آخر الأخبار

تقرير: المغرب ينهج القوة العسكرية الذكية.. والجزائر تفضل الكتلة العددية

شارك

قال تقرير تحليلي حديث نشرته منصة “ديفينسا” المتخصصة في الشؤون الدفاعية حول استراتيجية الإنفاق العسكري لكلّ من المغرب والجزائر، إن “الرباط تتبنى نهجا يمكن وصفه بالقوة الذكية؛ إذ تركز على التحديث النوعي والتكنولوجيا المتقدمة بالشراكة أساسا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إلى جانب بناء استقلالية صناعية تدريجية بالتعاون مع الهند وتركيا”، مبرزا أن الاستراتيجية المغربية تقوم على استثمار طويل الأمد في القدرات العسكرية والاقتصادية معا.

في المقابل، سجل التقرير ذاته أن “الجزائر تمضي في استراتيجية تقوم على الكتلة والردع، تتطلب الحفاظ على جيش ضخم وتجهيزه المستمر، ما يترجم إلى إنفاق مالي ضخم ودائم، فرغم أن هذه الاستراتيجية تضمن تفوقا عدديا واضحا على الورق، إلا أنها تفرض عبئا اقتصاديا هائلا وتجعل الميزانية الوطنية شديدة الحساسية لتقلبات أسعار النفط والغاز، وهما المصدران الرئيسيان لإيرادات الدولة”.

وأشارت المنصة المتخصصة في الشؤون الدفاعية إلى أن “مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2026 يكشف عن فلسفة واضحة تقوم على الاستمرارية والتخطيط بعيد المدى، حيث تم الترخيص بالتزامات مالية مستقبلية لإدارة الدفاع الوطني بحوالي 14.7 مليار يورو، لا تمثل الإنفاق الفعلي للسنة، بل السقف المالي المخصص لإبرام عقود تسليح وتحديث تمتد لسنوات عدة، أما الميزانية الفعلية التي ستُصرف خلال سنة 2026، والمعروفة باسم اعتمادات الأداء، فتبلغ حوالي 5.16 مليار يورو تُخصص لتغطية النفقات التشغيلية الجارية وأجور الأفراد وصيانة المعدات”.

وأضافت أن “الفجوة الكبيرة بين اعتمادات الالتزام واعتمادات الأداء تعكس منهجية التخطيط المالي المغربي، التي توزع تكلفة العقود الكبرى على سنوات عدة لتخفيف الضغط على الميزانية السنوية وضمان استدامة التمويل”، مسجلة أن “المغرب يروم استكمال برامج التحديث النوعي لمختلف فروع الجيش من خلال اقتناء منصات قتال حديثة وتكنولوجيا متطورة وتطوير البنيات التحتية والقاعدة الصناعية الدفاعية المحلية، في مسعى جاد لتقليص التبعية الخارجية وتحقيق قدر من الاكتفاء الذاتي في مجالات حيوية مثل صيانة المعدات وإنتاج الذخائر وبعض الأنظمة الأقل تعقيدا”.

في المقابل، أوضح التقرير ذاته أن “الأرقام الجزائرية تقدم صورة مغايرة تماما؛ فمشروع الميزانية لسنة 2026 خصص لوزارة الدفاع الوطني حوالي 21.15 مليار يورو كاعتمادات أداء فعلية، بينما تبلغ اعتمادات الالتزام حوالي 22.8 مليار يورو؛ إذ يشير التقارب بين القيمتين إلى أن جزءا كبيرا من الميزانية يُوجَّه لتغطية النفقات الفورية والعقود قصيرة الأجل، أو لتسديد دفعات ضخمة مرتبطة باتفاقيات سابقة”.

وذكرت الوثيقة ذاتها أن “هذا الحجم من الإنفاق ليس أمرا استثنائيا، بل استمرار لسياسة راسخة جعلت الجزائر من أكبر مستوردي الأسلحة في إفريقيا والعالم، قائمة على عقيدة دفاعية تركز على الردع عبر التفوق الكمي والحفاظ على جيش تقليدي ضخم ومجهز بأسلحة ثقيلة”، موردة أن “الإنفاق الدفاعي الفعلي للجزائر يمثل حوالي 8.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما يجعلها ضمن فئة استثنائية عالميا؛ إذ تتجاوز نسبة إنفاقها المتوسط في دول حلف الناتو (نحو 2 في المائة)، بل وتفوق حتى المملكة العربية السعودية وتقترب من مستويات دول في حالة صراع دائم مثل إسرائيل”.

وأبرز المصدر عينه أن “النموذج المغربي يُظهر توازنا مختلفا؛ إذ تبقى ميزانية الدفاع أقل بكثير من الإنفاق المخصص لقطاعي التعليم والصحة مجتمعين، ما يؤكد أن الدولة، رغم إدراكها التحديات الأمنية وحاجتها للتحديث العسكري، تسعى إلى تحقيق توازن بين متطلبات الدفاع وأولويات التنمية البشرية والاجتماعية”.

وخلص تقرير “ديفينسا” إلى أن “ميزانيتي البلدين تعكسان رؤيتين مختلفتين للأمن القومي؛ إذ سيُحدِّدُ المسارين اللذين اختارهما البلدان الجاران ليس فقط ميزانُ القوة العسكرية في المنطقة خلال السنوات القادمة، بل أيضا مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكلٍّ منهما”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا