لفت الاتفاق الذي تم التوقيع عليه بين الجانبين المغربي والروسي، بحر هذا الأسبوع، ويسمح بالتعاون الثنائي في مجال الصيد البحري لأربع سنوات قادمة، انتباه عدد من المتتبعين والمهنيين المزاولين بهذا القطاع الحيوي.
الاتفاق الجديد، الموقع عليه بين وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج والوكالة الفيدرالية الروسية للصيد البحري، يعوّض الاتفاق الذي انتهى سريانه في دجنبر الماضي، ويحدد كذلك الإطار القانوني والترتيبات العملية التي تتيح للسفن الروسية ممارسة نشاطها في المياه الأطلسية للمملكة.
واللافت عموما في هذا الاتفاق أنه يحدد حصة سنوية من الكميات المصطادة لا يمكن للسفن تجاوزها، كما ينظم بدقة مناطق الصيد المسموح بها على طول الساحل الأطلسي المغربي، إلى جانب فترات الراحة البيولوجية المعمول بها في المناطق المعنية للحفاظ على الثروة السمكية.
واستأثر هذا الاتفاق باهتمام المنظمات المهنية بقطاع الصيد البحري، بالنظر إلى انتصاره المبدئي للحوزة الترابية المغربية، وباستحضار سياق توقيعه الذي يتزامن مع تردد الاتحاد الأوروبي في تجديد الاتفاق الذي كان يجمعه بالمغرب؛ بما يبرز “قوة تفاوضية تميز المملكة”، وفقًا لمصادر مهنية.
وحظيت الخطوة الجديدة بدعم مباشر من أطراف مهنية تعتبر أن “الشراكة مع روسيا متقدمة وذات أولوية، وتُكسب المنتجات البحرية المغربية صيتًا على مستوى الأسواق الدولية”، بينما أبدت أطراف أخرى “تحفظاتٍ مبدئية حول الاتفاق عينه”.
وفي هذا الصدد ثمّن العربي مهيدي، رئيس جامعة غرف الصيد البحري، “ما توصل إليه الجانبان المغربي والروسي من تفاهمات تقضي بالسماح للأسطول الروسي بالصيد في السواحل المغربية الأطلسية، وفق شروط دقيقة تتضمنها الاتفاقية”.
ويرى مهيدي، ضمن إفادته لهسبريس، أنه “رغم كون الاتفاقية ذات صبغة سياسية بامتياز، في إطار التأكيد على الوحدة الترابية للمملكة طبعًا، إلا أن ذلك لا يعني التغاضي عن الأبعاد الاقتصادية والتنموية”، مبرزًا أن “الوصول إلى اتفاقية من هذه الطينة مع بلد من حجم روسيا ليس أمرا بسيطاً”.
وزاد المتحدث ذاته: “كجامعة لغرف الصيد البحري فإننا نعطي الضوء الأخضر للسلطات المسؤولة، بما فيها وزارتا الصيد البحري والشؤون الخارجية، ما دام أن الأمر يساهم في تعزيز حضور المنتجات البحرية المغربية بالأسواق العالمية”.
وبحسب المتحدث ذاته فإن “المنتجات البحرية المغربية، ومن بينها تلك المصطادة بالسواحل الجنوبية، باتت تصل إلى أسواق دولية واسعة، وهو ما ستعززه الشراكة الثنائية بين الرباط وموسكو في ميدان الصيد البحري”.
في سياق ذي صلة تساءل إبراهيم حور، مسؤول في نقابة الصيد البحري التابعة للمنظمة الديمقراطية للشغل، عن “تأثيرات هذه الاتفاقية على القطاع في الأقاليم الجنوبية المغربية”، معتقداً أنها “تستحق المزيد من النقاش مع المعنيين بها”.
ويرى حور، في تصريحه لهسبريس، “وجود مهنيين في القطاع لديهم تحفظاتٌ بخصوص هذه الاتفاقية، ما دامت الثروة السمكية بالمنطقة تعيش وضعًا صعبا نوعا ما خلال الفترة الأخيرة”.
وبحسب المتحدث ذاته فإن “الثروة السمكية بالمنطقة، ولاسيما سمك السردين، تعيش على وقع الندرة، إلى درجة أنها ربما لا تسمح بدخول فاعل جديد ومنافس يمتلك أفضل الوسائل اللوجستية، مقارنة بالوسائل التي يتوفر عليها المهنيون المغاربة”، وفق تعبيره.