بعد عامين من حرب غزة، تتجه الآمال صوب اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة والإفراج عن رهائن وأسرى، ينتظر توقيعه الخميس في مصر، ليَضع “نقطة نهاية” لحرب مدمرة شدت أنظار الرأي العام العالمي وغيرت عددا من مواقف الدول الغربية تجاه الوجود الاحتلالي لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
وفي منشور على منصته “تروث سوشال” للتواصل الاجتماعي، كتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب زافّا هذا الخبر للعالم: “أنا فخور بإعلان أن إسرائيل و”حماس” وافقتا على المرحلة الأولى” من الخطة”.
وأضاف ترامب في المنشور عينه أن اتفاق الطرفين سالفي الذكر “يعني أنه سيتم إطلاق سراح جميع الرهائن قريبا جدا، وستسحب إسرائيل قواتها إلى الخط المتفق عليه؛ وهي الخطوات الأولى نحو سلام قوي ودائم وأبدي”.
سارعت المملكة المغربية، التي يرأس عاهلها الملك محمد السادس لجنة القدس، إلى الترحيب بالتوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وفق بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، جاء فيه أن بلادنا “تُعرب عن تقديرها البالغ للمساعي الحثيثة والانخراط الشخصي لفخامة الرئيس دونالد ترامب، والتي أسهمت بشكل حاسم في التوصل إلى هذه النتيجة الباعثة على الأمل، كما تثمن الجهود الدؤوبة لكافة الوسطاء”.
وأضاف البلاغ أن “المملكة المغربية تدعو كل الأطراف إلى التنفيذ الكامل لهذا الاتفاق، بما يسمح بحفظ الأرواح، وإطلاق سراح الرهائن والسجناء، ودخول المساعدات الإنسانية بشكل سريع وكاف، وبدء عملية إعادة الإعمار، وفتح آفاق حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية”.
وأكد المغرب، في موقف رسمي، “استعداده التام للمساهمة الفاعلة في كافة المراحل والمسارات المتفق عليها، بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني ويدعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.
وحسب وكالة “فرانس برس”، فالاتفاق ثمرةُ “مفاوضات غير مباشرة استمرت أربعة أيام، جرت بعيدا عن الأضواء في منتجع شرم الشيخ بمصر، وشارك فيها وسطاء أمريكيون ومصريون وأتراك وقطريون”.
واستأثر الاتفاق ذاته بتفاعل واسع أيضا من لدن فعاليات مدنية وهيئات تنظيمية داعمة للشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع في المغرب؛ أبرزها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، وحزب العدالة والتنمية.
وأجمعت معظم التفاعلات المغربية المدنية على الترحيب بلغة “إشادة بصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته”، معبرة عن تثمين مضامين الاتفاق الذي سيكون تطبيق “المرحلة الأولى” منه حاسما في رسم خريطة إنهاء الحرب وإقرار هدنة طويلة الأمد.
وجاء في بيان للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بخصوص اتفاق إنهاء الحرب على غزة، صدر زوال الخميس: “تلقينا في الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بارتياح كبير إعلان حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التوصل إلى اتفاق يقضي بإنهاء الحرب على غزة، وانسحاب الاحتلال الصهيوني منها، ودخول المساعدات، وتبادل الأسرى، بعد المفاوضات التي خاضتها بذكاء كبير ووطنية عالية الحركة وفصائل المقاومة الفلسطينية حول المقترح الأخير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
كما عبّر الحزب، الذي يشمل إلى جانب فعاليات أخرى عضوية “مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين”، عن “شكره للدول العربية والإسلامية التي ساهمت في إنجاح المفاوضات، مشيدا على الخصوص بالمبادرة الأمريكية الأخيرة التي تلت لقاء الرئيس الأمريكي بقادة عرب ومسلمين في نيويورك، و”بالجهود الدبلوماسية التي مارستها بعض الدول لتسهيل المفاوضات والضغط على إسرائيل للقبول بشروط المقاومة” حسب تعبيره.
وأشاد البيان بـ”المبادرات الإنسانية للملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، الهادفة إلى التخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الحصار، داعيا المجتمع الدولي إلى ضمان تنفيذ الاتفاق بشكل كامل ومنع إسرائيل من التنصل من التزاماتها”.
وختم البيان بالتأكيد على ضرورة مواكبة اتفاق وقف إطلاق النار بمسار عدالة دولية يضمن محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين أمام محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية؛ وفي مقدمتهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ترسيخا لمبدأ عدم الإفلات من العقاب وحماية للسلم والأمن الدوليين.
من جهته، قال محمد الغفري، المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع: “نُرحب بأي هدنة وسِلم معلن يسهم في استقرار الأوضاع المشتعلة في المنطقة منذ عامَين”، مشددا على أن “الاتفاق يؤكد طرح المقاومة الفلسطينية وصمودها الميداني وكذا قوتها التفاوضية (…) لأنه وصل إلى نتائج إيجابية وتفاهمات عبر طاولة المفاوضات، حيث فشل الكيان الصهيوني في فرض أهدافه بالقوة العسكرية والإبادة وتأكد أن إعادة الرهائن ممكنة فقط بالتفاوض”.
وتابع الغفري، في تصريح لهسبريس، “ستكون الـ72 ساعة المقبلة حاسمة في مسار إنهاء الحرب ووضع حد لمأساة الشعب الفلسطيني”، منوها إلى أن “من بين البنود المتفق بشأنها فتح معبر رفح لإدخال المساعدات وانسحاب لخطوط متفق بشأنها، إضافة إلى نقاط أخرى إيجابية نثمنها”.
بعد إشارته إلى أن إسرائيل “فشلت في مخططها لتهجير الشعب الفلسطيني”، أفاد المنسق الوطني للجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بأن “دعم الجبهة ومكوناتها للشعب الفلسطيني وتحرره قائم ومستمرٌ من خلال مطلب إسقاط التطبيع.. وهو ما سيبقي احتجاجاتنا قائمة ما دامت الأسباب قائمة” بتعبيره.
وفي هذا الصدد، زاد الفاعل المدني ذاته منبها إلى أن “الجبهة تأسست قبل اندلاع حرب غزة (منذ فبراير 2021)، وتَعمل على محورين: التضامن مع الشعب الفلسطيني ومناهضة التطبيع، بمشاركة هيئات سياسية وحقوقية ونقابية”.
وأضاف الغفري أن “أي تهدئة أو اتفاق سلام مرحب به من حيث تخفيف المعاناة الإنسانية، غير أن ذلك لا يعني وقف الحراك المناهض للتطبيع ولا إسكات صوت التضامن الشعبي مع فلسطين”.
وبخصوص الاتفاق الأخير، أوضح المصرح لهسبريس أن “بنوده تشير إلى تجميد سلاح المقاومة مؤقتا وليس نزعه، بما يعني تقليص الظهور المسلح دون المساس بجوهر الردع المقاوم.
واعتبر المنسق الوطني للجبهة سالفة الذكر أن “مجرد وصول المقاومة إلى طاولة مفاوضات تنتهي باتفاق تبادل وإطلاق رهائن يُعد انتصارا سياسيا ومعنويا لها، خصوصا في مواجهة آلة عسكرية إسرائيلية مدعومة لوجستيا واستخباراتيا من قوى غربية عديدة.
كما شدد الغفري “على صمود الغزيين ورفضهم التهجير رغم التجويع والتهديدات؛ وهو ما رسخ مكاسب أخلاقية وشعبية للمقاومة”، داعيا إلى “تفاؤل حذر في ظل احتمال خرق نتنياهو للاتفاق رغم الضمانات الأمريكية، مع التأكيد على أن الجبهة وأحرار العالم سيواصلون مراقبة التنفيذ عن كثب، في ظل وجود بنود معلنة وأخرى غير معلنة في الاتفاق”.