آخر الأخبار

"طفل بتاريخين للميلاد"… لشكر ينتقد "ارتباك" مشروع الدفع بعدم دستورية القوانين

شارك

أكد إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين يعكس ارتباكاً مسطرياً خطيراً، محذراً من محاولات “تهريب لاختصاصات المحكمة الدستورية” عبر بوابة قانون التصفية.

وأوضح لشكر، في كلمة بمناسبة لقاء دراسي ينظمه الحزب يوم الثلاثاء 25 نونبر 2025، حول “مستجدات القضاء الدستوري في ضوء القانونين التنظيميين المتعلقين بالمحكمة الدستورية والدفع بعدم الدستورية”، أن مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 المتعلق بالدفع بعدم الدستورية يعاني من ارتباك مسطري خطير، حيث وصفه بـ”الطفل المسجل في دفتر الحالة المدنية بتاريخين مختلفين للميلاد” لعدم احتفاظه برقمه الأصلي بعد إسقاطه مرتين من قبل المحكمة الدستورية لعيوب إجرائية وموضوعية.

كما أكد أن المقتضيات التي تمنح محكمة النقض سلطة تقديرية واسعة في “نظام التصفية” للتحقق من جدية الدفوع، تشكل محاولة لـ”تهريب اختصاصات المحكمة الدستورية” التي تعد المختصة حصرياً بالنظر في الدفوع الدستورية طبقاً للفصل 133 من الدستور، مشدداً على أن نظام التصفية هو “جزء من الجوهر” وليس مجرد إجراء مسطري، ويتطلب تعزيز موارد المحكمة الدستورية بدلاً من سلبها اختصاصها الأصيل.

طفل بتاريخين للميلاد”.. تخبط في الدفع بعدم الدستورية

استهل لشكر كلمته بتشريح الوضعية غير القانونية لمشروع القانون التنظيمي رقم 35.24 المتعلق بالدفع بعدم دستورية القوانين، معتبرا أن المسار الذي قطعته الحكومة في هذا النص يعكس “تأخراً كبيراً وارتباكاً مسطريا”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن الحكومة، وبدلاً من تصحيح المسطرة بعد قرار المحكمة الدستورية (رقم 207.23) الذي أسقط المشروع السابق لعدم مروره بالمجلس الوزاري، لجأت إلى تقديم مشروع جديد برقم جديد، وهو ما وصفه لشكر بعبارة ساخرة: “هذا الإجراء يجعل القانون كالطفل المسجل في دفتر الحالة المدنية بتاريخين مختلفين للميلاد”.

وأكد زعيم الاتحاديين أن هذا الإجراء مخالف للفصل 86 من الدستور، الذي يوجب الاحتفاظ بالترقيم الأصلي للقوانين التنظيمية المرتبطة بالولاية التشريعية الأولى بعد الدستور، محذرا من محاولات “تهريب اختصاصات المحكمة الدستورية” عبر منح محكمة النقض سلطة تقديرية واسعة في “نظام التصفية” للتحقق من جدية الدفوع، مشدداً على أن هذا الاختصاص يجب أن يبقى حصرياً بيد قضاة المحكمة الدستورية.

وقال بهذا الخصوص: “مشروع القانون التنظيمي رقم 35,24، فقد كان يحمل رقم 86.15، وبعد المصادقة عليه في مجلسي البرلمان، أحيل على المحكمة الدستورية التي قضت بعدم دستورية مجموعة من مقتضياته وهذا ما تضمنه قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18، وبعد مدة ليست بالقصيرة، قامت الحكومة بإحالة مشروع القانون التنظيمي من جديد على البرلمان بعد ترتيب الآثار بناء على قرار المحكمة الدستورية، وبعد مصادقة مجلسي البرلمان، أحيل من جديد على المحكمة الدستورية والتي بمقتضى القرار 207/23 قضت بعدم دستورية الإجراءات المتبعة لإقرار هذا القانون التنظيمي والمتمثلة أساسا في عدم مصادقة المجلس الوزاري”.

وتابع: “في الوقت الذي كنا فيه ننتظر تصحيح المسطرة وترتيب الآثار، نتفاجئ بتقديم الحكومة لمشروع قانون تنظيمي جديد برقم جديد هو 35.24، وفي نظرنا هذا إجراء مسطري يجعل هذا القانون التنظيمي كالطفل المسجل في دفتر الحالة المدنية بتاريخين مختلفين للميلاد، كما أن إعطاء رقم جديد لمشروع القانون التنظيمي هذا، مخالف للدستور”.

وزاد موضحا: “الفصل 86 من الدستور ينص على أن تعرض القوانين التنظيمية المنصوص عليها في هذا الدستور وجوبا قصد المصادقة عليها من قبل البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ هذا الدستور، وبالنتيجة لهذا الفصل فالقانون التنظيمي يجب أن يحتفظ بالرقم الأول الذي أعطي له في الولاية التشريعية الأولى بعد دخول دستور 2011 حيز التنفيذ”.

نظام التصفية: تهريب لاختصاصات المحكمة الدستورية

اعتبر إدريس لشكر أن المقتضيات الواردة في مشروع القانون التنظيمي رقم 35.24، والمتعلقة بالبت في الدفوع بعدم دستورية القوانين أمام محاكم المملكة، تتضمن ما يشكّل “تهريباً لاختصاصات المحكمة الدستورية”، مؤكداً أن المشروع منح محكمة النقض صلاحيات لا يقرّها الدستور، خصوصاً ما ورد في الفقرة الأولى من المادة 9 التي تخوّل لها التحقق من “وجود صلة بين المقتضى التشريعي محل الدفع وبين الحق أو الحرية موضوع الخرق أو الانتهاك والتي يضمنها الدستور”.

وقال لشكر إن هذا التوجه يطرح عدداً من الإشكالات، لاسيما في ضوء مضامين قرار المحكمة الدستورية رقم 70.18، الذي شدّد على ضرورة التوفيق بين حق الأطراف في إثارة الدفع بعدم الدستورية أمام المحاكم، وبين الاختصاص الحصري للمحكمة الدستورية في البت شكلاً وموضوعاً في الدفوع المحالة إليها.

وأكد القرار أن تحقيق النجاعة القضائية وسرعة البت يقتضيان من المشرّع “حصر نطاق الشروط التي يتحقق القاضي من استيفائها في تلك التي لا تشكّل عناصر تقدير أولي للدستورية، وإحداث آلية كفيلة بإرساء نظام للتصفية بالمحكمة الدستورية”، مع تحديد تركيبتها وضوابط عملها بقانون تنظيمي.

وبناءً على ذلك، شدّد لشكر على أن المحكمة الدستورية هي الجهة المختصة دستورياً بنظام التصفية، وأن أي تشريع يُخالف هذا المبدأ يشكّل في جوهره “تهريباً لاختصاصات المحكمة الدستورية” التي منحها الفصل 133 من الدستور الاختصاص الحصري للنظر في كل دفع متعلق بعدم دستورية قانون.

وأضاف أن نظام التصفية “جزء من الجوهر وليس مجرد إجراء مسطري»، مؤكداً ضرورة تعزيز المحكمة الدستورية بموارد بشرية مؤهلة ومتخصصة تساعدها على ممارسة هذا الاختصاص، أسوة بما هو معمول به في التجارب المقارنة، مع التأكيد على أن القرار النهائي يجب أن يبقى حصرياً بيد أعضاء المحكمة الدستورية”

جدل “الرقمنة” واستقلالية السلطة القضائية

ولم يفت لشكر التعريج على التوتر الخفي بين وزارة العدل والسلطة القضائية، منتقداً الغموض الذي يلف بعض المفاهيم الجديدة مثل “التبليغ الإلكتروني” في قانون المسطرة المدنية، حيث عرج لشكر على التوتر المتعلق باستقلالية السلطة القضائية، منتقداً الغموض الذي يحيط ببعض المفاهيم في مشاريع قوانين أخرى، مثل قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.

وتساءل المتحدث باستغراب عن موقف المحكمة الدستورية الذي اعتبر أن تدبير وزارة العدل للنظام المعلوماتي يمس باستقلال السلطة القضائية، قائلاً: “هل يشكل تدبير تقنية ما مساً باستقلالية القضاء؟ أم هو مجرد تدبير لآلية تقنية لتسيير ولوج المواطنين للعدالة؟”.

واختتم لشكر بالإشارة إلى أن قرار المحكمة الدستورية بخصوص التنظيم القضائي أحدث “ارتباكاً واضحاً في تدبير المحاكم وحالة من تنازع الاختصاص” بسبب ابتداع مفاهيم غامضة مثل “التبليغ الإلكتروني”، داعياً إلى ضرورة الوضوح التشريعي لضمان الأمن القانوني.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا