آخر الأخبار

دعم الماشية لمواجهة جفاف السيادة الغذائية.. خبير اقتصادي يحدد مفتاح نجاح الخطة الحكومية

شارك

في خطوة استباقية لمواجهة آثار الجفاف الهيكلي الذي يضرب المملكة، أطلقت الحكومة المغربية برنامجاً استعجاليا بتمويل ضخم يناهز 12.8 مليار درهم، بهدف إنقاذ قطاع تربية الماشية وضمان استقرار أسعار اللحوم الحمراء. وتضع هذه الخطة نصب عينيها حماية القدرة الشرائية للمواطنين والحفاظ على القطيع الوطني كركيزة أساسية للأمن الغذائي.

وبقدر ما يحمل هذا التدخل المالي المباشر من حلول آنية لتخفيف العبء عن “الكسابة”، يفتح نقاشا اقتصاديا عميقا حول مدى نجاعته في معالجة التحديات البنيوية التي يفرضها التغير المناخي، وسط تساؤلات حول قدرة آليات التوزيع على تحقيق العدالة المجالية والوصول إلى الفئات الأكثر هشاشة من صغار المربين.

إقرأ أيضا: الحكومة تعالج ملفات مليون و102 ألف كساب وتصرف أزيد من 4 ملايير لفائدة 977 ألف مستفيد

وفي قراءته لآفاق ورهانات الدعم الحكومي للفلاحين، يرى الخبير الاقتصادي محمد جدري أن السياق العالمي لمرحلة ما بعد جائحة كورونا فرض “السيادة الوطنية” كأولوية قصوى بمختلف أبعادها، ولا سيما السيادة الغذائية.

وأوضح جدري، في تصريح لجريدة “العمق”، أن المغرب يسعى اليوم للإمساك بزمام هذا القطاع الحيوي لتجاوز مرحلة “الاكتفاء الذاتي المقنع”، الذي ظل لسنوات طويلة مرتهناً لـ”سخاء السماء” والتساقطات المطرية وتقلبات أسعار المدخلات الفلاحية المستوردة، مشدداً على أن الوقت قد حان للانتقال نحو سيادة غذائية حقيقية ومستدامة لا تتأثر بالمتغيرات الخارجية.

ويربط الخبير الاقتصادي نجاح المجهودات الحالية لوزارة الفلاحة بمدى قدرتها على الوصول إلى “حجر الزاوية” في الهيكل الفلاحي المغربي، والمتمثل في الفلاح الصغير ومربي الماشية البسيط. فقد أدى توالي سنوات الجفاف والتضخم العالمي إلى تدهور ملحوظ في القطيع الوطني، مما حال دون الاحتفال بشعيرة عيد الأضحى هذا العام.

وفي ظل هذا الوضع، يواجه القطاع تحدياً زمنياً حرجاً؛ إذ إن المشاريع المائية الكبرى والاستراتيجية—من تحلية مياه البحر وربط الأحواض المائية—لن تؤتي ثمارها الملموسة إلا في غضون عام 2027 أو 2028، مما يفرض تبني حلول مستعجلة لتدبير ندرة المياه وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في الوقت الراهن، وفق تعبيره.

ومن هذا المنطلق، يشدد جدري على ضرورة توجيه الدعم المباشر بشكل دقيق نحو الفئة الأكثر تضرراً، وهم المربون الذين يمتلكون أقل من عشرة رؤوس من الماشية. فهذه الفئة، عكس كبار الفلاحين ذوي الإمكانيات الكبيرة، لا تقوى على الصمود أمام الارتفاع الصاروخي في أسعار الأعلاف دون تدخل الدولة.

وأضاف المتحدث أن الحل لا يتوقف عند توفير الأعلاف بأسعار مدعمة، بل يستدعي الأمر إجراءات مواكبة تشمل إعادة جدولة الديون الفلاحية دون فوائد إضافية، وتكثيف الإرشاد الفلاحي وعمليات التلقيح الاصطناعي، لضمان الحفاظ على التوازنات الاجتماعية والاقتصادية في العالم القروي.

وخلص المحلل الاقتصادي إلى أن الطريق نحو تحقيق السيادة الغذائية للمملكة يمر حتماً عبر تمكين الفلاح الصغير من الاستفادة الفعلية من المخططات الوزارية. فدعم هذه الشريحة الواسعة لتجاوز أزمة الديون وغلاء المدخلات، وتوفير التأطير التقني اللازم لها، يشكل المدخل الرئيس لتحقيق اكتفاء ذاتي مستقل ومستدام، بعيداً عن الارتهان لتقلبات المناخ والأسواق الدولية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا