أكد الدكتور سعيد الصديقي، الخبير في قضية الصحراء، أن قرار مجلس الأمن الدولي الأخير حول الصحراء المغربية يمثل تبنيا واضحا لفلسفة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، مشددا على أن خيار الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال لم يعد مطروحا على طاولة الأمم المتحدة.
جاء ذلك خلال مداخلة له في مائدة مستديرة نظمتها حركة التوحيد والإصلاح حول موضوع “قضية الصحراء المغربية في ضوء قرار مجلس الأمن الدولي: الأبعاد والآفاق المستقبلية”.
واستهل الصديقي مداخلته بالتأكيد على أن القرار الأممي الجديد يلخص بشكل دقيق رؤية المغرب لحل النزاع، حيث يدعم حلا سياسيا قائما على حكم ذاتي متفاوض عليه تحت السيادة المغربية، وهو ما يمثل صيغة متقدمة لتقرير المصير.
وأوضح أن هذا القرار يشكل إطارا سياسيا واضحا لمستقبل المفاوضات، حيث أصبحت تقوم على أساس المبادرة المغربية كحل وحيد وواقعي، معتبرا أن معظم ردود الفعل الجزائرية على القرار لا تعدو كونها “مناورات سياسية” وقراءات تحاول الخروج عن منطوق ومضمون النص الأصلي، الذي يرى أنه جاء ليعزز الموقف المغربي بشكل غير مسبوق.
واعتبر أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي أن هذا الإنجاز الدبلوماسي لم يأت من فراغ، بل هو انعكاس مباشر للمكاسب الميدانية والدبلوماسية التي حققها المغرب على أرض الواقع، والتي جعلت مجلس الأمن يتكيف مع هذه التطورات.
وشدد الصديقي على ضرورة استثمار هذا المكسب الدبلوماسي والبناء عليه من أجل توسيع دائرة الاعترافات الدولية بالسيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية.
وأضاف أنه على المستوى الداخلي، أصبح المغرب مطالبا بإعداد نسخة جديدة ومفصلة من مقترح الحكم الذاتي، وتهيئة الظروف السياسية والنفسية الملائمة لتطبيقه على أرض الواقع، وهو ما قد يتطلب تعديلا دستوريا مستقبلا قبل عرض الصيغة النهائية للحكم الذاتي على الاستفتاء.
وفي معرض حديثه عن شكل الحكم الذاتي المرتقب، اقترح المتحدث ذاته أن النموذج الإسباني للحكم الذاتي “غير المتماثل” هو الأنسب والأقرب للمغرب، لأنه يوازن بين الاعتراف بالخصوصيات الإقليمية والثقافية والحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها.
وأضاف أن هذا النموذج يسمح بمنح صلاحيات متفاوتة للجهات بناء على التفاوض المباشر مع السلطة المركزية، وهو ما يمكن تطبيقه ليس فقط في الصحراء بل في جهات أخرى من المملكة إذا نجحت التجربة.
وخلص الصديقي إلى أن القرار يزيد من الكلفة السياسية والاقتصادية على الجزائر، التي استثمرت لعقود في دعم الطرح الانفصالي، مما يجعل تراجعها صعبا بسبب ما أسماه “مغالطة التكلفة الغارقة”.
ورغم أن تطبيع العلاقات بشكل كامل قد يستغرق وقتا طويلا، إلا أن القرار يعزز استراتيجية المغرب الهادئة والقائمة على تحقيق مكاسب تدريجية ومستدامة، وفق تعبيره.
المصدر:
العمق