تعيش المؤسسات التعليمية بجماعة الشتوكة التابعة لإقليم الجديدة أوضاعا صعبة مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، إذ يجد مئات التلاميذ والتلميذات أنفسهم محاصرين بمظاهر الفوضى والعشوائية التي تضرب محيط المدارس العمومية، في ظل انتشار الأسواق الأسبوعية والمقالع الرملية، فضلا عن أكوام الأزبال والنفايات التي تغرق المكان.
مباشرة مع كل يوم سوق أسبوعي بالشتوكة، تتحول محيط بعض المدارس العمومية إلى فضاء مكتظ بالباعة والمتسوقين، حيث تصطف العربات والسلع بمحاذاة جدران المؤسسات التعليمية، ما يعرقل حركة التلاميذ ويعرضهم لمخاطر حوادث السير والاحتكاك بالازدحام.
عدد من أولياء الأمور عبروا عن استيائهم من هذا الوضع الذي وصفوه بـ”المقلق”، معتبرين أن قرب المدارس من السوق يحرم أبناءهم من بيئة تعليمية آمنة وهادئة، ويجعل الدراسة محفوفة بالضوضاء والمخاطر.
إلى جانب الأسواق العشوائية، تزداد معاناة التلاميذ بسبب مقالع الرمال المنتشرة بالقرب من بعض المؤسسات التعليمية. هذه المقالع تخلف غبارا كثيفا يتطاير يوميا نحو الأقسام والساحات، ما يشكل خطرا على صحة التلاميذ والأطر التربوية، خصوصا الذين يعانون من أمراض التنفس والحساسية.
فعاليات محلية نبهت إلى أن استمرار نشاط المقالع على مقربة من المدارس “تهديد مباشر للموسم الدراسي وللسلامة الصحية للأطفال”، داعية السلطات إلى التدخل العاجل لإيجاد حلول متوازنة تراعي الحق في التعليم والحق في بيئة سليمة.
ولا يقف الأمر عند هذا الحد، إذ يواجه التلاميذ مشهدا يوميا من الأزبال والنفايات المتراكمة بمحيط بعض المؤسسات التعليمية، حيث هذه الوضعية تتفاقم بفعل غياب التدخل المنتظم لشاحنات جمع الأزبال، ما يترك المكان عرضة للروائح الكريهة وتكاثر الحشرات والكلاب الضالة.
عدد من الساكنة أكدوا أن الغريب في الأمر أن الجماعة الترابية تتوفر على فائض في الميزانية، لكن ذلك لا ينعكس إيجابا على واقع النظافة بالمحيط المدرسي، الأمر الذي يثير حنق المواطنين ويعمق معاناتهم اليومية.
وفي هذا السياق، قال ميلود الميساوي، ولي أمر لتلميذين بمدارس منطقة الشتوكة بإقليم الجديدة، إن الوضعية التي تعيشها مؤسسة تعليمية بالمنطقة أصبحت مقلقة للغاية، بعدما أضحى مقلع للرمال يطوقها من مختلف الجهات، وهو ما يشكل تهديدا مباشرا للموسم الدراسي لمئات التلاميذ والتلميذات.
وأوضح أن هذا المقلع لا يقتصر ضرره على الجانب البيئي فحسب، بل يتسبب أيضا في انتشار غبار كثيف يخترق الحجرات الدراسية ويعرض صحة التلاميذ والأطر التربوية لخطر الأمراض التنفسية والحساسية المزمنة.
وأضاف الميساوي، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن الدوار الذي يحتضن هذا المقلع بات يعيش عزلة شبه تامة نتيجة الفوضى والعشوائية التي ترافق نشاطه، مؤكدا أن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى انعكاسات سلبية خطيرة على المسار الدراسي للتلاميذ، سواء من خلال التأثير على تركيزهم داخل الفصول أو عبر تخلي بعض الأسر عن إرسال أبنائها إلى المدرسة خوفا على سلامتهم.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن عددا من المعلمين العاملين بالمؤسسة عبروا عن رغبتهم في الانتقال إلى مناطق أخرى، بعدما فقدوا الأمل في توفير ظروف بيداغوجية وصحية سليمة، وهو ما ينذر بعجز كبير في الأطر التعليمية في حال استمرار هذا الوضع.
وشدد على أن “غياب شروط الدراسة في بيئة آمنة وملائمة يهدد بتراجع مستوى التحصيل الدراسي ويزرع الإحباط في نفوس التلاميذ والأسر على حد سواء”.
وتابع الميساوي موضحا أن المؤسسة التعليمية أصبحت محاطة بحفر ضخمة خلفتها عمليات استخراج الرمال، مما يزيد من مخاطر السقوط والحوادث، خاصة بالنسبة للتلاميذ الصغار الذين يرتادون المدرسة يوميا.
وأبرز أن عددا من الأسر لوحت بإمكانية منع أبنائها من متابعة دراستهم إلى حين إيجاد حل عاجل لهذه الكارثة البيئية والاجتماعية.
وختم تصريحه بدعوة السلطات المحلية والجهات الوصية على قطاع التعليم إلى التدخل الفوري، قصد وقف نزيف الأضرار التي يخلفها المقلع، وإعادة الاعتبار للمؤسسة التعليمية باعتبارها فضاء للتعلم الآمن، لا ساحة محاصرة بالغبار والحفر والضجيج.
ومن جهته، عبر سعيد الخياطي، أحد ساكنة منطقة الشتوكة بإقليم الجديدة، عن قلقه الشديد إزاء الوضعية المزرية التي تعيشها مؤسسة الورد العمومية، مشيرا إلى أن المؤسسة أضحت محاصرة بمشاهد مؤسفة من الأزبال والنفايات التي تغزو محيطها بشكل يومي، نتيجة تواجدها بجوار السوق الأسبوعي بالمنطقة.
وأوضح الخياطي، في تصريح لجريدة العمق المغربي، أن استمرار هذا المشهد بات يهدد راحة التلاميذ والأطر التربوية على حد سواء، ويعرقل الأجواء الطبيعية لبدء الموسم الدراسي الجديد، مؤكدا أن “تكدس الأزبال وانتشار الروائح الكريهة والحشرات يخلق بيئة غير صحية للتلاميذ ويُفقد المؤسسة التعليمية هيبتها ودورها التربوي”.
وأضاف المتحدث أن المثير للاستغراب في هذا الوضع هو أن جماعة الشتوكة تتوفر على فائض ملحوظ في عدد عمال النظافة، غير أن هؤلاء لم يتم تخصيصهم لخدمة محيط المؤسسة التعليمية، رغم الحاجة الملحة لذلك، وهو ما يطرح علامات استفهام حول أولويات الجماعة المحلية في تدبير ملف النظافة.
ولفت الخياطي الانتباه إلى أن سكان المنطقة، إلى جانب مختلف الفاعلين المحليين، يعيشون حالة من التذمر والاحتقان بسبب الفوضى والعشوائية التي تحيط بالمؤسسات العمومية والأسواق، معتبرا أن منتخبي المنطقة “لم يلتزموا بتنفيذ الوعود التي قدموها للساكنة خلال الحملات الانتخابية”، خاصة فيما يتعلق بتأهيل البنية التحتية وضمان بيئة سليمة للساكنة والتلاميذ.
وختم المتحدث بالتأكيد على أن استمرار هذا الوضع ينذر بتأثيرات سلبية على صحة التلاميذ ومستقبلهم الدراسي، داعيا السلطات المحلية إلى التدخل العاجل لوضع حد للفوضى القائمة وإعادة الاعتبار لمؤسسة الورد التعليمية باعتبارها فضاء لتنشئة الأجيال لا مكبا للنفايات.