في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن فواجع آسفي وفاس كشفت بشكل صارخ حدود الأداء الحكومي وعجزه عن الانتقال من منطق التدبير الظرفي إلى منطق الوقاية والاستباق، محمّلاً الحكومة المسؤولية السياسية الكاملة عن الخسائر البشرية التي خلفتها الفيضانات.
وشدد لشكر، في حلوله ضيفا ضمن برنامج “نبض العمق”، بث مساء اليوم الجمعة على منصات العمق المغربي، على أن قواعد الديمقراطية واضحة ولا تقبل الالتباس، إذ إن من يوجد في موقع السلطة التنفيذية هو المسؤول عن حماية المواطنين وتدبير الاستثمارات العمومية، فيما يظل دور المعارضة محصوراً في التنبيه والاقتراح والمراقبة.
وأبرز أن ما وقع لم يكن قدراً مفاجئاً ولا حادثاً معزولاً، بل نتيجة مباشرة لغياب إرادة حقيقية لتفعيل دراسات وإنذارات ظلت موثقة ومعروفة منذ سنوات.
واعتبر أن محاولة تحميل الأحزاب المعارضة مسؤولية ما جرى في آسفي أو فاس تمثل مغالطة للرأي العام، لأن الأحزاب لا تملك ميزانيات الدولة ولا تشرف على تنفيذ المشاريع ولا تتخذ قرارات البنية التحتية والوقاية من المخاطر.
وأوضح الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي أن الكوارث الطبيعية التي يشهدها المغرب، خاصة الفيضانات، ليست مجهولة المواقع ولا غير متوقعة، مؤكداً أن الدراسات التقنية والعلمية حددت منذ زمن مناطق الهشاشة ومكامن الخطر.
واستحضر في هذا السياق تجارب سابقة، مثل ما وقع في منطقة ستي فاطمة، حيث أدى اعتماد مقاربات وقائية، من قبيل محطات الإنذار المبكر ومعالجة أسباب الخطر، إلى تفادي تكرار المآسي.
ولفت إلى أن المغرب يتوفر اليوم على معطيات دقيقة حول الفيضانات والجفاف والضغط المائي، غير أن الإشكال يكمن في غياب الترجمة العملية لهذه المعطيات إلى سياسات عمومية استباقية.
وأشار لشكر إلى أن معالجة هذه الاختلالات تتطلب تعبئة مالية واضحة ومبرمجة، مبرزاً أن الدراسات تشير إلى حاجة تقدر بحوالي 40 مليار درهم، يمكن رصدها على أشطر، من أجل الوقاية من الفيضانات وحماية الأرواح والممتلكات، بدل الاكتفاء بردود الفعل بعد وقوع الكارثة.
واعتبر أن استمرار منطق الانتظار والتدخل بعد الفاجعة يكرس الهشاشة ويضاعف كلفة الخسائر الإنسانية والمادية.
وفي هذا الإطار، توقف لشكر عند الرسالة الملكية التي وُجهت للحكومة عقب فاجعة آسفي، معتبراً إياها تنبيهاً واضحاً ومسؤولاً إلى ضرورة التسريع بالمعالجة الجذرية، ومؤشراً على أن التدخل الملكي كان حاسماً في الحد من تفاقم الأضرار، مؤكدا أن هذه الرسالة حملت توجيهات دقيقة حول ما ينبغي القيام به، مبرزاً أنه لولا هذه المبادرة لكان من الممكن أن تتوسع دائرة الخسائر.
وأوضح أن حزب الاتحاد الاشتراكي اختار، في تعاطيه مع هذه الفواجع، الابتعاد عن منطق الشعبوية والمزايدات السياسية، ورفض استغلال آلام الضحايا لأغراض انتخابية أو إعلامية، مفضلاً الاشتغال الهادئ عبر تنظيماته الجهوية والمحلية، خصوصاً بآسفي، والتفكير في مبادرات ذات طابع اقتراحي، قبل أن يقرر التركيز على تتبع تنفيذ التوجيهات الملكية وممارسة دوره الرقابي داخل المؤسسات.
وربط لشكر بين المآسي الاجتماعية التي تكشفها الكوارث الطبيعية وبين المفارقة الأوسع التي يعيشها المغرب، حيث تتجاور لحظات الفرح الجماعي، مثل التتويج الكروي الأخير، مع صور الألم والفقدان، معتبرا أن هذه المفارقة تعكس عمق الاختلالات البنيوية التي ما تزال تعيق ربط الفعل العمومي بالكرامة الاجتماعية، محذراً من تحويل النجاحات الرياضية إلى غطاء يحجب أعطاباً مزمنة في تدبير الشأن العام.
وأكد لشكر أن استعادة الثقة في السياسة تمر عبر وضوح المسؤوليات، وفي مقدمتها مسؤولية الحكومة عن حماية الأرواح والوقاية من الكوارث، وربط الخطاب بالممارسة، والقطع مع التوظيف المناسباتي للأحداث، معتبراً أن الرهان الحقيقي هو بناء سياسات عمومية استباقية وعادلة تجعل من كرامة المواطن جوهر الفعل السياسي، لا نتيجة جانبية له.
المصدر:
العمق