كشف إلياس الحارثي، المدير العام المنتدب لمجموعة “أكديطال”، عن خلفيات اختيار المملكة العربية السعودية وجهة خارجية لاستثمارات المجموعة، مبرزا أن هذا القرار يستند إلى مجموعة من المعايير المتشابهة بين المغرب والسعودية، أبرزها حجم الساكنة، والتوجه نحو تطوير القطاع الصحي الخاص، إضافة إلى تنزيل إستراتيجية التغطية الصحية الشاملة بالمملكة.
وأوضح الحارثي، في حوار مع قناة “الشرق بلومبرغ”، أن هذه المعايير نفسها شكّلت أساس تطور مجموعة “أكديطال” في المغرب، مشيرًا إلى أن دخول السوق السعودية يهدف إلى تتبع المنهج ذاته، من خلال مقاربة طبية بنظرة مغربية، تكمّل العرض الصحي الخاص المتوفر حاليًا بالمملكة العربية السعودية، ولا تنافسه بشكل مباشر.
وفي ما يتعلق بحجم الاستثمارات المرتقبة، التي تتجاوز 5 مليارات ريال سعودي، أكد المتحدث ذاته أن المشاريع المستهدفة ستمتد خلال الفترة بين 2025 و2030، في انسجام تام مع “رؤية 2030” للمملكة العربية السعودية، وأضاف أن هذه المشاريع ستُنجز بعد دراسات سوقية دقيقة شملت الطلب والعرض والتخصصات الطبية المطلوبة، وهو ما قاد إلى اختيار عدة مدن، في مقدمتها الرياض ومكة المكرمة، مع التوجه لاحقًا نحو التوسع في المدينة المنورة وجدة، كمرحلة أولى تضم أربع مدن رئيسية.
وبخصوص طبيعة المنافسة داخل السوق السعودية شدد المدير العام نفسه على أن وجود “أكديطال” لا يندرج في إطار المنافسة المباشرة، بقدر ما يهدف إلى تحقيق التكامل، موضحًا أن المجموعة تستهدف “شريحة الطلب المتوسط” والساكنة بالمناطق الراقية، وهي فئات أظهرت الدراسات وجود طلب منها يفوق العرض المتاح؛ كما أكد أن معظم المجموعات الصحية الكبرى بالمملكة تركز على شريحة الطلب الراقي، في حين ستسهم المجموعة الصحية المغربية في سد الخصاص القائم ضمن الفئة المتوسطة.
وأشار المسؤول ذاته إلى أن إستراتيجية المجموعة تقوم أساسًا على ضمان جودة النشاط الطبي لفائدة المريض، وهو الشعار الذي تعتمده بالمغرب، وسيتم تنزيله أيضًا بالمملكة العربية السعودية، مع الحرص على التوازن بين الجودة والأسعار، بما يتلاءم مع استهداف الشريحة المتوسطة، سواء عبر الاستحواذ على منشآت قائمة أو من خلال البناء والتطوير.
وفي هذا السياق أبرز الحارثي أن إستراتيجية التوسع تعتمد على محورين متوازيين، يتمثل الأول في الاستحواذ والتشغيل، والثاني في الاستثمار والبناء، موردا أن العمل يسير على الوتيرة نفسها في المحورين، حيث يوجد حاليًا مشروع في طور الإنجاز بمدينة الرياض، إلى جانب مشروع آخر في إطار الاستحواذ والتشغيل.
وكشف المدير العام المنتدب للمجموعة عن استهداف “أكديطال” بلوغ طاقة استيعابية تناهز ألف سرير خلال السنوات المقبلة، عبر الاستحواذات التي يمكن تشغيلها خلال سنتين إلى ثلاث سنوات، في انتظار دخول المستشفيات الجديدة التي ستُبنى في المدن المحددة حيز الخدمة، ضمن هدف إستراتيجي يغطي الفترة بين 2026 و2030.
وعن الجدوى المالية للتوسع الخارجي أكد الحارثي أن الإستراتيجية المعتمدة، القائمة على الاستحواذ والبناء، تهدف إلى تحقيق الربحية منذ السنوات الأولى للاستثمار خارج المغرب، دون انتظار اكتمال المشاريع الجديدة، مشددًا على أن المساهمة المالية متوقعة ابتداءً من السنة الأولى.
أما بخصوص تفاعل السلطات السعودية مع المجموعة فقال الحارثي إن من بين العوامل التي شجعت “أكديطال” على دخول السوق السعودية، إلى جانب الدراسات المسبقة، التحفيزات التي لمسها مسؤولو المجموعة لدى ممثلي وزارتي الاستثمار والصحة، في إطار توجه المملكة نحو استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة في القطاع الصحي، بهدف إرساء قطاع خاص مهيكل، مؤكّدًا وجود تعاون وترحيب واضحين من قبل مختلف الجهات المعنية.
وعلى صعيد التوسع الدولي أوضح المسؤول بالمجموعة الصحية المغربية أن إدارة مجموعته تستهدف حاليًا منطقة الخليج عبر دولتين، هما المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، مبرزًا أنه خارج هذين البلدين أعلنت “أكديطال” خلال اليومين الماضيين عن استحواذها الكامل على أول مجموعة صحية رائدة بتونس، تضم أكثر من 600 سرير، وتنشط منذ أكثر من عشر سنوات بالسوق، وذلك كأول استثمار للمجموعة خارج المغرب على مستوى شمال إفريقيا، في إطار مواكبة إستراتيجيتها التوسعية الدولية.
يشار إلى أن مجموعة “أكديطال” وقعت مذكرة تفاهم ترمي إلى الاستحواذ على 100 في المائة من حصص مستشفى “البشري”، الواقع في قلب مدينة مكة المكرمة، وذلك رهناً باستكمال الشروط التنظيمية والتشغيلية خلال الأسابيع المقبلة. ويقع المستشفى المذكور في موقع إستراتيجي داخل المدينة، ويُعد منشأة متعددة التخصصات، تضم 120 سريرًا، وتوفّر مجموعة واسعة من الخدمات الصحية، أبرزها طب القلب، والقسطرة القلبية التداخلية، والجراحة العامة، بالإضافة إلى وحدة متكاملة للعناية المركزة وقسم أشعة متطور.
المصدر:
هسبريس