قال ستيفان دي ميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، إن مساره المهني بدأ في سن الثالثة والعشرين، ومنذ أكثر من 51 عاما يعمل في مناطق النزاع، مضيفا أنه اختار هذا الطريق شخصيا ليكون بمثابة “رجل إطفاء دولي” أو “طبيب الأمم المتحدة”، يتعامل مع الأزمات الحادة ويعمل على حماية المدنيين.
وأوضح دي ميستورا، في حوار مع المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية (ISPI)، أن “عمله ما زال مستمرا في محاولة تفادي اندلاع صراعات بين الدول، وبشكل خاص في النزاع المرتبط بقضية الصحراء الغربية بين المغرب والجزائر وجبهة البوليساريو”، مؤكدا التزامه بـ”التكتم حول تفاصيل الملف الذي يعمل على حله حفاظا على حياد المنظمة وفعالية دورها كوسيط”.
ووصف الإيطالي السويدي وظيفة المبعوث الخاص بأنها من أجمل المهام التي تقدمها الأمم المتحدة، مشيرا إلى أنها تجسد تمثيل الأمين العام ومبادئ المنظمة الأساسية، مع الحفاظ على الحياد ومنح الشرعية لأي اتفاق محتمل. كما شبّه دوره بدور “الموثّق” الذي يسهل التوصل إلى توافق بين الأطراف؛ ما يسمح، أحيانا، بتحقيق “معجزات صغيرة” في مناطق النزاع.
وفي حديثه عن تجربته داخل منظمة الأمم المتحدة، كشف دي ميستورا عن تجاربه المعقدة في أدوار الوساطة؛ من بينها “عمليات الإنزال الجوي في إثيوبيا عام 1984، حيث تمكن من تنسيق إيصال الغذاء إلى مناطق المجاعة عبر تعاون نادر بين قوى كانت متصارعة آنذاك، مثل الناتو وحلف وارسو، مؤكدا أن “الأمم المتحدة وحدها تمتلك المصداقية للقيام بمثل هذه الأدوار الإنسانية”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن المنظمة، ورغم التحديات المستمرة مثل الأمراض الوبائية وتغير المناخ والنزاعات الكبرى، تظل أداة فريدة لتجميع الدول على طاولة واحدة لمواجهة المشكلات الإنسانية، مشيرا إلى دور وكالاتها مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (UNICEF)، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR)، ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، في القيام بمهام لا تستطيع الدول تنفيذها بمفردها.
واستطرد الوسيط الأممي قائلا إن الأمم المتحدة تواجه تحديات كبيرة؛ لكنها تظل الأداة الوحيدة القادرة على تحقيق توافق بين الدول ومنح الأمل للمجتمعات المتضررة.
وشدد على ضرورة تجديد المنظمة وتحديث آلياتها، خصوصا فيما يتعلق بالشفافية والحفاظ على المبادئ الأساسية.
وخلص ستيفان دي ميستورا إلى أن البديل عن الأمم المتحدة سيكون بلا شك انتشار الفوضى، لافتا إلى أن “المنظمة ورغم كل النقائص، لا غنى عنها في عصر متعدد القوى والأزمات المعقدة، وبأن استمرار وجودها يشكل ضمانة لاستقرار العلاقات الدولية وحماية المدنيين في مناطق النزاع”.