قدّم الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية بمجلس النواب مجموعة من التعديلات المقترحة على مشروع القانون التنظيمي رقم 53.25 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب.
وشملت التعديلات مواد متعددة من القانون، همّت شروط الأهلية، وتدبير الترشيحات، ومساطر التجريد من العضوية، ودعم المترشحين، والعمليات الانتخابية، والطعون، فضلا عن تعديلات أخرى همت الأحزاب السياسية.
إعادة هيكلة الخريطة الانتخابية لتعزيز تمثيلية المرأة والجالية
تضمنت التعديلات مقترحا لإعادة توزيع المقاعد المخصصة لمجلس النواب، البالغ عددها 395 مقعدا، بهدف تعميق مبدأ المناصفة وتمكين المرأة والجالية المغربية المقيمة بالخارج، حيث يقترح الفريق الاشتراكي تخفيض عدد مقاعد الدوائر الانتخابية المحلية من 305 إلى 256 مقعدا.
كما دعا الفريق إلى الرفع من الدوائر الانتخابية الجهوية النسائية عبر زيادة عدد المقاعد المخصصة للنساء في الدوائر الجهوية من 90 إلى 132 مقعداً، مما يمثل الثلث في أفق المناصفة، وذلك بإنشاء دوائر مخصصة للنساء تتراوح مقاعدها بين 4 و 7 مقاعد في كل جهة، مقترحا أيضا إحداث دائرة خاصة بمغاربة العالم وتخصيص 7 مقاعد لها.
وأوضح الفريق في تعليله أن هذا التقسيم يهدف إلى تصحيح اختلالات التقسيم الحالي وضمان المساواة التمثيلية، مع مراعاة البعد الديمغرافي والمجالي. كما اقترح الفريق إحداث الدوائر الانتخابية النسائية وتحديد عدد مقاعدها بمرسوم.
وأشارت المعارضة الاتحادية إلى أن “التقسيم الانتخابي ليس مجرد مرسوم تنظيمي، أو إجراء تقني، بل هو إطار حقيقي وفعلي للتمثيل الديمقراطي للمواطنات والمواطنين في المؤسسات المنتخبة، ولتحقيق أكبر قدر من المساواة التمثيلية، والعدالة الانتخابية، ويُمكِّن من فسح المجال لترشيحات نسائية وشابة، وكفاءات من الجالية المغربية المقيمة بالخارج، وكلاء لعدد من اللوائح المحلية والجهوية.
وفي هذا الإطار، أكد ضرورة اعتماد منظور يرتكز على تصحيح اختلالات التقسيم الانتخابي الحالي، بما يضمن المساواة التمثيلية والنجاعة الضرورية وانتخاب أعضاء مجلس النواب في إطار الاقتراع باللائحة، باعتماد دوائر محلية ودوائر مخصصة للنساء، ودائرة مغاربة العالم وتوزيع الدوائر الانتخابية المحلية والدوائر المخصصة للنساء بناءً على معيار عدد السكان طبقا لآخر إحصاء عام للسكان 2024.
كما شدد على ضرورة مراعاة البعد المجالي كلما تعلق الأمر بدوائر انتخابية شاسعة المساحة وأن يندرج التقسيم الانتخابي ضمن المعايير الدولية المقبولة على أساس التوازن الديمغرافي والمساواة التمثيلية بين الدوائر الانتخابية.
كما اقترح إجراء تغيير على الدوائر الجهوية، باعتماد مفهوم الدوائر المخصصة للنساء، بهدف تمكين المترشحات الإناث بأحكام خاصة من شأنها تحقيق غاية دستورية، تتمثل في إتاحة فرص حقيقية لهن لتولي الوظائف الانتخابية، تطبيقا لأحكام الفصل 19 من الدستور الذي ينص على أنه “تسعى الدولة إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء”، والفصل 30 الذي يقر صراحة أنه “ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في ولولوج الوظائف الانتخابية”.
وأكد العمل على إضافة دوائر داخل الجهة، تكون عدد المقاعد فيها متراوحة بين 4 مقاعد كحد أدنى، و7 مقاعد كحد أقصى، لنصل إلى 22 دائرة انتخابية بدلا من 12 دائرة حاليا، بما يحقق 132 مقعدا مخصصا للنساء والتي تمثل الثلث في أفق المناصفة كما ورد في الدستور، وبما تراعى فيها نسبتي الكثافة السكانية والمساحة الجغرافية.
ومن المقترحات أيضا إحداث الدوائر الانتخابية المحلية والدوائر الانتخابية النسائية ويحدد عدد المقاعد المخصصة لكل دائرة انتخابية بمرسوم، ويراعى في تحديد الدوائر الانتخابية قدر الإمكان تحقيق توازن ديموغرافي فيما بينها، مع مراعاة الجانب المجالي ويكون النفوذ الترابي للدوائر الانتخابية متجانسا ومتصلا وتحدث دائرة انتخابية محلية واحدة في كل عمالة أو إقليم أو عمالة مقاطعات، ويخصص لها عدد من المقاعد يحدد بمرسوم، غير أنه يجوز أن تحدث فيدمج بعض العمالات أو الأقاليم أكثر منفي دائرة انتخابية محلية واحدة وتحدث دائرة انتخابية نسائية واحدة أو أكثر في كل جهة، ويخصص لها عدد من المقاعد بين 4 و7 مقاعد.
تعديلات شروط الأهلية وترشح الشباب
وهمت تعديلات الفريق الاشتراكي المادة 6 المرتبطة بشروط الأهلية، حيث دعا لعدم التنصيص على منع الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام ابتدائية بالإدانة من أجل جناية”، مبرزا أنه “رغم أهمية توسيع دائرة محاربة الفساد من خلال اتخاذ تدابير ملموسة للحد من مختلف أشكال الفساد الانتخابي، مع تشديد العقوبات على المخالفات في هذا الشأن؛ لكن مع احترام تام للمبادئ الدستورية، لاسيما الحق في محاكمة عادلة وقرينة البراءة.
وذكر فريق “الوردة” تنص الفقرة الرابعة من الفصل 23 من الدستور، على أن “قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان”؛ وتنص الفقرة الخامسة من المادة 1 من القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية، كما وقع تغييره وتتميمه، على أن “كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة يعتبر بريئا إلى أن تثبت إدانته قانونا بمقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به، بناء على محاكمة عادلة تتوفر فيها كل الضمانات القانونية”، ومن بين هذه الضمانات، الحق في الطعن في القرارات والأحكام القضائية، مما يتطلب عدم مصادرة هذا الحق، حسب الفريق الاشتركي.
وبخصوص ترشح الشباب، اقترح الفريق الاشتراكي ربط استفادة لوائح الترشيح المقدمة برسم الدوائر الانتخابية المحلية من لدن مترشحين بدون انتماء حزبي التي تتضمن، في كل لائحة “ترشيح معنية، مترشحين مرتبين بالتناوب بين الجنسين ولا يزيد عمر كل واحد منهم على 35 سنة في تاريخ الاقتراع الاستفادة من دعم “مالي عمومي يعادل خمسة وسبعين في المائة (75 %) من المصاريف الانتخابية للائحة الترشيح بمناسبة حملتها الانتخابية، شريطة “ألا يتعدى مبلغ الدعم المذكور خمسة وسبعين في المائة (75 %) من سقف المصاريف الانتخابية للمترشحين المحدد بموجب المرسوم”، أن تحصل لائحة الترشيح المعنية على نسبة خمسة في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها.
وعلل الفريق الاشتراكي مقترحه “أن تكون الترشيحات بدون انتماء سياسي جدية، يتعين ربط الدعم العمومي بالحصول على نسبة خمسة في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها، وفق ما هو منصوص عليه في المادة 27 من هذا القانون التنظيمي”.
وبخصوص الحق في الاستفادة من الدعم المالي العمومي للوائح الترشيح المقدمة برسم الدوائر الانتخابية الجهوية من لدن مترشحات بدون انتماء حزبي لا يزيد عمر كل واحدة منهن على 35 سنة في تاريخ الاقتراع، والتي حصلت على نسبة خمسة في المائة على الأقل من الأصوات المعبر عنها”، أكد الفريق الاشتراكي ضرورة أن “أن يودع وكيل اللائحة أو المترشح بدون انتماء حزبي برنامجا انتخابيا متكاملا، ضمن وثائق التصريح بالترشيح، وللسلطة المكلفة بتلقي الترشيحات تقييم جديته، تحت طائلة رفض الترشيح. كما يدلي بشهادة بنكية لإثبات فتح حساب خاص بالحملة الانتخابية والتوفر على رصيد كاف لتمويل مصاريفها”.
وعلل الفريق مقترحه بعقلنة وترشيد اللجوء إلى الترشيح بدون انتماء سياسي، داعيا من جهة ثانية “لمنع تسخير أكثر من مائة أجير عن كل يوم خلال الحملة الانتخابية، على صعيد كل دائرة انتخابية، لتوزيع المنشورات والإعلانات الانتخابية، أو للسير في مسيرات أو مواكب متنقلة من أجل محاربة التغول واستعراض سلطة المال في الحملات الانتخابية”.
وفي سياق الطعون الانتخابية، جاء تعديل الفريق الاشتراكي ليعيد التأكيد على ضرورة السماح بالطعن في التصريحات بالترشيح المقبولة أمام المحكمة الدستورية بمناسبة الطعن في نتيجة الانتخاب، معتبراً أن حذف هذا المقتضى يخلق إشكالات تتعلق بقبول ترشيحات غير مستوفية لشروط الأهلية.
كما طالب بنسخ الفقرة الأخيرة المضافة إلى المادة 88، والمتعلقة بمعاقبة من يرفض تسلم قرار المحكمة الدستورية، بدعوى أن قرارات هذه الأخيرة نافذة ولا تتوقف على التبليغ، وبالتالي لا موجب لتجريم هذا الفعل. كما شمل التعديل رقم 34 المادة 51 المكررة بإدخال تغييرات تقنية على المقتضيات الجديدة.
تخفيض قيمة الهبات الممنوحة للأحزاب
دعا الفريق الاشتراكي تخفيض الحد الأقصى لقيمة الهبات والتبرعات النقدية أو العينية، على أن لا يتعدى مبلغها الإجمالي 500 ألف، حتى لا تصبح هذه الهبات مدخلا للتحكم في الأحزاب.
كما أكد الفريق في تعديلاته المقترحة على أنه “يجوز لكل حزب سياسي أن يحدث مؤسسات موازية تهتم بالتفكير والتكوين وإنتاج الأبحاث والدراسات في مختلف القضايا السياسية والمساهمة في الديبلوماسية الموازية”.
وأوضح الفريق أن الغاية من هذا التعديل هو تمكين الأحزاب السياسية من إحداث مؤسسات موازية تهتم بالتفكير والتكوين وإنتاج الأبحاث والدراسات في مختلف القضايا السياسية والمساهمة في الديبلوماسية الموازية، ملفتا أنه تستفيد من التمويل العمومي للدولة لتأهيل العمل الحزبي ودعمه بالمعرفة الأكاديمية والبحث العلمي، مما ينعكس في نهاية المطاف على تطوير السياسات العمومية، وتتيح هذه المؤسسات الحزبية الموازية إمكانية التأثير في مثلا في إفريقيا في إطار الدبلوماسية الفكرية ومن خلال التأطير والتكوين مع الشركاء الحزبيين الأفارقة.
واقترح الفريق الاشتراكي تعديل حصول الأحزاب السياسية على دعم مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية وذلك كل خمس سنوات عوض أربعة التي جاء بها النص الأصلي، تماشيا مع التوجه الدستوري، حيث تنص الفقرة الأولى من الفصل 62 من الدستور، على أن ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات، وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس؛ وفي ضوء نتائج هذه الانتخابات، تنص الفقرة الأولى من الفصل 47 من الدستور، على أن يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها.
وأكد ضرورة ملاءمة عقد المؤتمر الوطني للحزب مع هذه الأحكام الدستورية، وجعل مؤتمراتها تنعقد مرة كل خمس سنوات، حتى يتمكن مدبري الشأن الحزبي من الاشتغال لمدة ولاية كاملة توزاي مدة ولاية الحكومة، على أن يفقد الحزب حقه في الاستفادة من الدعم في حال عدم عقد مؤتمره في الوقت المحدد.
المصدر:
العمق