أقرت وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، بوجود 30 خيمة و1000 كوخ لازال يأوي بعض الأسر المتضررة من زلزال الحوز، في مناطق وصفتها بأنها “غير قابلة للبناء”، مضيفة أن “الدولة لا تغامر بسلامة المواطنين، ونشتغل لكي لا يبقي أي مواطن في خيمة”.
وشددت المنصوري خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارتها، اليوم الخميس، بلجنة الداخلية بمجلس المستشارين، أن محاولة البعض اليوم استغلال هشاشة المتضررين لأغراض سياسية “أمر غير مقبول”، وقالت: “هناك مواضيع كثيرة يمكن استغلالها سياسيا، لكن زلزال الحوز لم نعتبره ولو للحظة موضوعا سياسيا”.
وأشارت المتحدثة إلى أن فاجعة زلزال الحوز كانت “قضاء إلهيا صادما فاجأنا جميعا”، مؤكدة أنها شخصيا، باعتبارها “ابنة الحوز”، عاشت التفاصيل الدقيقة لهذه المأساة منذ لحظاتها الأولى، إذ انتقلت مباشرة بعد وقوع الزلزال إلى المنطقة وشاهدت “مشاهد مؤلمة وصراخ المواطنين وتشتتهم بين الدواوير”، قبل أن يبرز في المقابل “تضامن المغاربة الذي أعطى درسا للعالم في الأخلاق والقيم والإنسانية”.
وأضافت المنصوري، أن لحظة الزلزال كانت تجسيدا لـ “الإسلام الحقيقي” حيث قدّم المغاربة ما استطاعوا، “من كان يملك القليل أعطاه، ومن كان يملك الكثير أعطاه”، مضيفة: “واش كاين أكثر من أن جلالة الملك يعطي دمو للمغاربة؟” في إشارة إلى إشراف الملك محمد السادس شخصيا على عمليات التضامن والتوجيه.
وأوضحت المسؤولة الحكومية، أن الملك عقد اجتماعين فوريين بعد الزلزال، وأمر بإحداث لجنة بين وزارية عقدت إلى حدود اليوم أكثر من 16 اجتماعا، إلى جانب لجان محلية وإقليمية وجهوية، وفرق إدارية “نزلت للميدان” وسلطات محلية “تكرفصات وقدمت مثالا رائعا في نكران الذات”، وفق تعبيرها.
وفي سياق الرد على الانتقادات التي تُوجَّه للحكومة بخصوص تأخر إعادة الإعمار، قالت المنصوري إن هناك من يحاول تبخيس الجهود عبر مقارنات مغلوطة من قبيل: “أنه تم بناء ملعب في 14 شهرا في حين لم نفعل شيئا للمتضررين”.
وأكدت الوزيرة أن الحكومة اتخذت قرارا واضحا: المواطن هو من سيبني منزله، فيما تتكفل الدولة بالدعم المالي والتأطير التقني، مشيرة إلى أن الوزارة وضعت دفتر تحملات صارم لضمان السلامة، وعبّأت 420 مهندسا معماريا عبر منصة رقمية أنشأتها مجموعة العمران خصيصا لبرنامج إعادة الإعمار.
وبلغة الأرقام، أعلنت المنصوري أن 53 ألف أسرة عادت إلى مساكنها من أصل 59 ألفا، بينما الأسر المتبقية توجد في مناطق “غير قابلة للبناء”، ولا يمكن للدولة أن “تغامر بسلامتهم”، مشيرة إلى وجود 30 خيمة و30 “بنغالو” فقط في المناطق الوعرة، مؤكدة: “نشتغل اليوم لكي لا يبقى أي مواطن في خيمة”.
وأوضحت الوزيرة أن بعض الأسر وافقت على الانتقال إلى مناطق بديلة “ودرنا لهم تجزئة سكنية”، بينما أسر أخرى ترفض الانتقال رغم أن مناطقها الأصلية “غير سليمة”، مؤكدة أن الحوار ما يزال مستمرا لإقناع الجميع.
وتحدثت المنصوري عن التحديات المرافقة لإعادة الإعمار، ومنها ارتفاع أسعار مواد البناء، خاصة في الدواوير الصعبة الولوج. ولتخفيف العبء، قالت إن وزارة الداخلية تكفلت بنقل مواد البناء إلى المواطنين لتقليص التكلفة النهائية، مشيرة إلى نقص اليد العاملة بسبب توجه العديد من العمال نحو القطاع الفلاحي، ما أدى إلى “صعوبات في إيجاد من يشتغل في البناء” ببعض المناطق.
وأكدت المسؤولة الحكومية، أن عمليات الإعمار تنطلق أيضا من الحفاظ على الطابع المعماري للمنطقة، باعتبار أن الحوز وجهة سياحية، وأن فقدان هويتها العمرانية “سيكلف الساكنة اقتصاديا”، مشددة أن الهندسة الجديدة تراعي الأصالة وفي نفس الوقت شروط السلامة.
وأوضحت، أن بعض الدول التي وقع بها زلازل قبل وقوع زلزال الحوز لازالت لحد الآن تبني لمواطنيها مساكن، مضيفة أنه في المغرب اخترنا أن المواطن هو من سيبني ونحن ندعمه، مؤكدة أن الحكومة ستظل تواكب الأسر المتضررة “إلى أن يرضى جميع المغاربة”.
المصدر:
العمق