة جسوس وحرمه من الاتهامات ذات الطبيعة الجنحية، لم يتم إغلاق الملف بشكل كامل، حيث رفعت السيدة “أ.ب” دعوى مدنية هذه المرة، لكن ليس في محكمة الرباط بل في محكمة مراكش الابتدائية التي وقضت بتاريخ 18 يوليوز 2017 على جسوس بـ”الحكم على المدعى عليهما بأدائهما لفائدة المدعية مبلغ 850 ألف درهم، كل حسب النسبة التي يملكها في العقار موضوع البيع وقت إبرام العقد المذكور وتحديد الإكراه البدني في الأدني وتحميلهما الصائر”.
وفي هذا الصدد يقول جسوس إن “الحكم تم إصداره غيابيا ولم يكن له علم بالقضية”، وبخصوص تواجد عنوانه الحالي في النص الكامل للحكم القضائي، يبرر جسوس الأمر بـ”تواجده في رحلة علاج في الرباط خلال تلك المدة، وعدم توصله بالاستدعاء والتبليغ”.
ولم يفلح استئناف القضية، حيث تم تسجيل الملف في الاستئناف بتاريخ 18 مارس 2021 وتم الدفع بعدم الاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية بمراكش في الملف المتعلق بالوعد ببيع عقار متواجد في الرباط، وهو الدفع الذي لم تره المحكمة مقنعا وقررت إصدار حكم قطعي برفض الاستئناف وذلك بتاريخ 21 مارس 2023.
الحجز على الفيلا
بين الحكم الابتدائي وطلب الاستئناف، بادرت السيدة “أ.ب” إلى طلب تنفيذ الحكم الابتدائي، وبناء على “عدم القدرة على إيجاد المدعى عليهما بالعنوان المذكور” في الملف، قررت المحكمة الابتدائية بمراكش إرساء مزاد لبيع الفيلا المسجلة في اسم كل من جسوس وزوجته.
وبتاريخ 29 دجنبر 2020 تم تنظيم المزاد العلني الذي تم افتتاحه بسعر 1.503.000 درهم كونه العرض الذي قدم بجلسة سابقة، ولا يعارض الثمن الافتتاحي الذي اقترحه الخبير “م.ب” لبيع العقار، فرسى المزاد على السيدة “أ.ب” التي كانت حاضرة وفق محضر إرساء المزاد الذي تتوفر جريدة “العمق على نسخة منه.
وأورد المحضر الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أنه “عبد استشارة القاضي المكلف بالتنفيذ وموافقته على البيع بالثمن الراسي به المزاد، وبعدما مضى على إرساء المزاد عشرة أيام المنصوص عليها في الفصل 479 من قانون المسطرة المدنية ولم يظهر أي مزايد بالسدس، حضرت عليها المزاد السيدة “أ.ب” وأدت مبلغ 646.013 درهم بصندوق المحكمة (…) والذي يمثل الفرق بين مبلغ الدين المحكوم به لفائدتها مع الصائر بصفتها طالبة التنفيذ وقدره 868.987، والثمن الرسي به المزاد، كما أدت الرسم القضائي بحسب نسبة 3 في المائة من الثمن وقدره 454.450 درهم”.
وتابع المحضر “فأصبح بذلك العقد تاما ناجزا منجزا مستوفيا لكافة شروطه الشكلية والقانونية وأصبحت الراسي عليها المزاد مالكة للعقار المبيع تمليكا تاما وبالتاريخ أعلاه”.
الخبرة “في شك”
وتبقى الخبرة المنجزة من طرف المهندس المعماري والخبير القضائي المحلف “م.ب” مربط الفرس في الملف بأسره، بحيث حدد السعر الافتتاحي للمزاد بـ 1.500.000 درهم، بالمقابل حصلت جريدة “العمق” على عقد البيع الذي نص على أن الثمن الأولي الذي سيقتني به جسوس وحرمه الفيلا المتواجدة بفضاء السعادة تاركة غاردن بمراكش تؤكد أن جسوس هو 2.740.000 درهم.
وجاء في الخبرة التي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منها، والمنجزة بتاريخ 17 يوليوز 2020، أن الفيلا رقم 35 تم إنجاز بها الأشغال الكبرى Semi Fini، وأن “بها مجموعة من العيوب خاصة بأجزاء هيكلتها”، و”أنها “نتيجة الإهمال وعدم استكمال البناء أصبحت مخربة”، وأنها “مهجورة وفي حالة خراب”.
بالمقابل، حصلت جريدة “العمق” على مجموعة من الفواتير الخاصة بنفس الرسم العقاري، صادرة عن الشركة العقارية التي أنجزت المشروع، تؤكد وجود المسبح والبلاط والزخارف والصنابير والشبكة الكهربائية وكل العناصر الأساسية”، كما أن عقد البيع الأول ينص على تسليم الفيلا كاملة.
خبرة أخرى أنجزها خبير ثان، بطلب من دفاع جسوس وزوجته، بتاريخ 22 أبريل 2021 أي بعد ستة أشهر فقط من الخبرة الأولى، أن الفيلا التي تغطي مساحة 368 متر مربع ولها مساحة خضراء وثلاث واجهات ومسبح وبئر، تتوفر على طابق تحت أرضي يتكون من غرفتين، وطابق سفلي متكون من صالون وغرفة وحمام ومطبخ، وطابق أول به غرفة كبيرة لنوم الوالدين مع حمام داخلهما وثلاث غرف للنوم كذلك، وحمامات.
وأكدت الخبرة ذاتها، أن البناء جيد وكامل وأن تكسية الأرضية والأدرج برخام وزليج تقليدي، فيما تم تكسية الجدار الداخلي بصباغة “تدلاكت”، والسقوف بالجبص من النوع الرفيع، ونجارة الخشب لابأس به ونجارة الألمنيوم جيدة، وكما أقر بأن الفيلا مزودة بالماء الساخن وجميع الغرف مكيفة، وخلص إلى أن تقييمه لثمن العقار هو 6400 درهم للمتر المربع، أي ما يساوي 2.350.868 درهم للعقار كاملا.
وفي الوقت الذي لم يشر تقرير الخبير الذي تم بناء عليه تحديد السعر الافتتاحي للمزاد إلى المساحة الكاملة للمنزل، وقع تضارب في المساحة ووصف الرسم العقاري، تم معالجته في “محضر استدراكي” اعتمدته المحافظة العقارية بمراكش لتحويل ملكية العقار من اسم جسوس وزوجته إلى اسم السيدة “أ.ب”.
وجاء في محضر إرساء المزاد المحرر بتاريخ 29 دجنبر 2020 أن العقار أقيم على مساحة 04 آر 54 سنتيار، وهو ما يخالف المساحة المضمنة في شهادة الملكية، فتم إصدار محضر استداركي بتاريخ 13 يناير 2021 مكون من القسمة المفرزة رقم 40، مساحتها 04 آر و23 سنتيار، والقسمة المفرزة رقم 40A مساحتها 59 سنتيار المشتملة على قبو بالطابق تحت الأرضي، والقسمة المفرزة رقم 40B مساحتها 1 آر 54 سنتيار المشتملة على فيلا بالطابق الأول.