واشنطن ستُعلن قريباً تشكيل "مجلس السلام في غزة"
المرحلة الراهنة تتركّز على ضمان دخول الإغاثة العاجلة لإنقاذ سكان غزة
الولايات المتحدة تدفع باتجاه تشكيل قوة استقرار لمعالجة "مشكلة الخط الأصفر"
إعادة إعمار غزة ستتطلب مليارات الدولارات وسيشارك العالم كله في دفع تكلفتها
في تصريح هو الأوّل لصحيفة فلسطينية، كشف المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة السفير مايك والتز، خلال مقابلة حصرية مع صحيفة "ے"، أمس، أن واشنطن لم تُعلن رسمياً بعد تشكيل "مجلس السلام في غزة"، رغم التقديرات بقرب انضمام عدد من الدول إلى هذا الإطار الجديد.
وأوضح والتز أن المجلس المزمع تشكيله يأتي بتفويض من مجلس الأمن للإشراف على العملية التي يقودها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الهادفة لإعادة الإعمار عبر حكومة تكنوقراط فلسطينية، وتعمل على إعادة بناء البنى التحتية والخدمات الأساسية بدعم من البنك الدولي والمجتمع الدولي.
وقال والتز لصحيفة "ے" أمس الأربعاء أثناء زيارته القدس المحتلة، إنّه لا يوجد حتى الآن إعلان رسمي عن تشكيل "مجلس السلام في غزة"، إلا أنه من المتوقع انضمام عدد من الدول إليه خلال الفترة المقبلة. وأوضح والتز أن مجلس الأمن فوّض هذا المجلس بالإشراف على العملية التي يقودها الرئيس ترمب، والتي ترتكز على ثلاث مراحل رئيسية.
ويأتي في مقدمة هذه المرحلة توفير التمويل عبر البنك الدولي، بما يتيح للمجتمع الدولي دعم جهود إعادة الإعمار ومختلف المهام الموكلة إلى السلطة الانتقالية، المؤلفة من حكومة تكنوقراط فلسطينية، بدءاً من إعادة بناء البنى التحتية الأساسية، مروراً بقطاعات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، وصولاً إلى إعادة تأسيس الخدمات الحكومية الحيوية.
وأضاف: إن مجلس السلام سيتولى الإشراف على هذه المهام، على أن يتم الإعلان عنه رسمياً قريباً.
وأضاف لـ"ے": ستكون هناك آلية واضحة بهذا الخصوص. وقد التقيت السيد رياض منصور، المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة والفريق الفلسطيني العامل معه خلال مفاوضات مجلس الأمن، للتأكد من أن صوتهم مسموع بالكامل، وكان آخر تواصل معهم قبل هذه الزيارة مباشرة.
وأكد والتز وجود مستوى عالٍ من التواصل مع الجانب الفلسطيني، موضحاً أن الولايات المتحدة تجري اتصالات مع القيادة في رام الله، سواء عبر السلطة الفلسطينية أو من خلال السلطة الانتقالية، إضافة إلى تواصلها مع الجهات الحكومية ذات الصلة.
وفي ما يتعلق بالمساعدات الإنسانية، أوضح والتز أن "المرحلة الراهنة تتركّز على ضمان دخول الإغاثة العاجلة لإنقاذ سكان غزة"، مرحّباً بقرار إعادة فتح جسر الملك حسين، الذي وصفه بالممر الإنساني الأردني.
وأضاف أنه خلال زيارته الأخيرة إلى عمّان اطّلع على مستودعات الأمم المتحدة واليونيسف المكدّسة بالأدوية والمواد الإغاثية، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة قدّمت أكثر من 100 مليون دولار لبناء هذه المستودعات، إضافة إلى 50 مليون دولار لشراء أسطول جديد من الشاحنات.
وأكد أن جميع الترتيبات اللوجستية باتت جاهزة، وأن واشنطن تطالب الحكومة الإسرائيلية بإزالة العقبات البيروقراطية وتوفير الآليات اللازمة لتمكين خروج الشاحنات.
ولفت إلى أن قوافل المساعدات تتحرك نحو غزة بالفعل، مع تطبيق الإجراءات الأمنية المطلوبة لضمان وصولها إلى مستحقيها.
وأضاف: "أود أن أؤكد أن عدد الشاحنات المتجهة إلى غزة الآن يفوق ما كان مطلوباً ضمن خطة السلام؛ ففي الأسابيع الثلاثة الماضية تجاوز العدد 4200 شاحنة. ونتوقع زيادة إضافية هذا الشهر، وقد وصلت الأعداد الأسبوع الماضي إلى أكثر من 100 شاحنة يومياً، مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل شهر، فهذا ارتفاع كبير، ونبذل جهداً كبيراً لايصال المساعدات. لقد شاهدت خلال زيارتي الأردن الخيام على الشاحنات في جسر اللنبي، وأتطلع لرؤيتها تصل إلى غزة".
وتابع قائلاً: "تحدثت خلال زيارتي مع الخبراء والمهندسين الأمريكيين الذين يعملون مع المصريين والأردنيين وآخرين لإزالة الركام في غزة وإزالة الذخائر غير المنفجرة وتهيئة المساحات اللازمة لإقامة الخيام والبيوت المؤقتة".
وأشار والتز إلى أن الولايات المتحدة تعمل على الدفع باتجاه تشكيل قوة استقرار لمعالجة ما يُعرف بـ"مشكلة الخط الأصفر"، لافتاً إلى وجود محادثات متقدمة مع أذربيجان وإندونيسيا وإيطاليا وعدد من الدول الأخرى بهذا الشأن. ووفقاً للخطة الأمريكية، فإن انتشار قوة الاستقرار يفترض أن يتزامن مع انسحاب قوات الجيش الإسرائيلي من المناطق المعنية.
وفي المرحلة التالية من مسار السلام، أوضح أن الولايات المتحدة تعلم أن حركة "حماس" تعرف أماكن جثامين القتلى، ويجب تسليمها، باعتبار ذلك شرطاً أساسياً للانتقال إلى المرحلة الثانية، لكننا اليوم نعمل على الأرض؛ فعدد الشاحنات ارتفع من صفر إلى أكثر من 600 شاحنة يومياً خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وتجري عمليات إزالة الركام في غزة.
ويقول والتز: "نحن لا ننتظر، بل نعمل على تهيئة الظروف لإدخال الملاجئ المؤقتة وتأمين الغذاء للناس، مع ضمان وصول المساعدات لمستحقيها، وعدم استخدامها لجعل حركة "حماس" ثرية، وهو الجانب الأصعب من العملية لكنه ضروري، ونحن مصممون على إنجاحه".
وتابع: إعادة إعمار غزة ستتطلب مليارات الدولارات، وسيشارك العالم كله في دفع تكلفتها. والولايات المتحدة ستساهم أيضاً، فهي أكبر مانح إنساني في العالم، وأكبر داعم للأمم المتحدة. وبوصفنا دولة تقود العالم الحر، نرى أنه من واجبنا مساعدة الناس هنا، ونحن مصممون على القيام بذلك.
وفي ما يتعلق بسلاح حركة "حماس"، شدد والتز على أن الحركة مطالَبة بالتخلي عن سلاحها، مؤكداً أن الرئيس ترمب عبّر بوضوح عن هذا الموقف، وأن عملية نزع السلاح ستتم "بطريقة أو بأخرى". وأوضح أن الأمر لا يقتصر على الموقف الأمريكي فحسب، بل يحظى أيضاً بتأييد مصر وقطر وتركيا والسعودية والإمارات والسلطة الفلسطينية، مشيراً إلى أن جميع هذه الأطراف أعلنت دعمها الصريح للخطة.
ووجّه والتز رسالة إلى الشعب الفلسطيني دعاهم فيها إلى التمسك بالأمل، مؤكداً أن الرئيس ترمب وإدارته ماضون بجدّية في المسار الهادف إلى تحقيق السلام، في ما وصفه بأفضل فرصة منذ سنوات طويلة. وقال: إن العالم بأسره يترقّب تثبيت وقف إطلاق النار، مشيراً إلى أنّ مطلب الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين تحقق، وأن الهدنة لا تزال صامدة حتى الآن، فيما تستمر شاحنات المساعدات بالدخول إلى القطاع.
وأضاف: إن الخطة التي طرحتها الولايات المتحدة حظيت بتأييد واسع في مجلس الأمن بتصويت 13 دولة من دون معارضة، مؤكداً عزم واشنطن على تنفيذها.
وأشار إلى وجود 21 دولة ضمن مركز التنسيق الدولي لمتابعة تنفيذ الخطة، وتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة، ووضع حد لدائرة العنف المستمرة.
المصدر:
القدس