أكد محمد بنعليلو، رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الاثنين، أن “مواجهة الفساد لا يمكن أن تكون رهينة بمنطق رد الفعل وتحريك المساطر، بشكل ظرفي ومناسباتي، ولا بحملات تجميع المبادرات المتناثرة، دون رؤية واحدة وموحدة”.
وأوضح بنعليلو، خلال تقديمه الخطوط العريضة للاستراتيجية الخماسية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها 2025- 2030، في لقاء بالرباط، بحضور عدد من المسؤولين المغاربة، أن الفساد منتشر في كثير من المجالات، “وانتظارات المواطنين المغاربة ارتفعت في هذا الصدد”.
هذا يستدعي، وفق المسؤول ذاته، “تحولا مؤسساتيا عميقا قوامه الانتقال من منطق التصدي والمعالجة إلى منطق الوقاية الذكية والاستباقية”، و”من وصف الظواهر وتقديم التقارير إلى بناء منظومة قادرة على فهم الفساد والتنبؤ به، كذلك من معالجة الحالات الفردية إلى هندسة شاملة لنظام يستوعب القطاع العام والخاص”.
وفي هذا الصدد، أكد أنه “يتعين بناء كتلة وطنية واسعة، تتقاطع فيها مسؤولية الدولة والمجتمع، كما أراد الملك محمد السادس”.
واستشهد بتأكيد الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى الـ17 لعيد العرش، أن “الفساد ليس قدرا محتوما. ولم يكن يوما من طبع المغاربة؛ غير أنه تم تمييع استعمال مفهوم الفساد، حتى أصبح وكأنه شيء عادي في المجتمع”، وأن محاربته “لا ينبغي أن تكون موضوع مزايدات، ولا أحد يستطيع ذلك بمفرده، سواء كان شخصا أو حزبا أو منظمة جمعوية؛ بل أكثر من ذلك ليس من حق أي أحد تغيير الفساد أو المنكر بيده، خارج إطار القانون”.
وفي هذا الصدد، أفاد بنعليلو بأنه من هذا الوعي والرؤية تنطلق الاستراتيجية الخماسية، وكذلك من مرجعية قانونية “حولت الهيئة من مؤسسة محدودة الصلاحيات إلى قطب وطني في قيادة النزاهة”.
وأضاف رئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها أن هذه الاستراتيجية جاءت لبلورة رؤية تعيد تموقع الهيئة وتمنحها القدرة على التحليل والتنبؤ والمكافحة، في التزام تام مع الالتزامات الدولية للمغرب والممارسات الفضلى في التجارب المقارنة”.
وتقوم الاستراتيجية الخماسية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها للفترة 2025-2030 على ستة محاور مترابطة، تشكل في مجملها 24 محورا فرعيا، تندرج في 99 مشروعا بغايات وأهداف واضحة، على امتداد الخمس سنوات المقبلة.
وأكد بنعليلو: “ندرك أن منطق التدخل بعد وقوع الضرر ومنطق تحريك المساطر بعد وقوع الحدث، بشكل مناسباتي، لم يكن يوما كافيا أو مقنعا أو قادرات على تحقيق حماية الدولة والمجتمع، خاصة في ظل التحولات المتسارعة في العالم، والسرعة الكبيرة التي يتطور بواسطتها الفساد”.
وشدد المسؤول عينه، في هذا الصدد، على أن “الفساد لم يعد مجرد رشوة صغيرة أو تضارب مصالح محدود…، بل سلوكا منظما له قدرة على التكيف والتأثير، ووسائل تيسر التهريب للأموال المتحصلة، وكيفية إخفاء هذه الأمور”. ولذلك، وفقه، “لم يعد مطلوبا مواجهة ظاهرة معقدة بأساليب تقليدية”.
وسجل بنعليلو أن الاستراتيجية الجديدة للهيئة “أكثر من مجرد خطة عمل بل هندسة جديدة لطريقة اشتغال الهية ولعلاقتها بباقي المؤسسات؛ فهي بهذا المعنى ليست برنامجا إداريا ينفذ في المكاتب بل هي مشروع مؤسسة برؤية متكاملة من أجل النهوض بالنزاهة العمومية وجعل مكافحة الفساد مسارا قائما على آليات واضحة وخطط متكاملة مؤشرات قابلة للقياس، وتقارير تقييم تضمن وتدرج في التقرير السنوي المرفوع للملك محمد السادس”.
وعاد للتأكيد على أن هذه الاستراتيجية هي “ترجمة للتوجيهات الملكية السامية التي أكدت أن محاربة الفساد ليست خيار ظرفيا ولا شعار عابرا بل هي التزام دائم”. وتابع: “هذا تفويض مؤسساتي يسائل الجميع، حكومة وبرلمانا وقضاءً وهيئات حكامة…، عن الجهود المبذولة من قبلهم”.
المصدر:
هسبريس