آخر الأخبار

بين الملاعب وصناديق الاقتراع.. هل تبتلع كرة القدم حماس المغاربة للتسجيل في اللوائح الانتخابية؟

شارك

يطرح خفوت الزخم الإعلامي المرافق لعملية التسجيل في اللوائح الانتخابية، التي تنتهي آجالها في أواخر الشهر الجاري، تساؤلات حارقة حول مستقبل المشاركة السياسية بالمملكة، في ظل تقاطع زمني مثير بين اقتراب انصرام الآجال القانونية وانصراف اهتمام الرأي العام نحو المواعيد الرياضية الكبرى. وترسم التقارير الميدانية والمواقف السياسية صورة “قاتمة” لمسار التعبئة الوطنية، حيث تتشابك الأعطاب التقنية للمنصات الرقمية مع غياب المبادرات التحسيسية للقطب العمومي، مما يهدد بضعف الإقبال وإفراز مؤسسات لا تعكس الحجم الحقيقي للهيئة الناخبة.

وتعليقا على الموضوع، أكد عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، في تصريح أدلى به لجريدة “العمق”، أن الحملة الخاصة بالتسجيل في اللوائح الانتخابية تقترب من نهايتها، مسجلا غيابا تاما لهذا الموضوع على مستوى المشهد الإعلامي والتواصلي، حيث تظل الوصلات المقدمة محدودة جدا ولا تساهم في خلق التعبئة المطلوبة.

ولاحظ الأستاذ الجامعي أن اهتمام المواطنين بكل فئاتهم في المغرب، ينصرف بشكل كبير نحو الحدث الرياضي الضخم المتعلق بتنظيم كاس إفريقيا للأمم “الكان”، مما جعل جميع المواضيع السياسية تتراجع إلى الصف الثاني في اهتمامات الرأي العام الوطني خلال هذه الفترة.

وأوضح المتحدث أن الوصلات الإعلامية والدعوات الموجهة للمواطنين تتسم بالاحتشام الشديد، في ظل عمل محدود للأحزاب السياسية ومنظماتها الموازية، خاصة الشبيبات الحزبية التي لا تقوم بحملات كافية لتوعية الشباب بضرورة وأهمية التسجيل في اللوائح الانتخابية باعتباره المدخل الوحيد لممارسة الحق في التصويت.

وأفاد الأكاديمي ذاته بأن الشخص يبقى محروما من حقه الدستوري في التصويت إذا لم يتم فتح دورة استثنائية قبيل الانتخابات، مشيرا إلى أن الوعي بهذه العملية لا يحضر إلا عند الفئات المرتبطة بالعمل السياسي أو الأحزاب، بينما يجهل الكثير من الناس وجود مدة زمنية محددة يفتح فيها تجديد اللوائح الانتخابية.

وشدد الباحث في العلوم السياسية على ضرورة إعادة النظر في العملية التواصلية والخروج من شكلها الكلاسيكي، مبرزا أن ارتباط الشباب والمواطنين بمواقع التواصل الاجتماعي يفرض تدبير حملات تواصلية رقمية على هذا المستوى لتحقيق نتائج طيبة وتوسيع دائرة المشاركة.

ودعا المتحدث إلى استهداف الجامعات ومراكز التكوين التي تستقطب أكبر عدد من الشباب المعني بالتسجيل، عبر إشراك الأساتذة في تحسيس الطلبة ونشر ملصقات داخل المؤسسات الجامعية تخبر بموعد افتتاح واختتام موسم التسجيل، مع ترك كامل الحرية للطلبة في ممارسة حقهم من عدمه.

واعتبر الخبير الجامعي أن الرفع من مستوى تعبئة الناخبين وإشراك المواطنين عبر التجديد المستمر للوائح يعطي للعملية الانتخابية مصداقيتها، ويمنح الديمقراطية في المغرب بعدها الحقيقي ومنطقها التشاركي، مما يستوجب حث الشباب على التسجيل لضمان انخراطهم في المسار السياسي للبلاد.

استنفار حكومي قبل انقضاء الآجال

وذكر وزير الداخلية المواطنات والمواطنين غير المسجلين إلى حدود اليوم السبت في اللوائح الانتخابية العامة، والذين تتوفر فيهم الشروط القانونية، بأن الأجل المحدد لتقديم طلبات التسجيل برسم المراجعة السنوية للوائح الانتخابية العامة لسنة 2026 ينتهي يوم 31 دجنبر 2025، وذلك في بلاغ توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه.

وأوضح البلاغ التذكيري لوزارة الداخلية أن الأمر يهم المواطنات والمواطنين البالغين من العمر 18 سنة شمسية كاملة على الأقل، أو الذين سيبلغون هذا السن في 31 مارس 2026، داعيا إياهم إلى المبادرة بتقديم طلبات التسجيل داخل الآجال القانونية المحددة لضمان حقهم في المشاركة.

وذكرت الوزارة الناخبات والناخبين الذين غيروا محل إقامتهم الفعلية خارج الجماعة أو المقاطعة المقيدين في لائحتها، بضرورة تقديم طلبات نقل تسجيلهم إلى لائحة الجماعة أو المقاطعة التي انتقلوا للإقامة داخل نفوذها الترابي، وذلك قبل انصرام نفس الأجل المحدد.

وشددت على وجوب إشعار السلطة الإدارية المحلية التابع لها محل الإقامة الجديدة بالنسبة للناخبات والناخبين الذين غيروا محل إقامتهم داخل النفوذ الترابي لنفس الجماعة أو المقاطعة، خلال نفس الفترة، قصد تحيين عناوينهم المضمنة في اللائحة الانتخابية المعنية.

انتقادات برلمانية لغياب التعبئة

وفي السياق ذاته، طالب مصطفى ابراهيمي، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بالكشف عن الأسباب التي جعلت وسائل الإعلام العمومية المرئية والمسموعة والمكتوبة “تمتنع” هذه السنة عن تحسيس وتعبئة المواطنين للتسجيل باللوائح الانتخابية، في سؤال كتابي وجهه لوزير الداخلية اطلعت الجريدة عليه.

واعتبر ابراهيمي أن المتتبعين وقفوا على ملاحظتين لهما تأثير كبير في عدم الإقبال بالشكل المطلوب، تتعلق الأولى بـ “انعدام أي حملة تحسيسية” بضرورة هذه العملية، خلافا للسنوات الماضية، سواء بوسائل الإعلام العمومي من قنوات تلفزية وإذاعية أو وسائل التواصل الاجتماعي، باستثناء مبادرات فردية أو حزبية.

وفي السياق ذاته، وجه رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالين كتابيين لوزير الداخلية ووزير الشباب والثقافة والتواصل حول ما وصفه بالإشكالات التقنية والتواصلية والتعبوية التي تواكب عملية التسجيل، في سياق الاستعدادات للاستحقاقات التشريعية المرتقبة بعد بضعة أشهر.

وأشار حموني إلى أن مراجعة المنظومة التشريعية جرت وفق مقاربة تشاورية، غير أن التحدي الأكبر يظل هو توسيع قاعدة المشاركة لا سيما في صفوف الشباب، بما يعيد الثقة في العمل السياسي ويُسهم في إفراز مؤسسات تتوفر على الكفاءة والمصداقية.

وعبر النائب البرلماني عن أسفه لما اعتبره غيابا شبه تام للمجهود الحكومي التواصلي والتحسيسي الوازن عبر إذاعات وقنوات القطب العمومي، متسائلا عن الأسباب الكامنة وراء عدم مبادرة الحكومة لتعبئة الإعلام لإطلاق حملات تواصلية وبث كبسولات وفيديوهات ترفع منسوب الوعي بأهمية التسجيل.

أعطاب تقنية وعوائق لوجستيكية

وسجل عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية وجود “أعطاب متكررة” تدوم لساعات بالنسبة للمنصة المخصصة للتسجيل عبر شبكة الإنترنت، مما سيحرم العديد من المواطنين خاصة الشباب من التسجيل، مطالبا بالإفصاح عن الإجراءات المستعجلة التي ستتخذها وزارة الداخلية لاستدراك ما بقي من وقت.

كما كشف رئيس فريق التقدم والاشتراكية عن توصل فريقه بعدد من شكايات المواطنات والمواطنين بخصوص عدم كفاية المكاتب الإدارية المخصصة لتلقي طلبات التسجيل أو عدم فتحها في بعض المناطق، فضلا عن تسجيل مشاكل تقنية متكررة على مستوى الموقع الإلكتروني الرسمي المخصص لهذه العملية.

وأشار البلاغ الحكومي إلى أن تقديم طلبات التسجيل الجديدة أو طلبات نقل التسجيل يتم إما مباشرة لدى مكاتب السلطة الإدارية المحلية المختصة حسب محل الإقامة الفعلية، أو عبر الموقع الإلكتروني المخصص www.listeselectorales.ma، كما وضعت الوزارة الرقم المجاني 2727 رهن إشارة الناخبين للتأكد من معطياتهم.

تنديد حقوقي بالإقصاء

وأعلنت المنظمة المغربية لحقوق النساء في وضعيات إعاقة، في بلاغ تنديدي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، عن استنكارها الشديد لـ “الاختلالات الشديدة” التي تشوب عملية التسجيل، والتي تمس بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وتتسبب في “إقصاء فعلي” يتنافى مع مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.

واستنكرت الهيئة الحقوقية غياب الولوجيات الرقمية بالمنصة الإلكترونية، واعتماد مساطر حضورية بالمقاطعات تقوم على ملء استمارات ورقية دون توفير ترتيبات تيسيرية معقولة، الأمر الذي يجبر العديد من الأشخاص في وضعية إعاقة على اللجوء إلى الغير، في مساس مباشر بحقهم في الاستقلالية وبحماية معطياتهم.

واعتبرت المنظمة هذه الممارسات خرقا للدستور المغربي ولأحكام اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، مطالبة بضمان الولوجيات الشاملة لمساطر التسجيل واحترام سرية المعطيات الشخصية، واعتماد إجراءات دامجة تمكن جميع المواطنات والمواطنين في وضعية إعاقة من ممارسة حقهم الدستوري في التسجيل والمشاركة.

العمق المصدر: العمق
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا