على الرغم من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في أكتوبر/تشرين الأول، لا يزال آلاف الغزيين يعيشون في خيام بدائية غير قادرة على حمايتهم من الأمطار والعوامل الجوية القاسية. وقد غمرت المياه مخيمات النازحين، التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ وتراكم النفايات والمياه العادمة، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض المعدية.
أعرب أطباء ومنظمات إنسانية عن قلقهم البالغ إزاء التلوث البيئي الناجم عن العاصفة الأخيرة. فقد تسببت مياه الأمطار في غمر مخيمات النازحين، وجرفت معها النفايات والمخلفات البشرية نحو المناطق السكنية، مما يجعل الحفاظ على النظافة أمراً شبه مستحيل.
أكدت تيس إنغرام، المتحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والتي تقيم حالياً في قطاع غزة، تسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات الإسهال والأمراض المعدية الأخرى. وأشارت إلى أنها شاهدت أطفالاً يمشون حفاة الأقدام وبلا معاطف واقية وسط مستنقعات الطين.
صرحت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة "غيشا" الحقوقية الإسرائيلية، بأن الوضع المأساوي في غزة "ليس كارثة طبيعية، بل هو كارثة كانت متوقعة ومعروفة مسبقاً". وأضافت أن "إسرائيل تتحمل المسؤولية الكاملة عن الأرواح التي ستزهق والمعاناة الهائلة التي يعيشها المدنيون".
استعداداً للعاصفة، قامت الأمم المتحدة وبعض الجهات الأخرى بتنفيذ عملية لتفريغ حوض للصرف الصحي ومياه الفيضانات في وسط قطاع غزة، وذلك خشية حدوث فيضان. كما جرت عمليات لتوزيع الخيام والأغطية المشمعة والبطانيات والملابس الشتوية على الأسر المتضررة. ومع ذلك، لا يزال العديد من الأفراد يعيشون في خيام ممزقة وغير قادرة على توفير أي حماية من الأمطار والبرد.
أفاد مسؤولون كبار في بلدية غزة ومنظمات الإغاثة بأنه على الرغم من وقف إطلاق النار، لم يتم إدخال أي دعم حقيقي إلى قطاع غزة بهدف حماية السكان من العواصف والأحوال الجوية القاسية. وأوضحوا أنه لم يتم إدخال أي خيام مقاومة للماء، أو بيوت متنقلة، أو أي حلول سكنية شتوية أخرى. وأشاروا إلى أن البضائع المدنية التي تم إدخالها مؤخراً كانت من قبل تجار من القطاع الخاص، وليست جزءاً من منظومة مساعدات إنسانية منظمة.
أكد مصدر في بلدية غزة أنه "تم تدمير جميع أنظمة الصرف الصحي والمياه والكهرباء بشكل كامل. ولا يوجد أي مؤشر على حدوث تحسن أو البدء في عملية إعادة إعمار فعلية". وكشف مسؤول كبير آخر أن المعدات الهندسية التي تم إدخالها إلى القطاع مؤخراً لم تستخدم في إعادة الإعمار المدني، بل استخدمت الجرافات لفتح بعض الطرق أو تنفيذ أعمال محددة، وليس كجزء من برنامج إعادة إعمار منظم.
وصفت سلمى، وهي صحفية تقيم في شمال قطاع غزة، الوضع قائلة: "البنية التحتية مدمرة بالكامل بعد عامين من الحرب. ولا يوجد حل قادر على توفير استجابة كافية. الحل الوحيد هو الإسراع في عملية إعادة الإعمار، إذا حدث ذلك".
أشار الدكتور محمد أبو سلمية، مدير مستشفى الشفاء في غزة، إلى وجود ازدياد ملحوظ في حالات انخفاض حرارة الجسم بين الأطفال، وارتفاع في حالات إدخال كبار السن ومرضى القلب والجهاز التنفسي إلى المستشفيات. وأضاف: "نحذر من أن استمرار تأثير الأحوال الجوية قد يؤدي إلى ارتفاع في معدل الوفيات، خاصة بين الرضع والحوامل وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة. ويتفاقم الخطر بسبب النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية".
المصدر:
القدس