مع استضافة منافسات “كان المغرب 2025” تراهن الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE) على زخم الحدث، ترويجاً وفرصاً استثمارية وتثميناً لدوره في استدامة “الإرث الاقتصادي” الناتج عن الفعاليات الرياضية الكبرى، مؤكدةً أن “العين على مونديال 2030”.
وأفاد علي صديقي، المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات، في تصريح لجريدة هسبريس، بأن “الرهان واضح: تحويل زخم الكأس إلى مسار اقتصادي مستدام، عبر دمج هذه الديناميات في ترويج الاستثمار، وجاذبية الجهات، والإشعاع الدولي للمغرب”، مشددا على أن “الهدف النهائي ليس فقط إنجاح حدث ما، بل ترسيخ نموذج: المغرب القادر على استضافة أكبر المواعيد العالمية، مع توليد الاستثمار، وفرص الشغل، ونقل المهارات، والنمو الشامل”.
بهذا المعنى، وفق صديقي، “ليست ‘كان 2025’ غاية في حد ذاتها، وإنما محطةٌ إستراتيجية نحو 2030، وبشكل أوسع نحو مغرب أكثر تنافسية وجاذبية، ومرسّخ تماماً في دوره كقطب إقليمي وقاري”.
يرى المسؤول ذاته في كأس أمم إفريقيا “المغرب 2025” أكثر من مجرد حدث رياضي، “فهي واجهة عالمية للمغرب المعاصر”، وقال بهذا الخصوص: “تَعكس صورة بلد مستقر، منظم، وموثوق، قادر على استضافة أحداث كبرى وفق المعايير الدولية”، وزاد: “وتمثل تظاهرة ملموسة لقدرتنا على التنفيذ، وبنيتنا التحتية الحديثة، ولوجستياتنا، وكرم ضيافتنا. كما يجسد هذا الحدث الرؤية المتبصرة للملك محمد السادس الذي جعل من الرياضة رافعة إستراتيجية للإشعاع الدولي، والتماسك الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية”.
وتابع المتحدث للجريدة: “كما أنها ثمرة جهد جماعي مهيكل، تقوده بصرامة واستباقية الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تحت قيادة السيد فوزي لقجع، الذي أحييه على ثباته ومنهجيته ورؤيته طويلة المدى”، واضعا إياها في سياق “خاص جداً، حيث يشهد المغرب منذ عامين دينامية رياضية استثنائية تعزز صورته دولياً بشكل كبير: الأداء التاريخي للمنتخب الوطني في نصف نهائي كأس العالم 2022، الفوز بكأس العرب، تتويج منتخب أقل من 17 سنة باللقب العالمي؛ وبشكل أوسع النتائج المتميزة في عدة فئات وتخصصات”.
“هذه النجاحات ليست معزولة” يؤكد مدير عام AMDIE، مسجلا أنها “تترجم صلابة المنظومة الرياضية الوطنية القائمة على التكوين، والاستثمار في البنية التحتية، والحكامة، ومتطلبات الأداء”، ومردفا بأن “الكأس توفر تغطية إعلامية واسعة على الصعيدين الإفريقي والدولي، ما يعزز ‘علامة المغرب’ في جميع أبعادها: الاقتصادية، السياحية، والصناعية”، وتابع متوجها للمستثمرين والشركاء الاقتصاديين: “الرسالة واضحة: المغرب بلد يُخطط، ينفذ، ويطبق؛ في الرياضة كما في الاقتصاد”.
عمّا يمكن أن تلعبه الوكالة في تثمين فرص الاستثمار الناتجة عن حدث رياضي بحجم كأس أمم إفريقيا يقول صديقي إن لها “دوراً محورياً في الاستثمار الاقتصادي حول الكأس”، وزاد: “تتمثل مهمتنا في تحويل الإشعاع الرياضي إلى فرص استثمارية ملموسة”.
كما أورد المسؤول نفسه: “نحن نواكب المستثمرين المهتمين بالقطاعات المتأثرة مباشرة بالحدث: البنية التحتية، السياحة والفندقة، النقل واللوجستيك، الخدمات، فضلا عن تنظيم الفعاليات والصناعات الإبداعية”؛ ومن خلال علامة “Morocco Now” أكد “صياغة خطاب واضح: الكأس ليست لحظة عابرة، بل هي محفز للزخم (Momentum) المنطلِقِ بالفعل”.
وتتيح هذه التظاهرة القارية، حسب الوكالة، “فرصة استثنائية” لإبراز الكفاءة الوطنية في قطاعات حيوية، بدءاً من الهندسة والإنشاءات وصناعة النسيج والمعدات، وصولاً إلى الحلول التقنية والرقمية المتطورة والخدمات اللوجستية.
إن هذا الاستعراض المهني يقدم للعالم “صورة مغربٍ يمتلك قدرات تصميمية وإنتاجية وتصديرية قادرة على استيفاء أرقى المعايير الدولية والقارية على حد سواء. وفي هذا الإطار بادرت “AMDIE” باستثمار هذا الزخم لاستقبال وفود إفريقية رفيعة المستوى ضمن نهج عملي يهدف إلى تحويل الإشعاع الرياضي إلى تعاون اقتصادي ملموس. وقد ركزت هذه اللقاءات المكثفة على تعميق مسارات ترويج الصادرات المغربية وتسهيل التبادل التجاري، مع العمل على مد جسور التواصل بين مجتمعات الأعمال في المملكة وشركائها في القارة، خاصة مع دول كوت ديفوار والكاميرون.
ومن خلال هذا الدور الريادي تَبرز البطولة “كمحفز حقيقي للحوار الاقتصادي ورافعة إستراتيجية لتعزيز التكامل بين المؤسسات والقطاع الخاص، في تناغم مع رؤية ملكية لترسيخ تعاون ‘جنوب-جنوب’ فاعل ومستدام”.
وتنظر الوكالة لـ”كان 2025″ “كأداة عملياتية للدبلوماسية الاقتصادية المغربية، غايتها تشجيع شراكات رابحة للطرفين وخلق قيمة مضافة تعزز موقع المغرب كشريك اقتصادي موثوق ومهيكل داخل بيته القاري”.
“تعمل الكأس قبل كل شيء كإشارة قوية للمستثمرين: المغرب جاهز، مهيكل، وقادر على تسليم مشاريع معقدة وواسعة النطاق”، يشرَح صديقي، مضيفا: “بالنسبة للمستثمر هذا النوع من الأحداث ليس وعداً مجرداً، بل هو دليل على المصداقية؛ يظهر بلداً يعرف كيف يخطط، ينفذ، ينسق، ويسلم في المواعيد المحددة ووفق المعايير الدولية”.
وتخلق “الكان” “تأثيراً تسلسلياً” طبيعياً: فهي تسرع قرارات الاستثمار في البنية التحتية، التنقل، السياحة، الخدمات، واللوجستيك، وأيضاً في الصناعات الثقافية والرقمية؛ كما تعزز “جاذبية المغرب لدى المستثمرين الأفارقة الذين يرون في المملكة شريكاً مستقراً، خبيراً، وملتزماً بمنطق التنمية المشتركة”.
وأجمل المتحدث: “إنها لحظة تتحاور فيها إفريقيا مع نفسها حول مشاريع ملموسة. لكن الرسالة التي نحملها واضحة: ‘الكان’ ليست ذروة مؤقتة، بل هي منصة انطلاق”.
وعن رسالته للمستثمرين، والمقاولين، وصناع القرار الذين يستمعون إلينا اليوم، ردّ: “لا تشاهدوا كأس إفريقيا من المدرجات، ادخلوا الميدان الاقتصادي من الآن، فالمغرب منفتح، مهيكل، ومستعد لاستقبال مشاريع ذات أثر قوي. ولم يعد السؤال ‘لماذا المغرب؟’، بل ‘متى نبدأ؟'”.
ختاما، جدد علي صديقي التأكيد على أن “كان 2025″ مندرجة ضمن رؤية إستراتيجية بعيدة المدى، يقودها أعلى مستوى في الدولة الملك محمد السادس.
وفي هذا السياق أشاد المسؤول ذاته بـ”العمل المهيكل والمتميز للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بقيادة فوزي لقجع، التي عرفت كيف تدرج تنظيم الكأس في منطق الاستمرارية، والاحترافية، والتميز، متجاوزة إطار المنافسة الرياضية لتنخرط في نهج مستدام”. يُبنى إرث الكأس على مبدأ بسيط: كل استثمار يتم اليوم يجب أن ينتج قيمة غداً.
البنية التحتية الرياضية، ووسائل النقل، والاستقبال، والخدمات مصممة كأصول مستدامة، تهدف إلى خدمة الأقاليم والسكان والاقتصاد الوطني على المدى الطويل.
وتشكل الكأس مختبراً حقيقياً على أرض الواقع؛ فهي تسمح باختبار قدراتنا التنظيمية واللوجستية والمؤسساتية، تمهيداً للمعايير الأكثر صرامة لمونديال 2030.
المصدر:
هسبريس