ترى تنظيمات نقابية أن “خفوت الإضرابات” مباشرة بعد صدور القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب في الجريدة الرسمية يأتي بعد تفضيلها “أشكالا احتجاجية أخرى” من أجل تحقيق مطالبها.
وحسب النقابات فإن القانون الجديد لن يوقف انتقالها من هذه الأشكال الاحتجاجية نحو الإضراب بحد ذاته في حال غياب تلبية المطالب، رغم إقرارها بأن هذه الخطوة ليست مضمونة لجميع فئات الشغيلة، خاصة المنتمين إلى التنسيقيات.
وقال يوسف مكوري، الكاتب الجهوي لنقابة الاتحاد المغربي للشغل، إنه “لا علاقة للخفوت بقانون الإضراب، إذ إن صدور هذا القانون لم يؤد إلى تراجع إعلان الإضرابات بشكل نهائي، لأن الدواعي الحقيقية للاحتجاج ترتبط بطبيعة النزاعات المهنية القائمة داخل القطاعين الخاص والعمومي، وبمدى توفر أسباب موضوعية لإضرابات وطنية أو قطاعية”.
وأضاف مكوري لهسبريس أن “الوضع مرتبط بحركية النزاعات الاجتماعية اليومية، حيث تعرف مختلف مناطق المغرب، من الدار البيضاء إلى الرباط وباقي الأقاليم، نزاعات شغل جماعية تحضر فيها النقابات بقوة، ويتم خلالها الإعلان عن وقفات واعتصامات وأشكال احتجاجية متعددة، دون أن تكون كلها إضرابات بالمعنى القانوني”.
وتابع المتحدث ذاته: “من الأمثلة البارزة حالة معمل نسيج بسلا، حيث تعيش أزيد من 300 أسرة وضعاً مأساوياً بعد تشريد العمال، في ظل غياب صاحب الشركة خارج أرض الوطن، بينما يستمر العمال في الاعتصام أمام المؤسسة دفاعاً عن حقوقهم المشروعة”.
وأكد النقابي نفسه أن “هذه الحركية الاحتجاجية هي جزء من الممارسة اليومية، حيث يتم التركيز أساساً على التعبئة الداخلية لإنجاح الأشكال النضالية، مع الاكتفاء أحياناً ببلاغات تنظيمية دون تغطية إعلامية واسعة، وهو ما يفسر ضعف الحضور الإعلامي رغم استمرار النزاعات”.
من جهته يرى يونس فيراشين، عضو اللجنة التنفيذية للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أن “الأشكال النضالية الأخرى تسبق دائماً قرار الإضراب، إذ تلجأ عدة فئات، خاصة في قطاع التعليم، إلى مقاطعة بعض المهام وتنظيم وقفات احتجاجية ومسيرات أمام مقر الوزارة، باعتبارها محطات نضالية تمهّد لقرار الإضراب”.
وأضاف فيراشين لهسبريس أن “الإضراب يعد تتويجاً لهذه المسارات النضالية، وهو قرار يظل وارداً في كل وقت، سواء بوجود قانون الإضراب أو بدونه، لأن الحق في الإضراب حق أصيل لا يمكن لأي تشريع أن يمنعه، مع التأكيد على الالتزام بالإطار القانوني دون التخلي عن هذا الحق”.
ويرى المتحدث أن “المسطرة المرتبطة بقانون الإضراب قد تجعل اتخاذ القرار أكثر تعقيداً، لكنها لا تلغي إمكانية خوضه متى اقتضت الظروف ذلك”، مشددا على أن “الإضراب سيظل خياراً مشروعاً للدفاع عن المطالب العادلة للشغيلة”.
وفي ما يخص باقي الفئات والتنسيقيات أورد النقابي نفسه أن “الحق في الإضراب مكفول لكافة المواطنات والمواطنين، رغم تمرير القانون دون توافق واسع، ما يحد من ممارسة هذا الحق بالنسبة لبعض الفئات، وخاصة التنسيقيات”.
وختم فيراشين قائلا: “معركة الدفاع عن الحق في الإضراب ستظل مستمرة، باعتبارها جزءاً من النضال المشروع الذي تخوضه القوى النقابية ومكونات المجتمع من أجل صيانة الحقوق والحريات النقابية”.
المصدر:
هسبريس