آخر الأخبار

الضفة الغربية تحت وطأة العنف الممنهج: شهادات ورؤى حول تصاعد القمع الإسرائيلي

شارك

يشهد الفلسطينيون في الضفة الغربية تصاعدًا غير مسبوق في وتيرة العنف الممارس ضدهم، حيث تتنوع أساليب القمع بين إطلاق النار المميت من قبل قوات الاحتلال، والاعتداءات الوحشية التي يشنها المستوطنون، بالإضافة إلى المداهمات والاعتقالات التعسفية، والتعذيب الممنهج داخل السجون، مما يخلق مناخًا من الرعب والإرهاب.

خلال العامين الماضيين، شهدت الضفة الغربية تحولًا عميقًا، حيث تفرض إسرائيل، من خلال جيشها ومستوطنيها وأجهزتها الأمنية، نمطًا جديدًا من السيطرة يعتمد على العنف الممنهج، والردع بالترهيب، والعقاب الجماعي، بهدف قمع أي مقاومة فلسطينية وإلغاء الوجود الوطني الفلسطيني.

في كفر عقب، الواقعة بين القدس ورام الله، قُتل شابان فلسطينيان بدم بارد على يد جنود حرس الحدود، الذين زعموا أنهم واجهوا أعمال شغب ورشقًا بالحجارة وإطلاق ألعاب نارية. هذه الحادثة ليست سوى مثال واحد على العنف اليومي الذي يواجهه الفلسطينيون.

يشعر السكان بالرعب الدائم من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك)، الذي أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتهم اليومية. كما يخشون السفر بين المدن، والمداهمات الليلية، والاعتقال دون تهمة. الجنود يغلقون الطرق ويطلقون الغاز والرصاص دون سبب، بهدف ترهيب السكان.

يقول أحد العاملين في مطعم، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الجنود يغلقون الطريق ويطلقون الغاز وأحيانا الرصاص دون سبب، بهدف ترهيب السكان. ويضيف آخر أنه يحلم باللجوء إلى إسبانيا، بينما يقول ثالث إنهم يريدوننا أن نرحل، ويؤكد رابع أن الدم الفلسطيني يسيل ولكنه لا يساوي شيئا، ولا أحد يوقفهم.

تتردد هذه الأقوال في رام الله وبيت لحم ونابلس وطوباس وفي كل الضفة تقريبا، حيث غيّر الاحتلال العسكري طبيعته جذريا منذ وصول حكومة اليمين واليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهاية 2022، وتضاعف ذلك بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

لم يبلغ مستوى القمع هذا الحد منذ بدء الاحتلال عام 1967، إذ تشير الأرقام إلى مقتل أكثر من ألف فلسطيني خلال عامين وإصابة أكثر من 10 آلاف آخرين. وتُظهر إحصاءات الأمم المتحدة ارتفاعا حادا في عدد الضحايا المدنيين، بمن فيهم النساء والقاصرون وذوو الإعاقة.

يعزى تصاعد العنف العسكري غير المسبوق إلى تخفيف قواعد إطلاق النار واعتماد تكتيكات قتالية مأخوذة من الحرب في غزة، مما يعني إطلاق النار بكثافة أكبر وفي ظروف أقل وضوحا. ويشمل ذلك استخدام المروحيات الهجومية، وتدمير مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم بشكل شبه كامل، إضافة إلى تدريبات عسكرية تستند إلى سيناريوهات ضربات جوية داخل الضفة.

الدم الفلسطيني يسيل ولكنه لا يساوي شيئا، لا أحد يوقفهم.

التحقيقات في عمليات القتل نادرة والأحكام شبه معدومة، إذ لم تصدر سوى عقوبة رمزية خلال أربع سنوات، في حين أن الأغلبية العظمى من الشكاوى لا تصل إلى المحاكم، مما يجعل الجنود يعملون دون خشية من المحاسبة. وحتى عندما توثق الكاميرا عمليات إعدام لمدنيين بوضوح، يخرج وزراء للدفاع العلني عن الجنود.

استشهد نحو 100 معتقل فلسطيني في السجون الإسرائيلية خلال عامين، بينهم 26 من الضفة الغربية. وتتحدث شهادات متكررة عن تعذيب جسدي وجنسي وإهمال طبي متعمد، تدعمها تصريحات مسؤولين إسرائيليين تدعو إلى تجويع الأسرى، مما يعكس سياسة ممنهجة لإسقاط الأسير نفسيا وجسديا.

اعتُقل أكثر من 21 ألف فلسطيني في الضفة خلال العامين الأخيرين، أغلبهم دون تهمة، ضمن نظام الاعتقال الإداري. ونفذ الجيش عمليات تمشيط واسعة شملت مئات المنازل يرافقها الضرب والإهانات والقيود، إضافة إلى احتجاز جماعي طويل في العراء أو الملاعب.

توسعت سياسة العقاب الجماعي، من إغلاق للطرق والمدن بشكل كامل، وتدمير البنى التحتية الأساسية، واحتجاز جثث الشهداء لأشهر، واستخدام الحواجز بشكل يخنق الحياة اليومية. ويصف أحد رؤساء البلديات الوضع قائلا: نعيش في سجن كبير.

كشفت منظمات إسرائيلية عن ظاهرة منهجية من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة. ويلعب المستوطنون دورا محوريا في منظومة القمع هذه، وقد ارتفعت الاعتداءات على الفلسطينيين، بما فيها أكثر من ألف إصابة، مع توسع عمليات الاستيلاء على الأراضي.

منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وزعت السلطات الإسرائيلية أعدادًا كبيرة من رخص السلاح الجديدة، ذهب عدد كبير منها للمستوطنين الذين أصبحوا أشبه بمليشيات خاصة. وقد قفز عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى مستويات قياسية.

تبدو الضفة الغربية منطقة مخنوقة اقتصاديا ومجتزأة جغرافيا ومهددة في هويتها الوطنية. ويرى ناشطون فلسطينيون أن إسرائيل لم تعد تسعى فقط إلى قمع المقاومة، بل إلى إلغاء الوجود الوطني الفلسطيني نفسه في الضفة الغربية.

مع ارتفاع عدد القتلى والمعتقلين والجرحى بشكل هائل ومع يأس الناس من أي حماية يسود شعور بالخوف والغضب، ويتوقع كثيرون انفجارا مقبلا، خاصة أن السلطة الفلسطينية تفقد ما تبقى من شرعيتها، وينظر إليها على أنها شريك في إبقاء الوضع القائم عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل. ويقول أحد تجار كفر عقب: نعيش تحت احتلالين، إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

القدس المصدر: القدس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا