تستمر حياة ذكرى أحد أبرز الأسماء التي أثرت في راهن السينما المغربية، الناقد والمسؤول السينمائي وأستاذ الفلسفة الراحل نور الدين الصايل، حيث أعلن مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة تعميد جائزته الخاصة بالأفلام القصيرة باسم “جائزة نور الدين الصايل للفيلم القصير”.
وأعلنت هذه البادرة في جلسة تكريم وبوح، نظمت بالناظور خلال فعاليات الدورة الرابعة عشرة من المهرجان، كان موضوعها ذكرى المدير الأسبق للمركز السينمائي المغربي، الذي أسس الجامعة الوطنية للأندية السينمائية بالمغرب، ومهرجان السينما الإفريقية بخريبكة، وأدار القناة الثانية المغربية، وكان مسؤول البرمجة والبث بقناة كانال بلوس الفرنسية، فضلا عن كتابته سيناريوهات سينمائية، وإعداده وإدارته برامج حول السينما في الإذاعة والتلفزيون، واهتمامه بمواضيع السينما عبر الوسيط الورقي أيضا.
وبالتسمية الجديدة تسلّم المخرج محمد عبد الرحمان التازي درعا للمهرجان، بعدما كان مخرج أفلام كتب سيناريوهاتها نور الدين الصايل، وبرامج أعدّها الراحل، فضلا عن كونه صديقا رافقه عبر مسار امتد نصف قرن.
وتحدث محمد عبد الرحمان التازي عن حرب نور الدين الصايل “ضد السلفية”، مردفا: “لقد كان فيلسوفا، وهو الذي هيكل الأندية السينمائية المغربية، وخلق مهرجان خريبكة للسينما الإفريقية، وتمت معه الولادة الحقيقية للقناة الثانية”، مضيفا أنه كان يحمل هم التفكير في سينما مغربية حقيقية.
وعاد التازي إلى أول تعرُّفِه على الصايل سنة 1970، ثم دوره المحوري الذي أخرج للوجود فيلم “وشمة” الناتج عن تعاون سينمائي مغربي شهير إلى الوجود، وإعداده برامج تنشر الذائقة والنقاش السينمائيين، فضلا عن “ترافعه لصالح المغرب” بـ”أخلاق إنسانية، ومهنية، وكفاءة، ووطنية”.
وتذكر التازي صفات “الإنسانية” و”تفهم الآخر” و”التحليل الدقيق، و”الحس النقدي”، و”الدفع إلى التفكير” التي عرفها في رفيقه، ثم توقف عند “فترة إدارته القناة الثانية (في بدايتها)، التي كانت فترة مهمة”، وكانت مهمته المعلنة هي أن “الجماهير غادرت السينما للأسف، وعلينا أن نأتي بها إلى التلفزة (…) فأتى بالسينما للتلفزيون المغربي”.
عبد السلام بوطيب، رئيس مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، ذكر من جهته أن الصايل كان “أستاذا، وفيلسوفا، وعميدا من الكبار”، ولذلك ستقدّم ابتداء من هذه الدورة باسمه “جائزة الأفلام القصيرة للمهرجان الدولي للسينما والذاكرة المشتركة”.
المخرج أحمد سعيد القادري تحدث عن الصايل من جهته بكونه “رجلا عظيما للسينما في المغرب”، ترك فيها أثره “بطريقة إيجابية”، وهذه البادرة بالتالي تأتي “اعترافا بذكراه”.
الصحفية نادية لاركيت، زوجة الناقد الراحل، تحدثت كلمتها التي قرئت بالنيابة عن “الرجل الذي بقي في ذاكرة الجميع لأنه طبع تاريخ السينما بتواضع (…) وعمل، ومبدئية وحرية، مع حمله سينما المغرب إلى مهرجانات مثل ‘مهرجان كان'”، وأردفت: “كان لي حظ إمضاء عشرين سنة معه، حيث لم يكن ينتظر مردودا وكان يقول إنه يقوم فقط بعمله، وكان دائم الحضور من أجل السينما (…) متمنيا أن تستمر السينما المغربية في رحلتها الجميلة الطويلة”.
الممثل سعيد التغماوي ذكر بدوره أن الصايل “رجل ذكي، ورُؤيوي سينما”، فيما تحدث المخرج أحمد بولان عن جانب آخر للصايل الذي “كان يدافع عني، وعن دعمي، رغم أنه لا ينتمي لسينمايَ الشعبية التي تعجب الناس، ورغم أني لا أخرج سينما المؤلف التي يحبها”. أما الممثل والمخرج فريد الركراكي فشهد على جانب عطاء نور الدين الصايل في “تطوير المهرجانات السينمائية؛ والنتيجة أن اليوم لكل مدينة مغربية تقريبا مهرجان، بعد خلقه لجنة المهرجانات إبان إدارته المركز السينمائي المغربي، بل حتى مدن ليست فيها قاعات سينمائية مثل الناظور وزاكورة وورزازات وغيرها… صارت تصلها السينما عبر هذه المهرجانات”.
المصدر:
هسبريس