وجه المستشار البرلماني عن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، خالد السطي، انتقادات لافتة خلال جلسة الأسئلة بمجلس المستشارين يوم الثلاثاء 4 نونبر، تجاه مشروع وزارة الشباب والثقافة والتواصل لإصلاح القانون المنظم للمجلس الوطني للصحافة، مؤكدا أن المشروع «جاء في سياق حساس يتطلب التوافق والتشاور الواسع، غير أن ما يعاين اليوم هو تراجع واضح عن المقاربة التشاركية التي ميزت إعداد القوانين السابقة».
وأوضحت الوزارة أن مشروع القانون رقم 026.25 يهدف إلى إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة عبر منح المجلس صلاحيات أوضح وفعالة لتأطير المهنة وضمان الالتزام بأخلاقياتها، ومكافحة الأخبار الزائفة، بالإضافة إلى مواكبة التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي بما يحافظ على جودة المحتوى الإعلامي. كما يشمل المشروع مراجعة تركيبة المجلس، مع تقليص عدد الأعضاء من 21 إلى 19، وتوضيح آليات انتخابهم أو تعيينهم، وتعزيز استقلالية المجلس من خلال تفعيل التنظيم الذاتي وضمان التعددية والشفافية.
كما شدد السطي على أن الصحافة ليست مجرد قطاع مهني، بل «أداة أساسية للتوعية والمساءلة الاجتماعية والسياسية»، مطالبا بوجود مؤسسة ديمقراطية تمثل الصحافيين والناشرين بشكل حقيقي بعيدا عن أي وصاية تشريعية. وأشار إلى أن المشروع الحالي «يعاني من ارتباك في البنية والتوجهات وتضارب في فلسفة التمثيلية بين الانتخاب والتعيين»، معتبرا أن اعتماد الاقتراع الفردي يضعف الدور النقابي ويفرغ التمثيلية المهنية من مضمونها، كما أن ربط التمثيلية بمعايير رقم المعاملات وعدد المستخدمين «يقصي بشكل غير مبرر المقاولات الصغيرة والمتوسطة التي تشكل العمود الفقري للمشهد الإعلامي الوطني».
وحذر السطي من أن توسيع صلاحيات المجلس في التأديب بشكل مفرط قد يحوله من هيئة للتنظيم الذاتي إلى جهاز شبه تأديبي، وهو ما يناقض فلسفة تأسيس المجلس الأصلي.
كما قدم السطي عددا من التوصيات التي يراها ضرورية لضمان إصلاح ديمقراطي حقيقي، كاعتماد نظام الانتخاب باللائحة والتمثيل النسبي لممثلي الصحافيين والناشرين لضمان تمثيلية عادلة.
ودعا إلى وضع معايير موضوعية وملزمة لترشيح ممثلي الناشرين مع ضمان مشاركة الناشرين الصغار، وإضافة فئة “الحكماء” تضم أعضاء ذوي خبرة من الصحفيين والناشرين لضمان التوازن والتحكيم المهني المستقل، وتوسيع مهام المجلس لتشمل التأهيل المهني والتكوين المستمر ودعم المقاولات الصحافية، وليس الاقتصار على التنظيم والانتخاب، و مواصلة المقاربة التشاركية مع كافة الأطراف المعنية لضمان توافق أوسع حول النص القانوني قبل إقراره.
وختم السطي مداخلته بالتأكيد على أن المشروع يحمل نوايا إصلاحية مهمة، لكن «الإصلاح الحقيقي للمجلس الوطني للصحافة لا يمكن أن يتم إلا من خلال التوافق واحترام روح الدستور وضمان استقلالية ومصداقية المؤسسة بما يخدم الإعلام الحر والمسؤول والديمقراطية»، محذراً من أن المسار النهائي للقانون سيحدد نجاح الإصلاح أو فشله على أرض الواقع.
المصدر:
العمق