في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
بالعاصمة الرباط، لمّت الذكرى الثانية لـ”زلزال الأطلس الكبير” نشطاء ومواطنين قادمين من أقاليم اهتزّت الأرض تحت أقدام ساكنتها يوم الثامن شتنبر 2023، مطالبينَ بـ”إنصاف المتضررين المقصيين من دعم إعادة الإعمار”؛ فيما رُفع مطلب “تشكيل لجنة تقصي الحقائق” و”التدخل الملكي في الملف لاستجلاء الحقائق في الواقع ..”، بتعبير أحد أعضاء “تنسيقية ضحايا زلزال الحوز”.
جاء ذلك خلال ندوة صحافية نظمها، اليوم الاثنين، الائتلاف المدني من أجل الجبل والتنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز، تحت شعار: “سنتان على الزلزال.. هل بهذه الحصيلة ننتظر تحقيق العدالة المجالية؟”.
واختار المتضررون مناسبة مرور عاميْن على “فاجعة الحوز” لتسليط الضوء على “المعاناة المستمرة للضحايا وكشف الواقع الحقيقي الذي يعيشونه”، متشبثين بأنهم على “استعداد دائمٍ لتقديم المعطيات الميدانية أمام ما يُروّج له إعلاميا من معلومات غير دقيقة”، وفق توصيفهم.
كما تجددت أيضا، ضمن فعاليات الندوة التي تابعتها هسبريس، مطالبُ إقرار “عدالة مجالية ترابية تراعي خصوصية الجبل وساكنته”، وفق ما أبرزه محمد الديش، المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل.
واستحضر الديش، خلال الندوة التي استضافها مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل بالرباط، أن “الملك محمدا السادس عبّر، في خطاب العرش لسنة 2025، عن أسفه وعدم رضاه أن يكون للمغرب سرعتان…”.
وقال المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل: “هذا يؤكد ما دعونا إليه مرارا، حيث اعتبرنا في الائتلاف منذ سنة 2015 أن المغرب يمشي بسرعات مختلفة؛ ومنها سرعة الهشاشة في مناطق الدواوير الجبلية النائية التي زادتها معاناة زلزال الأطلس الكبير عزلة وبطء”.
وتأسّف الديش بقوله إن “زلزال الأطلس الكبير كان فرصة ثمينة للحكومة المغربية أن تحقق التنمية المنشودة في المناطق والمجالات الجبلية(…)؛ لكنها أخلفت الموعد على ما يبدو بعد مرور عامين، فهو تخليدٌ لكن بطعم المرارة والأمل معا”.
واستعرض الائتلاف، عبر أعضائه، “تصوره للتنمية المجالية العادلة والمنصفة للمناطق الجبلية، وربط ذلك بالمعالجة الفاشلة لملف الزلزال”، مذكّرا بمذكرة موجهة إلى رئيس الحكومة في متم يوليوز 2025 مباشرة بعد التوجيهات الواردة في الخطاب الملكي، ومؤكدا أن “إنصاف الجبل ورش استعجالي لتصحيح التفاوتات وتحقيق العدالة المجالية”.
من جهتهم، جدّد أعضاء من “التنسيقية الوطنية لضحايا زلزال الحوز” ترحُّمهم على أرواح من قضَوْا قبل عامين، قبل أن يستعرضوا “شهادات حية” وأرقاما تثبت استمرار معاناة ساكنة عدد من المناطق المتضررة خاصة بأقاليم: الحوز تارودانت، شيشاوة وورزازات.
وبينما ذكرت المعطيات الرسمية الصادرة أمس الأحد في بلاغ لعمالة إقليم الحوز أن عملية إعادة بناء المنازل المتضررة من الزلزال الذي ضرب إقليم الحوز في شتنبر 2023 حققت مستويات إنجاز ملحوظة، إذ “وصلت إلى 91.33 في المائة بعدما انتهى بناء ما يناهز 24000 مسكن، وفق معايير فنية وتقنية عالية”، ردّ منتصر إثري، أحد المتضررين من الزلزال وعضو التنسيقية، بأننا “قوبِلْنا بأرقام غير دقيقة وهي أرقام ومعطيات بعيدة عن الواقع الذي نعيشه في الميدان”.
وأبرز إثري أن “معطياتنا وهناك فيديوهات وصور تؤكد بقاء حوالي 11 ألف أسرة في الخيام، وما شاب الموضوع مجرد تذبذب وتضارب وتسويق سياسي للموضوع”، متحدثا عن حالات “أسر حُرمت وأُقصيَت من دعم زلزال الحوز وتنتمي لدواوير نائية حتى إعادة التعمير تصعب فيها نظرا لوعورة ونقص الطرق”.
وقال الناشط ذاته عضو التنسيقية: “نحن نحسّ بالفخر ببنيات تحتية عالية وملاعب عالمية أنجزت في ظرف قياسي.. كما أننا نثمّن روح تضامن مغربي منقطع النظير في مرحلة ملحمة إنسانية شهدتها أقاليم الحوز في الأشهر الأولى التي تلت الفاجعة؛ لكن القلب يدمع عند رؤية ساكنة بعض الدواوير وعشرات الأسر التي مازالت في الخيام عُرضة للتشريد وقساوة الفصول… فصيفُ 2025 مرّ قاسيا وها هو الشتاء قادم”.
وأضاف المتحدث أمام وسائل الإعلام الحاضرة: “راسلنا كل الجهات المعنية بما فيها وزارة الداخلية زهاء 10 مرات، كما رفعنا مطالبنا إلى الديوان الملكي، وكذا “مؤسسة الوسيط” التي أجابتنا بعدم الاختصاص.. ومن خلال هذه الندوة نؤكد أن الخيام باقية في دواوير بالحوز”، خالصا إلى أن “ملف ضحايا الزلزال إنساني وليس تقنيا”.
ومباشرة بعد انتهاء الندوة، نُظمت أمام مقر البرلمان وسط العاصمة وقفة احتجاجية شارك فيها مواطنون قادمون من دواوير وجماعات متضررة من الزلزال اشتكوا إقصاءهم من الدعم، “للمطالبة بتسوية الملفات العالقة وتعويض جميع الضحايا المقصيين وتسريع وتيرة إعادة الإعمار، لضمان حقهم في السكن اللائق والحياة الكريمة”، حسب شعارات رُفعت خلال الوقفة.
يشار إلى أن الائتلاف الوطني من أجل الجبل قد وجّه “مذكرة ترافعية” إلى الفرق البرلمانية حول “تعزيز العدالة المجالية بالمناطق الجبلية وتخصيص اعتمادات مهمة ضمن مشروع قانون المالية 2026″، أورد فيها أنه “في ظل الاستعدادات لإعداد مشروع قانون المالية 2026، ومع اقتراب مناقشة الأولويات الاستثمارية، شدد الائتلاف على ضرورة تفعيل التوجيهات الملكية السامية الواردة في الخطاب الأخير لجلالة الملك، وكذا المذكرة التوجيهية لرئيس الحكومة التي تؤكد على تعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية، وتثمين المؤهلات الترابية، مع إعطاء دفعة قوية للمشاريع المهيكلة. علما أنه لا يمكن حصر العدالة المجالية في التعبير عن نوايا سياسية أو استعراض خطط استراتيجية فبدون ميزانية محددة، وجدول زمني دقيق، وهيئة توجيهية، ستظل المناطق الجبلية محرومة من منافع التنمية”، ودعا إلى “ترجمة التزامات الخطاب الملكي إلى تدابير مالية ومؤسسية ملزِمة؛ بدءا من مشروع قانون المالية لعام 2026”.