كشف مؤشر ريادة الأعمال الرقمية لسنة 2025، الصادر عن معهد فيينا للدراسات العالمية (VIGS)، عن صورة متباينة لواقع المنظومة الرقمية في المغرب. فبينما حافظت المملكة على موقع متقدم قاريا باحتلالها الرتبة الثالثة إفريقيا، جاء تصنيفها الدولي في المرتبة 83 من أصل 170 دولة، وهو مركز يضع البلاد في خانة الأداء المتوسط عالميا، ويكشف عن حجم التحديات التي لا تزال تعيق اللحاق بركب الدول المتقدمة رقميا.
وعلى المستوى القاري، حل المغرب خلف كل من جنوب إفريقيا وجزيرة موريشيوس. ورغم أن التواجد في “المربع الذهبي” الإفريقي يعد مؤشرا إيجابيا، إلا أن عدم تصدر القائمة يبرز وجود منافسة قوية حتى داخل القارة، ويشير إلى أن ريادة المغرب الإفريقية تظل مهددة ما لم يتم تسريع وتيرة الإصلاحات مقارنة بالدول المنافسة التي تخطو خطوات ثابتة في هذا المجال.
وعلى الصعيد الدولي، وضع المؤشر المغرب في النصف الأول من الترتيب العام (المرتبة 83)، وهي رتبة يرى مراقبون أنها لا ترقى إلى مستوى الطموحات المعلنة ولا تعكس بشكل كامل الإمكانيات التي تروج لها المملكة كبوابة للاستثمار التكنولوجي.
واعتمد التصنيف على أكثر من 50 مؤشرا فرعيا، شملت البنيات التحتية، الإطار التنظيمي، والتمويل، حيث توضح هذه الرتبة أن المغرب، رغم توفره على بنيات تحتية مقبولة، لا يزال بعيدا عن مصاف الدول التي تمتلك منظومات رقمية ناضجة وقادرة على المنافسة في اقتصاد المعرفة العالمي.
ولعل أبرز ما كشفه التقرير بصبغة نقدية هو “هوامش التحسين” التي تشكل في الواقع نقاط ضعف هيكلية، حيث أشار المعهد إلى تأخر المغرب في “الابتكار الرقمي المحلي” و”دعم البحث والتطوير”.
وتشير هذه الملاحظات ضمنا إلى أن المنظومة الرقمية المغربية لا تزال تميل إلى استهلاك الحلول التكنولوجية المستوردة أو تطبيقها، بدلا من ابتكارها وتطويرها محليا. كما أن ضعف الاستثمار في التكنولوجيا المتقدمة (Deep Tech) يجعل الشركات الناشئة المغربية تركز غالبا على الخدمات التقليدية المرقمنة بدلا من الصناعات التكنولوجية الدقيقة ذات القيمة المضافة العالية.
ويخلص التقرير إلى أن التقدم الذي أحرزه المغرب في تحسين مناخ الأعمال ورقمنة الإدارة، وإن كان محمودا، إلا أنه غير كافٍ لإحداث قفزة نوعية في الترتيب العالمي.
ويواجه المغرب، اليوم، تحديا مزدوجا؛ الحفاظ على مكاسبه القارية أمام صعود قوى إفريقية جديدة (مثل كينيا ونيجيريا ومصر)، والعمل بجدية أكبر لمعالجة ضعف البحث العلمي والابتكار لتحسين تموقعه الدولي المتواضع حاليا.
المصدر:
العمق