كشف رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، إدريس السنتيسي، أن غلاء أسعار الأدوية دفع بعض الأسر إلى فتح “دفتر كريدي” لدى أصحاب الصيدليات، مشيرا إلى تعدد الوسطاء بين المستوردين وصولا إلى الصيدلية، ومشددا على أن خفض نسبة الأرباح التي يحققها هؤلاء يتطلب قرارا سياسيا.
وأضاف السنتيسي خلال اجتماع لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، اليوم الأربعاء، أن ما يُثار حول “تضارب المصالح” في قطاع الأدوية هو أسئلة مشروعة تُطرح بشكل طبيعي، وليست مبنية على “خلفيات أو اتهامات جاهزة”، مؤكدا أن من حق أي وزير أن يصنع السيارات أو الدواء في المغرب، لكن ما ليس من حقهم هو “يقيس المال العام”، موضحا أن المطلوب اليوم هو تقديم أجوبة واضحة حول وجود أو عدم وجود تضارب مصالح.
وشدد المتحدث على صعوبة منصب وزير الصحة بحكم تشعب الملفات وحجم المصالح المتقاطعة داخله، مؤكدا أن الوزارة لا يمكنها إصلاح كل شيء دفعة واحدة، لكنها مطالبة بترتيب الأولويات والتحلي بالواقعية في معالجة الإشكالات.
وأشار إلى أن الحديث عن المساطر القانونية وحده لا يكفي، داعيا إلى أجوبة دقيقة حول عدد من القضايا الحساسة، من بينها وضعية المخزون الاستراتيجي للأدوية الذي يجب أن يبلغ 30% وفق المرسوم المعمول به، وتأخر رخص التداول (AMM) والآجال الطويلة التي تؤثر على ولوج الأدوية للسوق، والفوارق الكبيرة في الأسعار بين الأدوية المتداولة، رغم إعلان الوزارة عن تخفيضات شملت 319 دواء.
وانتقد السنتيسي انتشار بيع بعض المنتجات الطبية خارج المسارات القانونية، مشيرا إلى وجود “كراتين مليئة بالمواد شبه الطبية” تُباع بالتقسيط، بالإضافة إلى انتشار مواد للتجميل غير المراقبة، مثل آلات الليزر وحقن البوتوكس، التي قد تسبب أضرارا للنساء بسبب غياب أي تنظيم لبيعها.
وشدد رئيس الفريق الحركي على ضرورة تفعيل المراقبة على المسالك التجارية للأدوية وتحديد المسؤوليات داخل السوق، الذي تعرف هيمنة شركات قليلة تستحوذ على نسب مرتفعة من الأرباح، داعيا إلى الاستماع لرأي مجلس المنافسة حول هذا “الاحتكار”.
وفيما يخص الموارد البشرية، اعتبر السنتيسي أن نقص الأطباء بلغ مستويات حرجة تتطلب اللجوء إلى التعاقد مع آلاف الأطباء الأجانب لتغطية الخصاص، متسائلا عن كيفية التعامل مع هذا الوضع خلال السنوات المقبلة في ظل هجرة الأطباء وتدني جاذبية القطاع العمومي، مقترحا منح الأطباء امتيازات ضريبية مشابهة لتلك الممنوحة لهيئة التعليم الخصوصي، وتحسين شروط العمل لضمان استمرار “النواة الأساسية” للمنظومة الصحية.
كما دعا السنتيسي إلى حماية المصحات الصغيرة المعروفة بـ”Clinique de quartier”، مع ضرورة تشجيع الاستثمار الصحي بجميع مستوياته دون الإضرار بالمشاريع الكبرى أو الصغيرة، مشيرا إلى أن نية الإصلاح موجودة داخل الحكومة، لكنه شدد على أن الأولويات غير واضحة بما يكفي.
وأكد أن التركيز يجب أن يكون على معالجة الإشكالات العاجلة والبسيطة أولا، مطالبا وزير الصحة بزيادة التواصل مع المواطنين وشرح القضايا المرتبطة بالأدوية والأسعار، لأن الشفافية هي السبيل لتجاوز الشكوك وتعزيز ثقة الرأي العام في القطاع الصحي.
المصدر:
العمق