آخر الأخبار

نار حرب غزة تصل صناعة السينما الفلسطينية والإسرائيلية

شارك
فيلم ”No Other Land“ يفوز بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي هذا العامصورة من: Jordan Strauss/Invision/dpa/picture alliance

سيتضح ما إذا كانت خطة السلام التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمثل نقطة تحول في حرب غزة أم أنها مجرد محاولة لتغيير تغطية وسائل الإعلام للصراع.

التحدي المباشر الذي يواجه صانعي الأفلام من إسرائيل والمناطق الفلسطينية المحتلة يتجاوز الجوانب الجيوسياسية إلى تسويق إنتاجهم ليصل إلى الجمهور.

نادراً ما كان صعباً بيع إنتاج المخرجين الفلسطينيين والإسرائيليين للجمهور الدولي أكثر مما هو اليوم. حتى الأفلام التي تفوز بجوائز كبرى في مهرجانات مرموقة أو حتى الأفلام الحائزة على جائزة الأوسكار تواجه صعوبة في العثور على موزعين يعرضونها في دور السينما، لا سيما في بلدان مثل الولايات المتحدة وألمانيا حيث يسيطر الاستقطاب على النقاشات المتعلقة بغزة.

لا موزع أمريكي للأفلام الحائزة على جائزة الأوسكار

عندما فاز فيلم ”No Other Land“ (لا أرض أخرى) بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي هذا العام كان من المفترض أن يضمن ذلك عرضه في جميع أنحاء العالم. لكن في الواقع لم يجد الفيلم الذي يتناول التهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربية موزعاً في الولايات المتحدة. فقام صانعو الفيلم، وهم مجموعة من النشطاء الإسرائيليين و الفلسطينيين ، بتوزيع وبيع عملهم بأنفسهم. رافقت العروض في الولايات المتحدة احتجاجات ومقاومة سياسية لكن قاعات السينما المكتظة بالجمهور حققت أكثر من مليوني دولار في شباك التذاكر.

”No Other Land“ يتناول التهجير القسري للفلسطينيين في الضفة الغربيةصورة من: TFS/Capital Pictures/IMAGO

واجهت المخرجة التونسية كوثر بن هنية عقبات مماثلة في فيلمها ”The Voice of Hind Rajab“ (صوت هند رجب). يتناول الفيلم القصة الحقيقية لفتاة صغيرة قُتلت في غزة على يد القوات الإسرائيلية. حاول مسعفو الهلال الأحمر إنقاذها دون جدوى. حظي الفيلم بتصفيق حار لمدة 24 دقيقة في مهرجان البندقية السينمائي وفاز بجائزة الأسد الفضي للمهرجان. كما حظي بدعم بارز من براد بيت وجواكين فينيكس كمنتجين تنفيذيين.

"ليس لدي أي سلطة سياسية. أنا لست ناشطة. لدي حرفة أمارسها وأتقنها بعض الشيء: السينما"، تقول كوثر بن هنية. لكن حتى وقت إعداد هذا التقرير لم يوافق أي موزع أمريكي أو ألماني على عرض فيلم "صوت هند رجب".

"ليس هناك الكثير من الموزعين المستعدين للمخاطرة بهذه الأفلام ، لأنها سياسية وتعبّر عن موقف معين"، يقول حمزة علي، المؤسس المشارك في شركة Watermelon Pictures. وقد عرضت شركة التوزيع الأمريكية بالفعل فيلمي ”From Ground Zero“ (من المسافة صفر) و”The Encampments“ (المعسكرات) الوثائقيين عن غزة في دور السينما.

ونظرا لأن شركات التوزيع الكبرى لم تكن مستعدة حتى الآن للانخراط في هذا المجال فإن شركة Watermelon Pictures تعرض الآن فيلمين فلسطينيين جديدين: الفيلم التاريخي الدرامي ”Palestine 36“ (فلسطين 36) لآنماري جاسر الذي رشح للأوسكار، وفيلم "اللي باقي منك" لشيرين دعيبس الذي أحدث ضجة في مهرجان صندانس السينمائي الأمريكي. هذا الفيلم الدرامي الفلسطيني الذي يصور قصص عدة أجيال من الفلسطينيين هو المرشح الرسمي للأردن لجائزة الأوسكار لعام 2026.

"صوت هند رجب" يفوز بجائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقيةصورة من: Mime Films/Tanit Films/AP Photo/picture alliance

ضغوط على صانعي الأفلام الإسرائيليين في داخل وخارج بلدهم

لكن القصص الفلسطينية ليست وحدها التي تواجه مقاومة. فيلم باري أفريش الوثائقي الإسرائيلي ”The Road Between Us: The Ultimate Rescue“ (الطريق بيننا: الإنقاذ النهائي) يتناول قصة جنرال متقاعد انطلق لإنقاذ عائلته من كيبوتس بعد أن تعرض هذا الأخير لهجوم من قبل حركة حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي لهذا العام تم سحب الفيلم من البرنامج في البداية قبل أن يتم إعادة إدراجه بعد احتجاجات. فاز الفيلم في النهاية بجائزة اختيار الجمهور People's Choice Award للمهرجان.

يشعر المخرجون الإسرائيليون بالضغط داخل البلاد وخارجها على حد سواء. في أوائل أيلول/سبتمبر وقع عدد من نجوم هوليوود من بينهم الحائزون على جائزة الأوسكار أوليفيا كولمان وتيلدا سوينتون وخافيير بارديم وإيما ستون على بيان تعهدوا فيه بمقاطعة التعاون مع المؤسسات والشركات السينمائية الإسرائيلية "المتورطة في الإبادة الجماعية والفصل العنصري ضد الشعب الفلسطيني".

"أصبح من الصعب للغاية تنفيذ إنتاجات مشتركة مع فرنسا وألمانيا وكندا"، يقول أساف أمير، رئيس الأكاديمية الإسرائيلية للسينما والتلفزيون، واصفاً الصعوبات التي يواجهها صانعو الأفلام الإسرائيليون في الحصول على تمويل لأفلامهم الجديدة. "كما أصبح من الصعب بيع الأفلام الإسرائيلية على المستوى الدولي. تتجنب الشركات المضايقات المرتبطة بربط اسمها بفيلم إسرائيلي".

عندما فاز فيلم "البحر" للمخرج شاي كارميلي-بولاك بجائزة أوفير لأفضل فيلم وهي أعلى جائزة سينمائية في إسرائيل وأصبح بذلك المرشح الرسمي لإسرائيل لجائزة الأوسكار أعلن وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهار أنه سيقوم بإلغاء جميع التمويلات العامة لحفل توزيع الجوائز. ووصف الفوز بأنه "مخزي".

يروي الفيلم قصة صبي فلسطيني يبلغ من العمر 12 عاماً يخاطر بحياته ليرى البحر لأول مرة. للوصول إلى شاطئ تل أبيب عليه أن يمر عبر نقاط التفتيش العسكرية والشرطة.

وصرح وزير الثقافة ميكي زوهار في بيان أن الصورة السلبية التي يظهر بها الجنود الإسرائيليون في الفيلم هي "صفعة على وجه المواطنين الإسرائيليين". وأضاف أن حفل توزيع جوائز أوفير لن يتم تمويله من أموال الضرائب اعتباراً من العام المقبل: "تحت إشرافي لن يدفع المواطنون الإسرائيليون من جيوبهم ثمن حفل يهين جنودنا الأبطال".

"تستهدف الحكومة الإسرائيلية الأصوات التي تعارضها وتحاول إسكاتها"، يقول أساف أمير. لكن اختيار فيلم "البحر" كمرشح إسرائيلي للأوسكار يظهر أن الصناعة لا تستسلم، كما يؤكد رئيس الأكاديمية الإسرائيلية للسينما والتلفزيون. "حقيقة أن المجتمع الإسرائيلي اختار هذا الفيلم تظهر أن هناك أملاً في الحوار. وليس مجرد أمل، بل نحن نواصل الكفاح".

أعده لعربية: م.أ.م

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار