آخر الأخبار

إغلاق باب أحمر بمراكش.. شلل اقتصادي يهدد 200 تاجر وسط معاناة يومية للسكان

شارك

يعيش تجار وسكان الأحياء المحاذية لمعلمة باب أحمر التاريخية في مراكش، حالة من الشلل الاقتصادي والمعاناة الاجتماعية المتفاقمة منذ أكثر من شهر، عقب قرار السلطات المحلية إغلاق الممر الحيوي، كإجراء احترازي لتفادي أي خطر قد يهدد سلامة المواطنين، وذلك بسبب الأضرار التي لحقت بالباب جراء الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز قبل أكثر من عامين.

هذا الإغلاق، الذي كان يهدف إلى حماية الأرواح، تسبب في توقف شبه تام لحركة المرور داخل هذا الشريان الذي يربط أحياء مهمة في مقاطعة سيدي يوسف بن علي، مما أدى إلى تراجع النشاط التجاري بشكل كبير وتكبد التجار خسائر مالية هامة، بينما وجد السكان أنفسهم في عزلة قسرية وصعوبات متزايدة في التنقل اليومي.

وفي تصريح لجريدة العمق، وصف صاحب أحد أصحاب المحلات التجارية الوضع بأنه معاناة جماعية لأكثر من 200 تاجر، موضحا أن هذا الممر لم يكن مجرد طريق، بل هو الشريان الذي يربط مناطق حيوية في سيدي يوسف بن علي ويغذي الحركة التجارية، مشيرا إلى أن التراجع في النشاط التجاري كان حادا ومفاجئا، مؤكدا أن العبء يصبح أثقل على أولئك الذين يضطرون لدفع إيجار محلاتهم رغم توقف مصادر رزقهم.

هذه الصورة القاتمة أكدها بائع فواكه جافة، الذي أوضح أن نموذج عمله كان يعتمد بشكل شبه كلي على التدفق المستمر للمارة، والذين يفوق عددهم بكثير سكان المنطقة المحليين، واصفا بحسرة، خسائره بأنها “كارثية”، معبرا عن يأسه من إيجاد بديل يعوض هذا النقص الحاد في الزبائن، ومشيرا إلى أن كل يوم يمر يزيد من الخسائر ويهدد بقاء محله الذي يعد مصدر دخله الوحيد.

ولم تقتصر تداعيات الإغلاق على الجانب الاقتصادي، بل امتدت لتطال تفاصيل الحياة اليومية للسكان، حيث عبرت إحدى السيدات القاطنات بالحي عن حجم المشقة التي تواجهها، قائلة إن التنقل أصبح تحديا يوميا حقيقيا، موضحة أنها اضطرت للتخلي عن استخدام سيارتها الخاصة لأن الوصول إلى وجهتها بات يتطلب سلوك طرق بديلة طويلة ومعقدة، سواء للذهاب إلى العمل، أو توصيل أطفالها إلى المدرسة، أو حتى قضاء أبسط الاحتياجات المنزلية.

وبينما يصارع التجار والسكان من أجل البقاء، يطرح الفاعلون الجمعويون بعدا آخر للأزمة لا يقل أهمية؛ الخطر المحدق بالتراث، حيث نبه محمد شاكر، عضو الفيدرالية العامة للجمعيات، إلى أن إغلاق باب أحمر يتجاوز كونه مشكلة اقتصادية واجتماعية، ليمس جوهر هوية المدينة.

وأوضح شاكر في تصريح للجريدة، أن هذا الباب، الذي يعود تاريخه إلى العهد الموحدي، ليس مجرد بناء، بل هو ذاكرة حية، وإغلاقه دون خطة ترميم واضحة وسريعة هو بمثابة حكم بالإهمال على جزء ثمين من التراث المغربي، منقدا غياب أي بوادر للترميم، مشددا على أن “الإغلاق لا يمكن أن يكون حلا في حد ذاته، بل يجب أن يكون خطوة مؤقتة تسبق أعمال الإصلاح الفورية”، وهو ما لم يحدث حتى الآن.

هذه المخاوف دفعت إلى تحركات رسمية، حيث أكدت الدكتورة هند لبريني، التي تدير صيدلية محاذية للمعلمة التاريخية، أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، حيث قامت بتوجيه مذكرات رسمية للجهات المعنية للمطالبة بتدخل عاجل، محذرة من أن استمرار هذا الوضع يهدد النسيج الاقتصادي والاجتماعي للحي بأكمله.

ولمحت الدكتورة لبريني إلى الأبعاد الوطنية للمسألة، مشيرة إلى أن إهمال مثل هذه المعالم التاريخية يضر بصورة المغرب، خاصة في وقت تستعد فيه المملكة لاستضافة أحداث عالمية كبرى مثل كأس إفريقيا وكأس العالم، وهي مناسبات يفترض أن تكون فرصة لإبراز الثراء الحضاري والتاريخي للبلاد، لا الكشف عن معالمها التي تئن تحت وطأة الإهمال.

ويأمل السكان والتجار في تدخل السلطات بسرعة لإعادة فتح الممر، لاستعادة الحركة التجارية وتسهيل التنقل اليومي، وحماية هذا الرمز التاريخي الذي يمثل جزءا من تاريخ مدينة مراكش العريق، مؤكدين أن إعادة فتح الممر ليست مجرد حاجة اقتصادية، بل ضرورة للحفاظ على الحياة الاجتماعية للحي، وضمان استمرارية الأنشطة اليومية للسكان والتجار، فضلا عن حماية التراث المعماري والثقافي للمدينة العتيقة من أي تدهور محتمل.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا