آخر الأخبار

أطروحة دكتوراه تفتح ملف التطبيع مع إسرائيل.. وأساتذة جامعيون يدافعون عن حرية البحث العلمي

شارك

شهدت كلية الحقوق بجامعة أبو شعيب الدكالي بالجديدة، مناقشة أطروحة دكتوراه غير مسبوقة في موضوعها، تمحورت حول “الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات المغربية الإسرائيلية وتداعياتها على المستويين الداخلي والإقليمي”، وسط اهتمام أكاديمي واسع وجدل نشطاء حول حدود البحث العلمي في تناول القضايا ذات الحساسية السياسية من قبيل التطبيع مع إسرائيل.

الأطروحة التي تقدم بها الباحث في القانون العام والعلاقات الدولية يوسف الهرسال اعتمدت مقاربة تحليلية تفسيرية تسائل قدرة المغرب على التكيف مع التحولات الجيوسياسية التي أفرزتها اتفاقيات التطبيع سنة 2020، وكيفية استثمارها لحماية القضايا الوطنية وتعزيز المكانة الإقليمية والدولية للمملكة.

اعتبر الأستاذ المشرف على الأطروحة محمد الزهراوي “أهمية الأطروحة تكمن في كونها تواكب مرور خمس سنوات على توقيع الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل والولايات المتحدة، وهي مناسبة لإعادة تقييم آثار هذه العلاقة على المستويين الداخلي والإقليمي”، موضحا أن “هناك اتفاقيات كثيرة في مجالات الاقتصاد والدفاع والفلاحة والتكنولوجيا، ويجب دراسة أثرها بموضوعية بعيدا عن الانفعالات”.

وأضاف أن “المغرب استثمر هذه العلاقات في خدمة قضاياه الاستراتيجية وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية، كما أن وجود جالية يهودية من أصول مغربية في إسرائيل ساهم في تقريب وجهات النظر وتسهيل التفاهم بين الطرفين”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “الموقع الديني للملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين ورئيسا للجنة القدس مكّنه من أداء أدوار مهمة في دعم التعايش بين الأديان، وفي الحفاظ على الأماكن المقدسة بالقدس الشريف من خلال لجنة بيت مال القدس وبرامجها الاجتماعية”.

وقال الأستاذ الجامعي إن “هذه الأطروحة تفتح الباب أمام الجامعة المغربية لتناول المواضيع الحساسة بجرأة ومسؤولية، فهي لا تطبع، بل تدرس العلاقات كما هي في الواقع”. وأكد أن “الجامعة يجب أن تناقش العلاقات الخارجية للمغرب على أساس النظريات الواقعية في العلاقات الدولية، وأن تنتقل من دراسة ما يجب أن يكون إلى دراسة ما هو كائن فعلا”.

وأوضح أن “النقاش داخل اللجنة تناول مختلف النظريات التي تؤطر العلاقات بين الدول، من الواقعية إلى المثالية، وكيف يمكن قراءة العلاقات المغربية الإسرائيلية في ضوء المحددات الجيوسياسية الجديدة”، مضيفا أن “الجامعة يجب أن تنخرط في دراسة كل التحولات، حتى تلك التي تثير الجدل، لأن وظيفتها هي إنتاج المعرفة لا تجنبها”.

وقال الزهراوي إن “الباحثين المغاربة يواجهون صعوبات في الوصول إلى المعلومات الدقيقة حول هذه العلاقات، لكن ذلك لا يجب أن يكون مبررا للصمت أو التردد. على الجامعة أن تبادر إلى دراسة كل الظواهر السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعيدا عن الخطابات الشعبوية، وأن تظل فضاء للفكر والتحليل لا للمزايدات”.

وقال الأستاذ الجامعي عبد الرحيم منار اسليمي عضو لجنة المناقشة في تصريح لجريدة “العمق” إن هذه الأطروحة تعبر عن انفتاح الجامعة المغربية على كل التحولات التي تعرفها بلادنا، وتؤكد أن البحث العلمي في المغرب ليس له حدود”. وأضاف أن “الجامعة تناولت موضوع العلاقات المغربية الإسرائيلية من مختلف الجوانب: المنهجية والمرجعية والمقاربات العلمية، كما أن الباحث أظهر ذكاءً في ختم عمله باعتباره مجرد مرحلة أولى في مسار علمي مستمر لمتابعة التحولات المستقبلية لهذه العلاقات”.

وأشار منار إلى أن “هذه ربما أول أطروحة في المغرب تناقش العلاقات بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، وهو ما يؤسس لنمط جديد من الأبحاث الجامعية التي تواكب التحولات الإقليمية الكبرى التي تعرفها بلادنا”، مضيفا أن “هذا النقاش الأكاديمي يمثل قيمة مضافة للحرم الجامعي، ويعكس جرأة فكرية تستحق التنويه”.

بدوره، قال الأستاذ الجامعي سعيد خمري إنه “لا مبرر للضجة التي أثيرت حول الموضوع، فكل شيء يُدرّس في الجامعة، وهذه علاقة بين دولتين المغرب وإسرائيل، والباحث قام بتقييمها بالأدوات العلمية”. وأضاف: “هذا النوع من العلاقات يُدرّس في الجامعات المصرية والأمريكية منذ اتفاق كامب ديفيد، وهناك دراسات كثيرة تناولت الاتفاقات الإبراهيمية، فلماذا يُهاجم الأساتذة والباحثون في المغرب فقط؟”.

وتابع قائلا: “ما رأيناه من هجوم على اللجنة والباحث غير مقبول. هناك من يهاجم وهو لم يُشرف في حياته على بحث ماستر، فكيف يسمح لنفسه بالحديث عن أطروحة دكتوراه؟ الجامعة فضاء حر للنقاش العلمي، وليست ساحة للتيارات أو الحملات السياسية”.

وأضاف الأستاذ ذاته: “سمعنا صباح اليوم بعض الشعارات من مجموعة صغيرة من الطلبة المنتمين لتيارات سياسية معينة، لكنها أصوات محدودة. الجامعة لا يمكن أن تخضع للشارع، بل العكس هو الصحيح، يجب أن يكون الشارع مستنيرا بما تنتجه الجامعة من معرفة وتحليل”.

وأردف قائلا: “من يرفعون شعارات ضد التطبيع داخل الجامعة لا يفهمون أن دراسة الظواهر لا تعني تبنيها. الجامعة تدرس كل الظواهر السياسية والاجتماعية، بما فيها العلاقات الدولية، ومن الخطأ الخلط بين التحليل الأكاديمي والموقف الأيديولوجي”.

وأكد المتحدث أن “هذا النقاش العلمي أدارته لجنة محترمة، وكان المشرف على الأطروحة حكيما في اختياره لأعضاء اللجنة القادرين على مناقشة الموضوع بهدوء ومسؤولية”، مضيفا: “هناك أساتذة يرفضون حتى مناقشة مثل هذه المواضيع بدعوى حساسيتها، لكن ما حدث اليوم يؤكد أن الجامعة المغربية بدأت تتحرر فكريا وتفتح أبوابها لكل القضايا مهما كانت معقدة أو مثيرة للجدل”.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا