أفاد تقرير حديث حول “الهجرة الداخلية حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024” بأن “أغلبية السكان المغاربة ما زالوا مستقرين في جماعتهم الأصلية، غير أن التنقل الداخلي يظل ملموسا”، موضحا أن نحو 60% من السكان يقيمون في الجماعة التي ولدوا فيها، في حين انتقل 40% منهم مرة واحدة على الأقل خلال حياتهم إلى جماعة أخرى داخل التراب الوطني.
وذكر التقرير الصادر عن المندوبية السامية للتخطيط أن هذه الحركية تبدو “أوضح في صفوف النساء، مقارنة بالرجال”؛ إذ يُظهر تحليل الهجرة الداخلية “غلبة نسائية (%43.7 مقابل 35.5%)”، معتبرا أن هذا “ما يعكس ديناميات مرتبطة بالزواج أو العمل أو لمّ شمل الأسر”.
ورصدت المندوبية السامية للتخطيط أن الهجرة الحديثة خلال السنوات العشر الأخيرة تمس أقل من 20% من السكان المغاربة فقط، وتنخفض إلى%12 فقط خلال الخمس سنوات الأخيرة”، خالصة إلى أن هذا “يشير إلى تباطؤ في وتيرة التنقل خلال الفترات الأقصر”.
وبخصوص الهجرة الدولية، وجد التقرير أنها تظل “محدودة جدا”؛ إذ “لا تتجاوز %0.7 في كل فترة مدروسة”.
تُبرز هذه المعطيات أن الحركية الداخلية – سواء كانت دائمة أو حديثة – تمثل المحرك الأساسي للدينامية السكنية في المغرب، في حين تظل الغالبية العظمى من السكان مستقرة، مع وجود فوارق طفيفة بين الجنسين في أنماط الهجرة.
المصدر نفسه أورد أن “تدفقات الهجرة الداخلية في المغرب خلال سنة 2024 تبرز هيمنة التنقلات داخل الوسط الحضري”، مردفا أنها “تمثل حوالي نصف إجمالي الهجرات الداخلية (%45.6)”.
و”تعكس هذه التنقلات بين المدن درجة عالية من الحركية السكانية داخل المجال الحضري، مدفوعة أساسا برغبة الأفراد في البحث عن فرص اقتصادية، أو وظائف، أو ظروف معيشية أفضل”، يضيف التقرير.
منتقلا إلى التحليل من حيث الجنس، سجّل تقرير المندوبية السامية للتخطيط “هيمنة طفيفة للرجال (47.2%) مقارنة بالنساء(%44.3)”، وهو ما يبرز “الطابع المهني للحركية الذكورية”.
وحلّت الهجرات القروية-الحضرية (من القرى صوب الحواضر) في المرتبة الثانية، بنسبة 34.1 %من مجموع التدفقات، وهذا “يؤكد استمرار ظاهرة النزوح القروي في البلاد”.
وأظهرت هذه الفئة “حضورا نسائيا ملحوظا (%32.9)”، يعلّق التقرير، معتبرا أن ذلك “يعكس تزايدا نسبيا في مشاركة النساء في الهجرة نحو المدن”.
وفي معطى “يكشف عن محدودية ظاهرة العودة إلى الوسط القروي”، يَظهر أن “الهجرات الحضرية-القروية (من الحواضر إلى القرى) لم تشكل سوى %7.2 من الإجمالي”، وفق الوثيقة نفسها، لافتة إلى أن “هذه العودة غالبا ما تكون مرتبطة بالتقاعد، أو بإعادة الاندماج العائلي، أو بمشاريع فلاحية”.
سجّلت “وثيقة HCP” تركُز “التنقلات السكانية في الجهات الحضرية ذات الدينامية الاقتصادية المرتفعة، وعلى رأسها الدارالبيضاء-سطات، والرباط –سلا-القنيطرة، وطنجة –طوان-الحسيمة”.
وأضافت أن هذه الجهات تستمد “قوتها الاستقطابية من تمركز البنيات التحتية الاقتصادية والاجتماعية والإدارية. كما تسجل معدلات احتفاظ مرتفعة بالسكان الأصليين مع استقطاب وافدين من جهات أخرى، مما يعزز مكانتها كمحركات رئيسية للنمو الديموغرافي والاقتصادي”.
في المقابل، أبرز التقرير أن “بعض الجهات الداخلية تعرف معدلات مرتفعة للهجرة، مثل مراكش-آسفي، وفاس-مكناس، وبني ملال-خنيفرة، ودرعة-تافيلالت، التي تعرف عجزا ديموغرافيا نتيجة محدودية فرص الشغل والتنمية المحلية”. وزاد: “يؤدي انتقال جزء مهم من سكان هذه الجهات نحو الجهات الحضرية الكبرى إلى تعميق الفوارق الترابية”.
المصدر:
هسبريس