شددت قراءات فاعلين بقطاع الإعلام المغربي على أن “تأخر الحصول على المعلومة من المصادر الرسمية بالمغرب، بفعل طول المساطر وتعقدها أحيانا، يساهم في انتشار الأخبار الزائفة”، معتبرة أن محاربة “الظاهرة” لا يجب أن تهم “الاشتغال على الحقل الإعلامي التقليدي بقدر ما يتعيّن أن تشمل أيضا تقنين اشتغال ‘المؤثرين'”.
وردَت هذه القراءات خلال جلسة علمية أجابت عن أسئلة “التقنين وأدوار ومسؤوليات الفاعلين في مواجهة الأخبار الزائفة”، ضمن لقاء في الموضوع من تنظيم وزارة الشباب والثقافة والتواصل، الأربعاء، حيث كشفت وزارة العدل، بالمناسبة، اشتغالها حاليا على وضع بروتكول موحد للتكفل بضحايا الجرائم المعلوماتية.
جامع كلحسن، رئيس تحرير ومعد برامج بالقناة الثانية، قال في هذا الصدد: “إن ما لاحظناه على الأقل في قناة M2 أنه رغم الانتشار الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها نجد إقبالا وعودة كبيرين للتلفزة في بعض المحطات، مثل كوفيد 19 وزلزال الأطلس الكبير وواقعة الطفل ريان (…) فضلا عن فترات الإعلان عن تواريخ المناسبات الدينية كرمضان والأعياد”.
وأشار كلحسن، في مداخلته، إلى أن “استمرار هذا الهامش لدى الإعلام العمومي يفرض على الصحفيين المهنيين القطع مع آليات الاشتغال التقليدية، والتأقلم مع التحديات الجديدة، ولا سيما من خلال التكوين المستمر”.
لكن رئيس التحرير في القناة الثانية أكد أن “دحض الخبر الزائف يستوجب المد بالخبر الرسمي الصحيح من لدن الجهات المعنية (…) وأن تكون مستعدة للتواصل مع الصحفي المهني لموافاته بالمعلومة الصحيحة”، مشيرا إلى أنه في بعض الأحيان يكون إمداد الصحفي بالمعلومة من قبل المصادر الرسمية أو السماح له بالولوج إليها، بشكل متأخر، “غير ذي جدوى”؛ إذ “يكون الخبر الزائف قد انتشر انتشار النار في الهشيم”.
من جانبه أكد نوفل الرغاي، المدير العام لإذاعة “شذى” وعضو جمعية الإذاعات والتلفزات المستقلة، أن “تنظيم هذا اللقاء يجيء في الوقت المناسب، فبلادنا مقبلة على تنظيم كأس إفريقيا بعد أيام، وكأس العالم سنة 2030″؛ كما أن “السنة المقبلة سنة انتخابية، وبين هذا وذاك ثمّة مستجدات هامة في ملف قضيتنا الوطنية”.
وأشار الرغاي، في مداخلته، إلى ما يمكن أن “يُعمل” في هذا الصدد، “من قبل العديد من العقول سيئة النية، المحترفة والمجهزة، بمساعدة سرعة الانتشار وعمق التزييف الذي يمكن أن ينتجه الذكاء الاصطناعي”، مشيرا إلى اشتغال وكالة المغرب العربي للأنباء في هذا الصدد، عبر منصة متخصصة لرصد الأخبار الزائفة، وتقرير لـ”الهاكا” عن التحقق من المعلومات، وزاد أن الجمعية سالفة الذكر “تدرك تماما هذه المشكلة”.
متدخلا ضمن الندوة ذاتها قال نصر الدين العفريت، مسير موقع “Médias24″، وعضو الجمعية الوطنية للإعلام والناشرين، إن الأخيرة “ترى أن التقنين ضروري لكل ما يتعلق بشبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما فئة ‘المؤثرين'”.
ولم ينف العفريت أن “ثمة ‘مؤثرين’ يقدمون عملا جيدا، كما يقدم صحفيون منتجاتهم الإعلامية عبر الفيديو وتحظى بمتابعة واسعة”؛ لكن في المقابل “هناك عدد هائل من الأشخاص يطلق عليهم ‘مؤثرون’ فقط لكونهم يملكون جمهورا وفيا يتابعهم ويتأثر بهم”، وشدد على أن “التقنين واجب، فيما يمكن التفكير في تحقيق تقارب مع معايير الاتحاد الأوروبي الذي بدأ عملا جيدا في هذا الصدد”.
وأورد المتحدث ذاته: “يجب حماية المستهلك، وحماية القاصرين، والدفاع عن الشفافية. كما يجب أن يُفصح ‘المؤثر’ عندما يكون المحتوى مدفوع الأجر. وكذلك يجب وضع تعريف قانوني لـ’المؤثر’، وإضفاء الصبغة التعاقدية على العلاقة بين العلامة التجارية و’المؤثر’ والوكالة”.
محمد أمين الجرداني، قاض ملحق بمديرية الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، أشار إلى أن “الوزارة واعية تمام الوعي بأن الحل الزجري لا يمكن أن يكون الحل الوحيد، لأن الأخبار الزائفة أصبحت عابرة للحدود، وأصبحت الوسائل التي تُرتكب بها هذه الجرائم متطورة جداً وتعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي”، مشيرا إلى أن ذلك “فرض انخراطها في مقاربة تشاركية مع باقي الفاعلين”، للاشتغال على هذا الصعيد.
وفي هذا الإطار لفت الجرداني، في مداخلته، إلى “عمل الوزارة حاليا مع شركائها على وضع بروتوكول موحد للتكفل بضحايا الجريمة المعلوماتية، الذين يشملون ضحايا الأخبار الزائفة والتشهير والقذف الإلكتروني”، مذكرا بقيامها السنة الماضية “بتكوين المساعدين الاجتماعيين بالمحاكم الابتدائية للتعامل مع ضحايا الجرائم المعلوماتية، بما فيها جرائم التشهير والقذف”.
المصدر:
هسبريس