يعود، بدءا من اليوم، الآلاف من ذوي الإعاقة بالمغرب إلى مقاعد الدراسة على غرار أقرانهم المتمدرسين بالتعليم العادي، ليؤكدوا مرة أخرى قدرتهم على التحصيل الدراسي الجيّد بما يؤسس لإدماجهم في سلك التعليم العالي، فمنظومة سوق الشغل.
لكن الفرح بهذه العودة يوازيه تخوف ظاهر من لدن الجمعيات المدبرة للقطاع من “عدم الاستمرارية”، نتيجة توقف الدعم وضبابية مصير صندوق التماسك الاجتماعي.
وعاينت جريدة هسبريس الإلكترونية افتتاح الموسم الدراسي الجديد 2026/2025 من داخل مدرسة عمار ابن ياسر الابتدائية بالرباط، من قبل جمعية سفراء السعادة لذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بحضور مسؤولين حكوميين وسياسسين وممثلي السلطات.
وجرى التأكيد من خلال الافتتاح على أهمية اتحاد طاقات الأطفال ذوي الإعاقة ومجهودات الأطر التربوية إلى جانب الأسر في تمكنهم من المرور إلى مختلف الأسلاك التعليمية، بدءا من الإعدادي إلى التعليم العالي. فيما تحرص وزارة التربية الوطنية، من خلال اتفاقيات الأكاديميات الجهوية مع الجمعيات، على توفير الفضاءات للتدريس.
وبالنسبة لجمعية سفراء السعادة مثلا فقد حصلت هذا الموسم على قاعات لموارد الدعم، وفضاءات للتدريس بإعدادية الجولان والمدرسة الابتدائية النور، بالرباط، وفق ما أعلن عنه خلال حفل الافتتاح، الذي تخللته عروض فنية مبهرة للأطفال المتمدرسين.
منير ميسور، رئيس جمعية سفراء السعادة لذوي الاحتياجات الخاصة، قال إن “هذا الموسم يتميّز بارتفاع عدد الأطفال ذوي الإعاقة المسجّلين، إذ يتجاوز الأعداد المسجّلة خلال السنوات الفارطة”، مفيدا بأن “مجهودات الجمعية في إدماج هؤلاء الأطفال وتمكينهم من حقهم في التعليم والتمدرس لم تذهب هباء منثورا، إذ إن 5 أطفال سيلتحقون بالثانوية الإعدادية هذه السنة”.
وأوضح ميسور، في تصريح لهسبريس، أن “هذا يرجع إلى جهود كافة الأطر التربوية وشبه الطبية”، معتبرا أن “الحدث مناسبة لتوجيه رسالة لوزارتي التضامن والتربية الوطنية بضرورة مد يد المساعدة وزيادة الدعم؛ فالجمعية على غرار مثيلاتها غير قادرة على تلبية جميع المتطلبات والموارد التي يستوجبها تدريس هؤلاء الأطفال”.
وفي هذا الصدد أضاف المصرّح نفسه: “سمعنا أن صندوق التماسك الاجتماعي الذي يعد بمثابة المصدر الوحيد الذي نستمد منه الدعم لسداد أجور المربيات والأطر غير موجود هذا الموسم”، مشيرا إلى أن “توقف الدعم وضبابية مصير هذا الصندوق جعل عددا كبيرا من الجمعيات غير قادرة على الدخول المدرسي”.
ولا تعلم الجمعيات المدبرة لتمدرس ذوي الإعاقة، حتى الآن، “أي الوزارتين سالفتي الذكر ستتولى الوصاية على الصندوق، في ظل ارتباط المربيات بالتزامات مادية ومالية مع أسرهن وخاصة بالكراء”.
وشدد المتحدث ذاته على ضرورة أخذ الأمر على محمل الجد، “خصوصا أننا نتحدّث عن أكثر من 30 ألف طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة يتمدرسون، وعدد عاملات وعاملين اجتماعيين يتخطى 9 آلاف”.
من جانبها صرّحت فدوى الريح، رئيسة قسم الشؤون النسوية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل، قائلة: “نحن هنا لنؤكد أن التعليم حّق مشروع لكل طفل، وخاصة ذوي الاحتياجات الخاصة، فهذا ما ينص عليه الدستور المغربي وتقضي به الالتزامات الوطنية والدولية للمملكة”.
وأوضحت الريح، في تصريح لهسبريس، أن “لدى القطاع ما يصل إلى 374 رياض أطفال تشمل خدماتها التكوين الحركي والسمع والجانب الإدراكي”، وزادت: “إلى ذلك تعمل الوزارة على حماية حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة الموجودين في وضعية نزاع مع القانون، الذين هم في وضعية هشة، من خلال مراكز حماية الطفولة التي تتكلّف بإيواء هؤلاء الأطفال، ومن خلال مجموعة من البرامج، وعبر دور الشباب التي تقدم أنشطة تربوية، وكذلك من خلال الأنشطة التخييمية”.
وشددت المسؤولة الوزارية ذاتها على أن “الشراكات مع المجتمع المدني تظل الوسيلة الفاعلة لجعل هذه البرامج أكثر واقعية، على اعتبار أن لها الدراية التقنية والخبرة الميدانية في مجال التربية الدامجة”، مؤكدة أن “هذا التعاون المشترك سيترك أثرا في نفوس الأطفال”.