ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الثلاثاء، أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي يواجه "تسوية مؤلمة" قد تجبره على التخلي عن أجزاء من التراب الأوكراني مقابل حصوله على ضمانات أمنية مدعومة من الولايات المتحدة وأوروبا، من أجل تحقيق السلام.
وأسفرت المحادثات المكثفة بين الرئيس الأوكراني وحلفائه الأوروبيين والوفد الأميركي المفاوض عن إحراز تقدم بشأن الضمانات الأمنية التي ستقدم لكييف، غير أن موسكو اعترضت على جزء منها.
وأعرب زيلينسكي عن تفاؤل حذر ومتوتر إزاء الضمانات المقترحة لحفظ الأمن الأوكراني المستقبلي، شرط أن تكون مفصلة ومؤكدة من قبل الكونغرس الأميركي، لكنه أشار إلى أن ما سيجعل هذه الضمانات مقبولة لأوكرانيا قد يدفع روسيا لرفضها.
وجاءت تصريحات زيلينسكي عقب يومين من المحادثات حول مقترحات السلام مع مفوضين من أوروبا والولايات المتحدة، وتوصلوا إلى اتفاق أمني سيمنح لأوكرانيا ضمانات أمنية شبيهة بعضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وأقر زيلينسكي أن الولايات المتحدة قطعت شوطا كبيرا في توضيح نوع الضمانات الأمنية التي تقدمها أوكرانيا في أي اتفاق سلام، مشيرا إلى أن التفاصيل المهمة ما تزال بحاجة إلى التسوية.
وأكد أن حصول بلاده على ضمانات أمنية من أوروبا والولايات المتحدة شرط أساسي قبل أن تقدم بلاده أي تنازلات إقليمية.
وبرزت مسألة الضمانات الأمنية وحدود الأراضي كنقطتين خلافيتين رئيسيتين في المحادثات.
وصف الرئيس الأوكراني هذا النوع من المقايضة، أي الضمانات مقال الأراضي، بـ"التسوية المؤلمة"، مضيفا أنه ولم يوافق عليه بعد.
ويصر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تخلي كييف عن نحو 14 بالمئة من إقليم دونباس شرق أوكرانيا، رغم أن قواته لم تسيطر عليها بالكامل.
ويحظى هذا المطلب بدعم المسؤولين من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولم تفلح جهود الإدارة الأميركية في إيجاد حل مثل تحويل المنطقة إلى منطقة منزوعة السلاح، وما زال زيلينسكي يجادل بأن القوات الروسية لن تنسحب حتى لو انسحبت القوات الأوكرانية من دونباس.
وقال زيلينسكي في مؤتمر صحفي، الإثنين، في برلين: "كان هناك ما يكفي من الحوار حول مسألة الأراضي، يبدو لي أن لدينا مواقف مختلفة حتى الآن، بصراحة أعتقد أن زملائي سمعوا موقفي الشخصي".
ولهذا يصر زيلينسكي، مؤازرا بدعم أوروبي، على الحصول على ضمانات أمنية، ولكن كلما زادت قوة الضمانات، كلما زاد احتمال رفض روسيا لها.
وقال مسؤول أوكراني رفيع إن الضمانات الأمنية ما زالت بحاجة إلى الكثير من العمل حتى تلبي مطالب كييف.
وأعرب قادة أوروبيون، عن تفاؤلهم إزاء أخذ واشنطن المخاوف الأوكرانية والأوروبية على محمل الجد.
اتفق الأوروبيون والأميركيون على إنشاء قوة عسكرية في أوكرانيا بعد الحرب، تقودها أوروبا وتدعمها واشنطن، بهدف دعم إعادة بناء القوات الأوكرانية، وتأمين أجوائها، ودعم سلامة البحار، كجزء من الضمانات.
غير أن روسيا دأبت على رفض أي تسوية تسمح بوجود قوات من دول أعضاء في "الناتو" داخل أوكرانيا.
وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، الثلاثاء، إن موسكو غير مستعدة لتقديم تنازلات تتعلق بالأراضي في المحادثات الرامية لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وأوضح ريابكوف أن وجود أي قوات أجنبية في أوكرانيا يمثل "خطا أحمر" لموسكو، مضيفا: "نحن منفتحون على مناقشة حلول محتملة، لكننا لن نقبل، أو ندعم، أو نوافق، أو نتسامح، تحت أي ظرف، مع وجود قوات الناتو على الأراضي الأوكرانية"، بحسب ما نقلته وكالة "تاس".
وعندما سئل عن احتمال نشر قوات أوروبية في أوكرانيا خارج إطار " الناتو"، أجاب ريابكوف: "لا، لا، ولا مرة أخرى".
وأبدى زيلنسكي شكوكه حول ما إذا كانت واشنطن وأوروبا ستخوضان حربا ضد روسيا إذا انهار اتفاق السلام، في ظل رفضهما القتال من أجل أوكرانيا بعد الغزو الروسي في فبراير 2022، وفقا للصحيفة.
لكنه أعرب عن أمله أن تفرض الولايات المتحدة عقوبات إضافية على موسكو، وتزود أوكرانيا بالمزيد من الأسلحة لمواصلة القتال في حال رفض بوتين جهود السلام.
المصدر:
سكاي نيوز