يحيي عازف البيانو المغربي محمود الموساوي، مساء اليوم السبت، أمسية موسيقية خاصة بمدرج المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي (INSMAC) بالرباط، في ريسيتال يجمع بين روائع الموسيقى الكلاسيكية والاحتفاء بالتأليف المغربي.
وبهذه المناسبة يتحدث الموساوي، في حوار مع هسبريس، عن خصوصية هذه الأمسية ورهانه على تقريب الموسيقى الكلاسيكية من الجمهور المغربي، إضافة إلى مواضيع أخرى.
تتميز هذه الأمسية باختيار تقديم الموسيقى الكلاسيكية داخل سياق ثقافي مغربي، وأمام جمهور مغربي بالأساس. إن الهدف لا يقتصر على الأداء الفني فقط؛ بل يتعداه إلى تقريب هذا اللون الموسيقي من المتلقي المحلي، وإبراز أن الموسيقى الكلاسيكية ليست فنا نخبويا أو بعيدا عن المجتمع، بل لغة إنسانية عالمية يمكن عيشها هنا، في المغرب، بحس محلي صادق.
تم بناء البرنامج ليعكس تطور الموسيقى الكلاسيكية عبر مختلف مراحلها التاريخية، مع الحرص على تقديم هذا التنوع بأسلوب مبسط ومفهوم للجمهور المغربي.
وقد كان اختيار المدارس الموسيقية المتنوعة يروم إبراز غنى هذا التراث، مع الحفاظ على انسجام فني يسمح للجمهور بمتابعة العرض دون تعقيد أو انقطاع.
يساهم حضور الموسيقى الكلاسيكية في تنويع المشهد الثقافي المغربي وتعزيز الذوق الفني العام. فهذا الفن يربي على قيم الإصغاء والتأمل والانضباط الجمالي، وهي قيم يحتاجها المجتمع. كما يفتح آفاقًا جديدة للحوار الثقافي مع باقي الثقافات العالمية.
تقديم مؤلفات نبيل بنعبد الجليل، بصفته موسيقيا ومؤلفا مغربيا، يندرج ضمن مسعى تثبيت حضور التأليف الكلاسيكي المغربي. كما تؤكد هذه المشاركة أن الموسيقى الكلاسيكية ليست حكرا على الغرب، بل مجال مفتوح للإبداع المغربي المعاصر والتجارب الفنية المحلية.
العزف أمام الجمهور المغربي يحمل مسؤولية خاصة، لأنه يساهم في بناء علاقة مباشرة مع جمهور لا تزال الموسيقى الكلاسيكية في طور ترسيخ مكانتها لديه.
هذا التفاعل يخلق طاقة مختلفة قوامها القرب والصدق، ويمنح تجربة العزف بعدا إنسانيا عميقا.
يظل دعم المؤسسات الثقافية عنصرا أساسيا لترسيخ الموسيقى الكلاسيكية في المغرب. فمن خلال توفير الفضاءات المناسبة والتكوين وبرامج الدعم، يمكن خلق استمرارية حقيقية لهذا الفن، وجعله جزءا طبيعيا من الحياة الثقافية الوطنية.
رغم محدودية انتشارها، بدأت الموسيقى الكلاسيكية تفرض حضورها تدريجيا في المغرب، خاصة عبر المعاهد المتخصصة والمبادرات المستقلة وإقبال فئة من الشباب. ويظل المستقبل واعدا إذا ما توفرت الرؤية الواضحة والدعم اللازمان.
أقول لهم إن احتراف الموسيقى الكلاسيكية في المغرب أمر ممكن؛ لكنه يتطلب الكثير من الصبر، والانضباط، والشغف الحقيقي.
الطريق طويل دون شك؛ غير أن الاستثمار في التكوين الجاد والانفتاح على التجارب الدولية يمكن أن يفتحا آفاقا واسعة، دون التفريط في الهوية الفنية الخاصة.
المصدر:
هسبريس