أثار افتتاح “حديقة أفغانستان” بمقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء، جدلا واسعا في الأوساط المحلية، بعد أن تبين أن هذا الفضاء لم تكتمل فيه الأشغال بعد، رغم الإعلان الرسمي عن افتتاحه أمام العموم.
ويأتي هذا المشروع في إطار برنامج تهيئة الفضاءات الخضراء الذي يشرف عليه مجلس عمالة الدار البيضاء، بهدف تعزيز البنية التحتية البيئية وتحسين جودة الحياة داخل الأحياء السكنية.
ورغم الطابع الإيجابي للمبادرة، إلا أن افتتاح الحديقة قبل استكمال تجهيزاتها أثار تساؤلات حول مدى جاهزيتها وشروط سلامة مرتاديها، إذ لوحظ غياب السياج المحيط بالمكان، وعدم وجود أبواب تؤمن الولوج المنظم إليه، ما قد يشكل خطرا على الأطفال والعائلات، خاصة أن المنطقة تعرف حركة مرور كثيفة في محيطها.
وتشير معطيات محلية إلى أن المشروع كلف أزيد من 500 مليون سنتيم من المال العام، غير أن مظهر الحديقة الحالي لا يعكس حجم الاستثمارات المرصودة، حيث تفتقر إلى عناصر الحراسة، والإنارة العمومية الكافية، والمرافق الأساسية التي تضمن راحة وأمان الزوار.
ويرى عدد من المتتبعين أن ما حدث يعكس خللا في طريقة تدبير مشاريع التهيئة الحضرية بالدار البيضاء، التي غالبا ما تعرف تأخرا في التنفيذ أو افتقارا لمعايير الجودة والمتابعة التقنية الدقيقة.
ويطالب مراقبون بضرورة مراجعة آليات المراقبة والمواكبة التقنية لمثل هذه المشاريع، خاصة تلك التي تمول من المال العام، مع ضرورة ربط المسؤولية بالمحاسبة لضمان نجاعة الاستثمار العمومي في قطاع الفضاءات الخضراء.
وعبر عدد من سكان مقاطعة الحي الحسني بالدار البيضاء عن استيائهم من افتتاح “حديقة أفغانستان” قبل استكمال الأشغال المبرمجة بها، معتبرين أن الخطوة تعكس، بحسب تعبيرهم، “استهتارا بالمال العام وافتقارا لأبسط معايير السلامة والتدبير الحضري السليم”.
وقال مواطنون في تصريحات متفرقة لجريدة العمق المغربي إن الحديقة التي انتظرتها الساكنة لسنوات طويلة، كان يفترض أن تكون متنفسا حقيقيا للأطفال والعائلات، لكنها تحولت، في نظرهم، إلى فضاء ناقص التجهيز يثير القلق أكثر مما يمنح الراحة.
وأوضحت الساكنة أن الحديقة لا تتوفر على سياج يحمي المرتادين من أي خطر، كما أنها تفتقد للأبواب التي تضبط عملية الدخول والخروج، وهو ما يجعلها فضاء مفتوحا أمام أي استعمال غير آمن، خاصة في أوقات الليل.
وأضاف المتحدثون أن المشروع الذي بلغت كلفته أزيد من 500 مليون سنتيم، لم يحقق أي قيمة مضافة حقيقية، إذ ما تزال الحديقة تفتقر إلى عناصر الحراسة والمرافق الأساسية من إنارة كافية، ومقاعد للجلوس، ومناطق مخصصة للعب الأطفال، فضلا عن غياب نظام سقي حديث يحافظ على المساحات الخضراء.
وأشار السكان إلى أن هذا المشروع استهلك ميزانيتين من المال العام خلال مراحل مختلفة، دون أن تظهر عليه مؤشرات واضحة لتحديث أو تطوير، مؤكدين أن ما تم إنجازه لا يعكس حجم المبالغ المرصودة ولا طموحات ساكنة المنطقة التي تعاني أصلا من قلة الفضاءات الخضراء.
وطالبت الساكنة السلطات المحلية والمجلس الجماعي بإعادة النظر في طريقة تدبير المشروع، وبفتح تحقيق حول أسباب التأخر في استكمال الأشغال، داعين إلى تأجيل افتتاح الحديقة رسميا إلى حين تجهيزها بشكل كامل وضمان شروط الأمان والنظافة والحراسة الدائمة، حتى تكون فعلا متنفسا آمنا ولائقا لأبناء الحي الحسني.
من جانبه، أوضح الطاهر اليوسفي، رئيس مقاطعة الحي الحسني، أن مشروع “حديقة أفغانستان” لا يدخل ضمن اختصاصات المقاطعة، مؤكدا أن الجهة المسؤولة عن إنجاز هذا المرفق العمومي هي مجلس عمالة الدار البيضاء، الذي تكفل بالإشراف الكامل على مختلف مراحل المشروع.
وأشار اليوسفي، في تصريح لجريدة العمق المغربي، إلى أن المشروع نفذ تحت إشراف شركة “كازا إيفنت”، التي تتولى إنجاز عدد من المشاريع المماثلة على صعيد العاصمة الاقتصادية.
وأبرز المتحدث أن المقاطعة لم تتسلم بعد الحديقة بشكل رسمي ونهائي، ما يعني أن أي ملاحظات أو انتقادات تهم وضعية الحديقة أو مدى جاهزيتها لا يمكن تحميل مسؤوليتها للمقاطعة في الوقت الراهن.
وأضاف المتحدث أن مصالح المقاطعة تظل منفتحة على التعاون مع باقي المؤسسات المنتخبة والهيئات المشرفة من أجل ضمان جودة المرافق العمومية.
وأوضح أن تسليم المشاريع قبل استكمالها أو تهيئتها بشكل كامل قد يخلق لبسا لدى الساكنة ويدفعهم إلى الاعتقاد بأن المقاطعة هي المسؤولة المباشرة عن أي خلل أو نقص، في حين أن الأمر يظل تقنيا وإداريا بيد مجلس العمالة إلى حين انتهاء الإجراءات الرسمية.
وأكد اليوسفي في ختام حديثه أن الأولوية بالنسبة لمقاطعة الحي الحسني هي توفير فضاءات عمومية في مستوى تطلعات المواطنين، تحترم معايير السلامة والجمالية.
وشدد على أن المقاطعة لن تتوانى في مطالبة الجهات الوصية بالإسراع في استكمال المشروع وتسليمه في أقرب الآجال ليكون جاهزا أمام عموم الساكنة.
المصدر:
العمق