آخر الأخبار

باحثون: قانون المالية يهدئ الأوضاع .. والتمويلات المبتكرة جرعة أوكسجين

شارك

أبرزت قراءات أساتذة جامعيين وباحثين مغاربة، الخميس، ضمن جلسة علمية قاربت “الحكامة الاجتماعية.. الشفافية والمسؤولية الرقمية في الإنفاق الاجتماعي”، أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 “يرسّخ إحدى الوظائف المالية للدولة، كتهدئة الأوضاع الاجتماعية، لا سيما من خلال آلية الدعم”.

وحذّرت هذه القراءات، التي قدمت خلال الجلسة ضمن يوم دراسي تساءل عن “الأبعاد الاجتماعية لمشروع قانون المالية لسنة 2026.. ضرورة أمنية أم استراتيجية للتنمية؟” منظم من لدن منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية بشراكة مع الجمعية المغربية للسياسات العمومية، من أن التمويلات المبتكرة عبر تفويت أصول الدولة، والتي تخطى حجمها التراكمي، حتى السنة الماضية، 100 مليار درهم، تمثل “جرعة أوكسجين مؤقتة فقط للميزانية؛ حيث لا تخلق قيمة مضافة وليست منتجة”.

تهدئة الأوضاع

محمد البقالي، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، قال إن “الشق الأول المعياري لقانون المالية لسنة 2026 جاء حافلا بالمعطيات التنقيحية والتعديلية التي تطال المنظومات القانونية الجارية؛ وهي منظومة الجبايات (القانون الضريبي، والقانون الجمركي)، ومنظومة التحصيل، ثم منظومة المراقبة المالية”.

مصدر الصورة

واستحضر البقالي، في مداخلته، نظرية المهام الثلاثية للدولة للاقتصادي الأمريكي من أصل ألماني ريتشارد موسغريف، مشيرا إلى أن “أولاها تعبئة الموارد (..) وإعادة توزيع الموارد وهو ما يتعلّق به نقاش الفوارق المجالية، فالوظيفة الثالثة هي وظيفة التهدئة”.

وفي هذا الصدد، اعتبر الأستاذ الباحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي أن الحكومة “من خلال هذا القانون (المالية لسنة 2026) توخت تهدئة الأوضاع الاجتماعية من خلال آليات؛ بينها الدعم نظرا لعدم قدرة السياسات المركبة والهيكلة على الاستجابة للأمر”، مذكّرا أن “السنة الماضية همّت التهدئة مع المتعاقدين فيما يتعلّق بالأجور”.

جرعة أوكسجين

سجّل يوسف بلحاج، عضو الجمعية المغربية للسياسات العمومية، بناء على نتائج تحليل أجراه، أنه بخلاف القوانين المالية لما قبل سنة 2019؛ حيث “كانت الفرضيات تطابق بشكل تقريبي الواقع (..) فإننا نجد أن القوانين التي تهم السنوات من 2021 إلى 2025 تتسم بفجوة واضحة بين الفرضيات المتوقعة والنتائج الفعلية، على صعيد عدد من المؤشرات”، كالتضخم وغيره.

مصدر الصورة

ولدى تطرقه إلى مسألة التمويلات المبتكرة، أوضح بلحاج، وهو أستاذ بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، في مداخلته، أنها “لا تخلق قيمة مضافة، ولا تعد منتجة؛ بل هي فقط بمثابة جرعة أوكسجين مؤقتة لميزانية الحكومة”.

وأشار الأستاذ الجامعي عينه إلى أنه “مثلا إلى غاية سنة 2024، وصل مجموع عمليات تفويت أصول الدولة إلى 105 مليارات درهم، وهي أصول سيتم تأجيرها لا حقا للدولة نفسها”.

وأضاف المتدخل عينه أن “متخصصين يؤكدون أنه لا يمكن تمويل مشاريع طويلة الأمد بموارد قصيرة الأمد كـ”التمويلات المبتكرة”، موردا أن ثمّة حول الموضوع “مقتضيات سطحية جدا، بدون تفاصيل حول المؤسسات المعنية، ولا حول المكاسب المتوقعة، أو مقارنة بين مردودية الاستثمار وكلفة الإنفاق”.

مصدر الصورة

أية مقاربة؟

من جهته، قدّم رشيد حسناوي، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، مداخلة تدارست “من المنظور الاقتصادي إلى المنظور السوسيولوجي لمشاريع قوانين المالية.. تحليل الحالة المغربية”، حيث شدد على أن “قانون المالية يعكس تصورات للعدالة والظلم، ويحتوي على ردود فعل اجتماعية متعددة”، معتبرا أن “المقاربة الاقتصادية وحدها لا تفسر الواقع الاجتماعي”.

وأوضح حسناوي، في مداخلته، أن “هذه المقاربة تتجاهل التصورات الاجتماعية وموازين القوى ومدى قبول المواطنين للإجراءات، خاصة عند تطبيقها على مستوى وطنية دون مراعاة الخصوصيات الترابية الجهوية”.

وفي هذا الإطار، قدّم المتدخل عينه مثالا موضحا، قائلا إن ” نظام الدعم في إطار صندوق المقاصة، مثلا، وكل ما قامت به الدولة لإلغاء دعم أسعار مجموعة من المنتجات، قد يُقدّم من قبل السلطات العمومية باعتباره إجراءً عقلانيا لضمان التوازنات المالية، ولانسجامه مع منطق تحرير السوق وغيرها من المبررات”؛ لكن “هذه القراءة الاقتصادية البحتة تهمل الديناميات الاجتماعية المصاحبة: مثل الإضرابات، تراجع القدرة الشرائية، الاختلالات القطاعية، البطالة”…

مصدر الصورة

المالية والـAI

أبرزت سامية جيراري، عضوة منتدى الباحثين بوزارة الاقتصاد والمالية، أن “الرقمنة لم تعد مستقبل الحوكمة؛ بل أصبحت شرطا لها”.

وأكدت جيراري، في مداخلتها، أن قانون المالية للسنة المقبلة يضع المغرب على “مسار حوكمة اجتماعية حديثة، في عصر باتت فيه الرقمية والذكاء الاصطناعي يعيدان تعريف النماذج العمومية التقليدية”.

وأبرزت الدكتورة في علوم التدبير أن “الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يجب أن يكون محددا”، مشيرة إلى نقص قواعد البيانات المتطورة في المغرب، وغياب ميزانية مخصصة، فضلا عن “الفجوة الكبيرة” في الموارد المرصودة مقارنة بدول الهند والسعودية؛ ما يستدعي، في منظورها، وضع خطة وطنية موحدة لذكاء الآلة، مع بنية تحتية رقمية قوية ومراكز بيانات ومنصات سحابية.

وأكدت جيراري أن “الفجوة الرقمية والتفاوتات الترابية بين المدن والمناطق القروية تمثلان تحديا كبيرا”، مبرزة استعجالية تطوير المهارات والكوادر البشرية المؤهلة في الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات وحوكمة الموارد الرقمية، مع الحرص على إدماج تكوين مستمر في الإدارات لضمان استخدام التقنيات الحديثة.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا