آخر الأخبار

تقرير: المغرب يتقدّم في الصحراء.. والجزائر تحتاج حوافز أمريكية للتسوية

شارك

أوصى تقرير حديث صادر عن معهد الشرق الأوسط في الولايات المتحدة الأمريكية بالعمل على تحقيق تسوية شاملة وطموحة بين المغرب والجزائر، تشمل قضية الصحراء وتمتد لمعالجة التوترات الإقليمية من خلال نهج مرحلي، يتضمن في مرحلته الأولى وضع مبادئ وجدول زمني للتسوية، مع تأجيل الحل النهائي إلى مرحلة لاحقة.

وأشار التقرير ذاته إلى أن المرحلة الأولى من المصالحة “يجب أن تضمن التزام البوليساريو بوقف الهجمات وإعلان وقف إطلاق النار، والتزام المغرب بموقف دفاعي فقط، مع الامتناع عن أي عمليات عسكرية خارج خطوط السيطرة الحالية، والسماح لبعثة الأمم المتحدة (المينورسو) بإنشاء آلية للإبلاغ عن الحوادث ومنع التصعيد، وتعديل تفويض البعثة ليشمل مراقبة وقف إطلاق النار، مع توفير التمويل والتجهيز اللازمين”.

كما أوصت الوثيقة واشنطن بأن تضمن في مراحل ما قبل الحل النهائي “وجود عملية واضحة تتناول تفاصيل خطة الحكم الذاتي، مع تحديد جداول زمنية ومراحل دقيقة، وإشراك ممثلين عن المخيمات والشتات والسكان في الأقاليم الجنوبية، وليس فقط البوليساريو، ضمن عملية التشاور، مع دعم الأمم المتحدة في إنشاء إطار لإعادة اللاجئين بالتوازي مع المفاوضات، والشروع في برنامج نزع السلاح وإعادة دمج مقاتلي البوليساريو بتمويل أمريكي وأوروبي”.

ولفت معهد الشرق الأوسط إلى “أهمية تأسيس آلية حوار مباشر بين المغرب والجزائر عبر إنشاء قناة رسمية تحت إشراف أمريكي، تركز في البداية على تخفيف الخطاب العدائي، وخفض التوتر الشعبي، ووضع بروتوكولات اتصال، مع تحديد مجالات التعاون التقني، مثل إدارة الحدود”.

وفي حديثه عن مرحلة تنفيذ مخطط التسوية أكد التقرير أن “هذه المرحلة تتطلب الانتقال إلى تغييرات هيكلية أعمق، عبر إجراءات لبناء الثقة الأمنية، كإنشاء حوار عسكري مباشر بين المغرب والجزائر لضمان الشفافية على الحدود ومنع الحوادث، ووضع بروتوكولات للإخطار بالمناورات العسكرية، وإنشاء آلية متعددة الأطراف (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، المغرب، الجزائر) لمكافحة الإرهاب، مع مكون تنموي ممول من الاتحاد الأوروبي، إلى جانب اعتماد مقاربة جماعية لتبادل المعلومات والتنسيق الإقليمي لتجنب تصدير المهاجرين والتقليل من الضغوط السياسية”.

وأوضح المصدر ذاته أن “حل هذا النزاع طويل الأمد حول الصحراء يتطلب فهمًا بأن هذه القضية ليست سوى جزء من مسألة أوسع تتعلق بالمنافسة العميقة على الزعامة الإقليمية بين المغرب والجزائر، وهي منافسة متجذرة في ظروف نشأة الدولتين بعد الاستعمار، وقد اشتعلت بشكل متقطع على مر العقود، وتفاقمت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة”، وتابع بأن “المغرب والجزائر خاضا حربًا حدودية قصيرة عام 1963، أشعلتها جزئيًا محاولة الرباط استعادة أراضٍ فقدت السيطرة عليها خلال عقود من ترسيم الحدود الاستعماري التعسفي”، وزاد: “كانت هذه الحرب قصيرة ولم تغيّر حدود الدولتين المستقلتين حديثًا، لكن الأنظمة السياسية في البلدين تطورت لتعكس رؤى متعارضة للعالم”.

وأردفت الوثيقة بأن “المغرب تبنى نهجًا مؤيدًا للغرب، معاديًا للشيوعية، ومؤيدًا للتجارة الحرة، وفي المقابل تمسكت الجزائر بإرثها الثوري وبمفاهيم التضامن مع العالم الثالث. ورغم أن هذه المواقف تراجعت حدتها بمرور الزمن إلا أن إرثها مازال يغذي العداء المتبادل”، مبرزة أن “البلدين يتنافسان دبلوماسيًا في إفريقيا والعالم العربي والاتحاد الأوروبي من أجل النفوذ التجاري، كما يخوضان سباق تسلح، وبالتالي فإن حل نزاع الصحراء قد يفتح الباب لتسوية أوسع، لكنه وحده لن ينهي هذه المنافسة”.

وأبرز التقرير أن “الزمن يعمل لصالح الرباط، إذ تحقق انتصارات دبلوماسية متتالية تعزز موقعها، لذلك فإن الحافز الرئيسي وربما الوحيد الذي قد يدفع المغرب إلى التفاوض مع الجزائر هو الضغط الأمريكي الرامي إلى منح إدارة ترامب انتصارًا جديدًا في السياسة الخارجية”، مشيرًا إلى أنه “في حين يواصل المغرب تقدمه تبدو الجزائر والبوليساريو في وضع غير مواتٍ؛ فموقف الجزائر ظل دفاعيًا، يقوم أساسًا على مواجهة النفوذ المغربي الإقليمي أكثر مما يقوم على صياغة أهداف إستراتيجية إيجابية”.

وشدد المصدر ذاته على أن “ميزان المفاوضات يميل لصالح المغرب، الذي يحرز تقدمًا في ملف الصحراء داخل الأمم المتحدة، وفي مصالحه الأوسع في أوروبا وإفريقيا، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا؛ أما الجزائر فالاتجاهات الحالية لا تخدمها، لذا يجب أن يتضمن أي اتفاق ليس فقط حلاً يحفظ ماء الوجه في قضية الصحراء، بل مكاسب اقتصادية وأمنية تعوضها”.

وخلص المستند إلى أن “الجزائر مطالبة بالاستثمار والإصلاح الاقتصادي دون التضحية بالاستقرار، كما تواجه مشكلة عملية تتعلق باللاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف، وبالتالي فإن الدعم الدولي لبرامج إعادة التوطين، بالتفاوض مع البوليساريو، سيكون حاسمًا، فيما يمكن للجزائر أن تُظهر التزامها تجاه هؤلاء من خلال قيادة هذا الملف”، خاتما: “لذلك فإن مزيج الحوافز الأمنية والاقتصادية والسياسية يمكن أن يحول الجزائر من مُعطّل إقليمي إلى شريك تفاوضي فعّال”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا