علمت جريدة “العمق المغربي” من مصادر جيدة الاطلاع أن عددا من عمال العمالات والأقاليم بجهة الدار البيضاء–سطات، تفاجؤوا خلال عملية مراجعة ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2026 قصد التأشير عليها، بوجود زيادات مالية لافتة في بعض بنود النفقات، مقارنة مع السنوات السابقة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه الزيادات همت بالأساس بنود التعويضات عن الأحكام القضائية الصادرة ضد الجماعات الترابية، حيث تم رصد اعتمادات مالية وصفت بـ“الكبيرة” دون تقديم تبريرات دقيقة أو معطيات مفصلة بشأن حجم الدعاوى وأسباب تراكمها، وهو ما أثار استغراب المصالح المختصة لدى السلطات العمالية، وطرح علامات استفهام حول طريقة تدبير هذه الملفات الحساسة.
وأفادت المصادر بأن عددا من الجماعات الترابية بالجهة تعمد إلى تفادي إدراج نقط تتعلق بالدعاوى القضائية والنزاعات المعروضة على المحاكم ضمن جداول أعمال الدورات العادية أو الاستثنائية، تفاديا لإحراج سياسي محتمل أمام المعارضة، أو مخافة إثارة ملاحظات وانتقادات من قبل السلطات الوصية، خاصة في ظل تنامي كلفة الأحكام القضائية وتأثيرها المباشر على التوازنات المالية للجماعات.
وأضافت المصادر أن المصالح المختصة داخل العمالات والأقاليم سجلت، في تقاريرها الرقابية، عدة ملاحظات تتعلق بعدم إدراج نقاط خاصة بالأحكام القضائية أو عدم الإفصاح عنها بشكل شفاف أمام المنتخبين والسلطات المحلية خلال الدورات، الأمر الذي تسبب في بعض الحالات في “بلوكاج” مالي خانق، تجاوز حجم الموارد المتوفرة، وأدى إلى تعطيل مشاريع وبرامج تنموية مبرمجة.
وأكدت المعطيات ذاتها أن هذا السلوك يتعارض بشكل صريح مع دوريات وتعليمات وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، التي تشدد على ضرورة إدراج جميع القضايا والنزاعات القضائية ضمن جداول الأعمال، وإخبار المجالس المنتخبة بحجم الالتزامات المالية المترتبة عنها، باعتبار ذلك من صميم مبادئ الحكامة الجيدة والديمقراطية المحلية، واحترام الشفافية في اتخاذ القرار الإداري والمالي.
وفي السياق نفسه، أشارت المصادر إلى أن المصالح المركزية بوزارة الداخلية، عبر المديرية العامة للجماعات الترابية، سبق أن وجهت تعليمات صارمة إلى رؤساء الجماعات، دعتهم من خلالها إلى التعجيل بتنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد جماعاتهم، وتسوية ملفات منازعات ظلت عالقة لسنوات.
وأبرزت المصادر أن المديرية العامة للجماعات الترابية أحدثت خلية خاصة لمراقبة مدى التزام الجماعات بتنفيذ الأحكام القضائية، وتتبع أسباب التأخير أو الامتناع عن التنفيذ، وهو ما أفضى إلى معالجة العديد من الملفات المتعثرة منذ بداية السنة الجارية، حيث جرى تنفيذ جزء منها، فيما أحيلت ملفات أخرى على المصالح المختصة بسبب إكراهات مالية حقيقية أو بسبب رفض التنفيذ من قبل بعض المجالس.
وختمت المصادر بالتأكيد على أن استمرار تضخم كلفة الأحكام القضائية وعدم إدماجها بشكل شفاف في مساطر التداول والمصادقة، ينذر بتفاقم الاختلالات المالية داخل الجماعات الترابية، ويضع عددا من الرؤساء أمام مساءلة إدارية وقانونية، في وقت ترفع فيه السلطات شعار ترسيخ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
المصدر:
العمق