آخر الأخبار

ملف "سرقة المياه الجوفية" بأولاد تايمة.. لجنة تقرر الإيقاف والمضخات تواصل العمل بواحة تيدسي

شارك

أفادت مصادر مطلعة، أن عمليات نقل المياه الجوفية من واحة تيدسي واستغلالها من قبل فلاح نافذ لسقي ضيعته الفلاحية الكائنة بجماعة لمهادي بلا ترخيص، مازالت متواصلة إلى حدود اللحظة رغم صدور محضر اللجنة المختلطة التي حلت في وقت سابق بعين المكان، وأمرت بالوقف الفوري لهذا الفعل المخالف للقانون.

وأوضح فاعلون محليون في تصريحات لجريدة “العمق المغربي”، أن القنوات ومعدات الضخ ما تزال تشتغل بشكل اعتيادي، وأن المياه لا تزال تُحوَّل خارج المجال الطبيعي للواحة، رغم التوصيات الرسمية القاضية بوقف هذه العمليات.

وكانت لجنة تحقيق مختلطة قد انتقلت إلى المنطقة بتاريخ 20 نونبر الماضي في إطار التحقيق في الشكايات المرتبطة بما بات يعرف إعلاميا “بسرقة المياه الجوفية” حيث قامت بمعاينة بئر “مرخصة مبدئيا للسقي”، لكنها رصدت استعمال تجهيزات وقنوات لنقل المياه خارج القطعة الأرضية المرخص لها نحو ضيعات فلاحية خارج النفود الترابي لجماعة تيدسي.

وأوصت اللجنة، ضمن محضرها الرسمي، الذي اطلعنت عليه العمق، بوقف أي تحويل غير قانوني للمياه، وإزالة القنوات التي تم ضبطها، وإرجاع الوضع إلى ما كان عليه، خلال 10 أيام، كما دعت الحوض المائي إلى مراسلة صاحب القطعة الأرضية التي حفر فيها البئر “ع.ص” قصد الالتزام ببنود الترخيص المقدم له تحت طائلة سحبه طبقا للقانون المعمول به.

كما دعته إلى تسوية وضعيته القانونية للجلب قصد سقي المساحة المصرح بها في الرخصة مع المجلس الجهوي لاستثمار الفلاحي بسوس ماسة، إلا أن فاعلين جمعويين يؤكدون أن هذه التوصيات لم يُفعَّل مضمونها بعد.

وسجل ذات الفاعلون ملاحظات وصفوها بـ“الشكلية” على محضر اللجنة، مشيرين إلى غياب التنصيص الواضح على إحداثيات بعض الضيعات التي يُشتبه في استفادتها من المياه داخل تراب جماعة المهادي منها ضيعة تابعة لفلاح نافذ بسوس ماسة، وهو ما اعتبروه نقصا في المعطيات التقنية الواردة في الوثيقة.

كما أشاروا إلى أن صاحب القطعة التي أنجز بها البئر لم يدل بوثيقة واضحة تخوله نقل المياه خارج نطاق الترخيص، في الوقت الذي بدت فيه بعض المساحات التي قيل إنها مخصصة لزراعة الذرة خالية من أي نشاط فلاحي ظاهر.

وطالبوا السلطات المختصة بضرورة تفعيل قرارات اللجنة وتنزيلها على أرض الواقع، مع فتح تحقيق تقني معمق يكشف بشكل واضح مسار المياه “المسروقة”، وضمان حماية الموارد المائية بالمنطقة.

وكانت جمعية تاركة نتيدسي للبيئة والماء والفلاحة قد وجهت تقريرا مفصلا إلى كل من عامل عمالة تارودانت ووكالة الحوض المائي سوس ماسة، كشفت فيه ما وصفته بـ“استغلال غير قانوني وخطير للمياه الجوفية بواحة تيدسي”، معتبرة أن هذا المورد الحيوي يشكل أساس الحياة بالمنطقة وركيزة لتوازنها البيئي، وأن أي استنزاف له “يمثل تهديدا مباشرا للأمن المائي للسكان”.

وأوضح التقرير أن الواقعة تعود إلى 1 أكتوبر 2023 حين أقدم المدعو “ب أ” على حفر وربط بئر سطحي داخل الواحة بقنوات مائية بهدف نقل المياه نحو منطقة المهادي. وأكد أن المعني بالأمر ادعى وجود اتفاقية شراكة تجمعه بجماعة المهادي لتزويد السكان بالماء الصالح للشرب، غير أن المعطيات الميدانية – بحسب التقرير – تثبت أن الهدف الحقيقي هو سقي ضيعاته الفلاحية الخاصة، في خرق صارخ لمقتضيات القانون 36.15 المتعلق بالماء. وزاد التقرير موضحا أن هذه المياه لم تصل قط إلى دواوير جماعة المهادي، بل تُستغل يوميا لفائدة الضيعات الخاصة بالمشتكى به.

وكشف أن الجمعية باشرت، منذ اكتشاف الخرق، عدة خطوات قانونية وإدارية، من بينها مراسلة مدير وكالة الحوض المائي، وتوجيه نسخ من الشكاية إلى عامل إقليم تارودانت، وقائد قيادة مشرع العين، ورئيس جماعة تيدسي ن تداولت، ومدير المركز الجهوي للاستثمار الفلاحي بأولاد تايمة، إضافة إلى وزارة التجهيز والماء. غير أن الجمعية أكدت أن هذه المراسلات “لم تلق أي تجاوب فعلي”، ولم يتم اتخاذ أي إجراء لوقف الأشغال أو التحقق من الوضعية القانونية.

وأضاف نفس المصدر أن لجنة عاملية انتقلت إلى موقع الشكاية بتاريخ 24 مارس 2024، غير أن مهامها لم تُستكمل بالشكل المطلوب، بعدما قام المشتكى به – وفق رواية الجمعية – بتوجيه اللجنة نحو منطقة بعيدة عن موقع الخرق، ما حال دون تسجيل الملاحظات التقنية الضرورية. وأوضح التقرير أن الجمعية توصلت لاحقا بمحضر صادر عن وكالة الحوض المائي بتاريخ 19 مارس 2024، يشير إلى اتفاقية شراكة مزعومة بين المشتكى به وجماعة المهادي، غير أن هذه الوثيقة تُستعمل، وفق التقرير، “كغطاء لتبرير نقل المياه”، بينما يتم الاستغلال الفعلي لأغراض فلاحية خاصة.

وسجل التقرير الندي اطّلعت عليه جريدة “العمق” مجموعة من الاختلالات التي وصفها بـ“الخطيرة”، من بينها غياب احترام المساطر القانونية، واستعمال اتفاقية الشراكة بشكل “احتيالي” لتحويل المياه خارج مجالها الطبيعي، وتوقيع الاتفاقية مع شخص ذاتي وليس مع إطار قانوني، ما يجعلها “باطلة قانونيا”.

كما أكد ذات التقرير وجود عمليات بيع للمياه الجوفية المستخرجة من أحواض الواحة لفائدة فلاحين بمنطقة المهادي، مقابل مبالغ مالية، في وقت تستمر فيه عملية الاستنزاف إلى اليوم، مع غياب الشفافية في المعاينات الميدانية وعدم التجاوب مع مراسلات الجمعية.

وختمت الجمعية تقريرها بالتشديد على أن الوضع بات خطيرا وينذر بتدهور بيئي غير مسبوق، داعية إلى فتح تحقيق استعجالي، وإيفاد لجنة تقنية مختصة لإجراء معاينة شاملة، وإيقاف الاستغلال غير القانوني إلى حين استكمال التحقيق، والتأكد من قانونية الاتفاقية المزعومة، واتخاذ الإجراءات اللازمة في حق كل المتورطين في تحويل مياه الواحة عن غايتها الأصلية.

ويشار إلى أنه عقب الربورتاج الذي نشرته العمق المغربي تحت عنوان: “العطش يهدد مئات الأسر بنواحي أولاد تايمة وسط اتهامات لفلاحين كبار بـ “سرقة المياه الجوفية”، أصدر رئيس جماعة المهادي بيانا نفى فيه توقيعه على أي اتفاقية مع أي طرف بتيدسي لنقل مياه بئر أنجزت في واحة تيدسي إلى نفوذ تراب جماعته، غير أن الجريدة حصلت على وثائق رسمية تناقض هذا النفي، بينها مراسلتان صادرتان عن وكالة الحوض المائي ووزارة التجهيز والماء، تؤكدان وجود اتفاقية مبرمة بين الجماعة وأحد الخواص بتيدسي، وتتعلق بحفر بئر لتزويد الساكنة بالماء الشروب.

وتوضح مراسلة وكالة الحوض المائي المؤرخة بـ7 مارس 2024 أن البئر موضوع الشكاية انجز بناء على ترخيص رسمي رقم (4043/2023) بعمق 200 متر، ومجهزة بمضخة غاطسة وقناة ناقلة تمر عبر طرق تؤدي إلى ضيعات فلاحية خاصة، مؤكدة أن صاحب البئر دخل في اتفاقية مع جماعة المهادي لتزويد الساكنة بالماء.

أما مراسلة وزارة التجهيز والماء بتاريخ 3 فبراير 2024، فقد زكت المعطيات نفسها، مبرزة أن العملية تدخل في إطار تزويد جماعات قروية بالماء الشروب، لكنها شددت على ضرورة التحقق من سلامة المساطر القانونية المرتبطة بالاتفاقية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا