قال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، اليوم الأربعاء بمجلس النواب، إن الجيل الجديد من البرامج وأوراش التنمية الترابية المندمجة يضمن مشاريع “ذات أولوية ووقع ملموس ومستدام على نمط عيش الساكنة، سواء في المناطق الجبلية والقرى النائية أو في المراكز القروية الناشئة”، مؤكداً “العمل على دعم أوراش التشغيل وتوفير مناخ مدعّم للمبادرة والاستثمار المحلي”.
وسجل لفتيت، أثناء دراسة مشروع الميزانية الفرعية لوزارته برسم السنة المالية 2026 في اجتماع لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة والشؤون الإدارية بمجلس النواب، وجود “ديناميات” أخرى “تتعلق بتفعيل ومواكبة المشاريع الوطنية الكبرى، سواء منها المرتبطة بالبنى التحتية أو بالإجهاد المائي الناجم عن ندرة مياه الشرب والسقي، أو بالسيادة الغذائية وإعادة تكوين قطيع الماشية”.
وأشار وزير الداخلية إلى “المشاريع الهيكلية للنقل الحضري والسككي، وكلها برامج وأوراش حيوية تستلزم تضافر الجهود وتعبئة الموارد وبلورة أنماط مبتكرة للتخطيط والاستغلال والتثمين، تنسجم مع خصوصياتنا المجالية والإيكولوجية، وتتفاعل مع طبيعة التحديات المتنامية، لجعل هذه التحديات فرصة سانحة لتطوير وملاءمة نموذجنا التنموي الجديد على أسس الاستدامة والصمود والإدماج والتضامن”.
وتحدث المسؤول الحكومي عما وصفه بـ”الحرص على مواصلة تحديث وتعزيز موارد وقدرات الإدارة الترابية والإدارة الأمنية للرفع من نجاعة الحكامة الأمنية بصفة عامة، وجعلها في مستوى التحديات الراهنة والمستقبلية ضماناً للأمن والاستقرار وحمايةً للأرواح والممتلكات”، مشيرا إلى “تدبير واستباق الأزمات والمخاطر في ظل سياق جهوي ودولي يعاني من تداعيات الحروب والإرهاب والهجرة غير المنظمة والاتجار بالبشر والمخدرات، علاوة على تفاقم التهديدات المرتبطة بالأمن السيبراني”.
وتابع الوزير: “إن جسامة هذه التحديات ذات الصلة بالمجالين الأمني والتنموي تستلزم مواصلة تسريع عجلة تحديث منظومة المرفق العمومي باستغلال وسائل الرقمنة وتبسيط الإجراءات والمساطر، بما يحقق خدمات نوعية تساير الانتظارات الحقيقية للمواطن والمقاول”، مسجلا أن “الاستثمار في الرأسمال البشري يظل حجر الزاوية لهذه المنظومة لخوض رهانات التحديث والتنمية عبر تكوين جيل جديد من الريادة والابتكار، مع مواكبة كل ذلك بترسيخ ثقافة المساءلة وتعميم آليات المراقبة والتخليق”.
ومضى لفتيت شارحا: “اعتباراً للدور المحوري للأمن في تحقيق الاستقرار والتنمية تواصل الوزارة جهودها من أجل النهوض بالحكامة الأمنية في بلادنا على مستويات متعددة”، مردفا: “على مستوى محاربة الجريمة تبنت الوزارة إستراتيجية أمنية محكمة تنبني أساساً على سيادة القانون، وتجمع ما بين ما هو وقائي من خلال إعداد خطط استباقية وما هو زجري من خلال استجلاء حقيقة القضايا وتوقيف المتورطين، فضلًا عن الأخذ بعين الاعتبار المحددات الاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على انتشار السلوك الإجرامي”.
وقال الوزير الوصي على قطاع الداخلية إن “مصالح الوزارة تعمل على صياغة سياسات أمنية فعالة تأخذ بعين الاعتبار مجموعة من الأولويات الترابية، أهمها معدل البطالة ومستوى الفقر ودرجة التمدرس وتوفر الخدمات الصحية”، مبرزا أن “التجربة المغربية استطاعت أن تحقق نجاحات أمنية وميدانية مهمة، سواء على مستوى التدخل الاستباقي في مواجهة التحديات الإرهابية التي تحيط ببلادنا أو على مستوى محاربة الجريمة المنظمة”.
وعلاقةً بتطور الجريمة الإرهابية واستعانتها بوسائل تكنولوجية حديثة تحدث لفتيت عما سماه “ترسيخاً” للتوجه الاستباقي من طرف السلطات المغربية، “لتحييد مخاطر التهديد الإرهابي وإجهاض مخططات تخريبية في مهدها، حيث تمكنت الأجهزة الأمنية منذ سنة 2002 من تفكيك أكثر من 200 خلية إرهابية، من بينها 3 خلايا سنة 2025”.
ويؤكد تفكيك الخلايا الإرهابية، حسب المتحدث، “استمرار التهديد الصادر عن الفروع الإقليمية لتنظيم ‘داعش’ في إفريقيا، خاصة في منطقة الساحل”، وتابع: “في هذا الإطار تواصل المملكة انخراطها في المنظومة الدولية من خلال التعاون الوثيق لتبادل المعلومات الأمنية عبر مجموعة من المنظمات الدولية التي تعنى بمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، حيث يلعب المغرب دورًا طلائعيّا مكن من إفشال مشاريع إرهابية تستهدف بعض الدول الصديقة”.
وزاد المسؤول الحكومي ذاته: “من جهة أخرى تظهر المجهودات التي تبذلها مصالح الوزارة من خلال مجموعة من المؤشرات الرقمية، إذ تمكنت مصالح مختصة من حل 91 في المئة من القضايا المسجلة خلال 8 أشهر الأولى من السنة الجارية، مع توقيف وإحالة ما يقارب من 500 ألف شخص على العدالة”.
وسجل وزير الداخلية أنه “مواكبة للتغيرات التي تعرفها الجريمة تقوم مصالح الوزارة بتوظيف التقنيات التكنولوجية الحديثة في عملها للاستباق الميداني، مثل إدماج الذكاء الاصطناعي في الأنظمة المعلوماتية ورقمنة الوثائق الإدارية والتدابير المرتبطة بها، وتزويد عناصر الشرطة بكاميرات محمولة لتوثيق التدخلات وتحسين المساءلة، واستخدام طائرات مسيرة في مراقبة المناطق الشاسعة، وخلق وحدات متخصصة في محاربة الجريمة الإلكترونية، وإحداث منصة رقمية للتبليغ عن المحتويات الرقمية التي تدخل في خانة الجريمة السيبرانية”.
المصدر:
هسبريس