رسائل تاريخية يكشفها كتاب جديد، وجهها عبر العقود العلَم السياسي والفقهي علال الفاسي إلى الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، وإلى مسؤولي جامعة الدول العربية، وإلى شيخ الأزهر عبد المجيد سليم، ومسؤولين وسفراء ووزراء من دول عربية وأوروبية ولاتينية. كما تتضمن رسائل إلى مسؤولين مغاربة؛ من بينها رسالة أرسلها بصفته عضوا في اللجنة الملكية للحدود إلى وزير الخارجية المغربية حول “خطة العمل المتبعة للدفاع عن حوزة الوطن، وتحديد الحدود الجزائرية المغربية”.
الجزء الثالث من “رسائل تشهد على التاريخ” صدر، حديثا، عن “منشورات مؤسسة علال الفاسي” بإعداد ودراسة المختار باقة، متضمنا رسائل أرسلت منذ مطلع ثلاثينيات القرن العشرين، إلى مطلع سبعينيات القرن الماضي، تاريخ وفاة علَم الحركة الوطنية المغربية.
خطّ المختار باقة، مخرج رسائل علال الفاسي إلى العموم، أن الباحثين والمؤرخين والمهتمين سيقفون “بالملموس على القيمة التاريخية الكبرى لهذه الرسائل في أجزائها الثلاثة”، وتقديمها ضوءا كاشفا “على أحداث ووقائع تاريخية مهمة”، وتعريفها بـ”رجالات وقامات عالية، كان لها دور كبير في تاريخ هذا البلد العزيز، وطواها النسيان، أو بدأ”، بسبب “غيابها من المقررات الدراسية (…) وتقصير الجهات الرسمية، والأحزاب الوطنية، وجمعيات المجتمع المدني في الاهتمام بمجموعة من القضايا والوقائع والأحداث”.
هذه الرسائل تكشف أيضا “دور مجموعة من المؤسسات السياسية الحزبية والثقافية والفكرية، التي لعبت أدوارا طلائعية في تحرير البلاد وانعتاقها من قيود الاستعباد”؛ مثل “التنظيم السياسي المعروف بـ’كتلة العمل الوطني’، التي أسسها زعماء الحركة الوطنية المغربية سنة 1934، وعلى رأسهم: علال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني وأحمد بلافريج. وهي الكتلة التي قدمت لسلطات الحماية الفرنسية دفتر مطالب الشعب المغربي، بتاريخ فاتح دجنبر من سنة 1934″.
وتبين هذه الرسائل إيمان علال الفاسي بـ”هويته العربية الإسلامية، وبجذوره المغربية المختلطة الدماء والأعراق، من عرب وأمازيغ”. كما تكشف “بوضوح تام الأفكار النيرة، والآراء الجريئة التي حملها (…) والأدوار الرائدة التي لعبها في تاريخ هذا الوطن”.
يتضمن الجزء الثالث من السلسلة “ستين رسالة، أو مذكرة بالإضافة إلى ملحق مهم يضم بعض الخطب، والبيانات، والتصريحات، ومواضيع مختلفة ذات أهمية تاريخية قصوى”.
وتبين الرسائل “ما تحلى به علال الفاسي من إدراك قوي لسيرورة الأحداث الدولية والوطنية في عهده، وتبين ما اتصف به من وعي كبير بتداخل المصالح بين البلدان وتضاربها، ومدى قدرته على الوعي الكامل بطبيعة الثغرات الموجودة في النظام العالمي آنذاك، وكيفية النفاذ من هذه الثغرات لخدمة مصالح وطنه والدفاع عنه”. كما تعكس الرسائل المنشورة “وعي مجايلي علال الفاسي من الساسة والمفكرين، وإحساسهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم إزاء بلدهم ومواطنيهم؛ وهما الوعي والإحساس اللذان، مع كامل الأسف، لم نعد نستشعرهما بالشكل المطلوب لدى نخبتنا السياسي والثقافية الحالية”، وفق معدِّ الإصدار.
وينشر الكتاب رسائل ومذكرات علال الفاسي إلى الملكين محمد الخامس والحسن الثاني، ورسائله ومذكراته إلى الأمين العام للجامعة العربية ومساعديه وخبرائه، وإلى مؤتمر الدول للشعوب العربية، وإلى مختلف المنظمات الدولية، ورسائله ومذكراته إلى ملوك ورؤساء ووزراء وسفراء وولاة مختلف الدول، وإلى شخصيات دينية وسياسية وازنة، وإلى المنابر الإعلامية، وإلى الوزراء والمسؤولين الحكوميين بالمغرب، مع إيراده ملحقا يتضمن القضايا التاريخية المضيئة للرسائل السابقة والمؤطرة لها.
المصدر:
هسبريس