آخر الأخبار

هيئة حقوقية تطالب القضاء بالتحقيق في صفقة نظافة تفوق 55 مليون درهم بالجديدة - العمق المغربي

شارك

تقدمت الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب بشكاية رسمية إلى الوكيل العام، تبلغ فيها عن وقائع وصفتها بـ”الخطيرة”، تتعلق بصفقة التدبير المفوض لمرفق جمع النفايات المنزلية والمماثلة لها بجماعة الجديدة، والتي رست على شركة مفوض لها هذا القطاع، رغم ما اعتبرته الهيئة “خروقات مالية وإدارية وشبهات فساد”.

وتتعلق هذه الصفقة بالعقد رقم 2024/1، الذي انطلق تنفيذه في 7 نونبر 2024، بعد أن تم فتح الأظرفة المتعلقة بطلب المنافسة عدد 2024/01، والذي حددت فيه التكلفة التقديرية من طرف صاحب المشروع في مبلغ 50.870.000,00 درهم. غير أن الصفقة رست على شركة خاصة بمبلغ 55.432.400,00 درهم، إضافة إلى مبلغ استثماري قدره 51.040.984,00 درهم، وهو ما اعتبرته الهيئة تجاوزا واضحا للتكلفة المحددة سلفا وإقصاء لعرض أقل كلفة تقدمت به شركة SOS.

الهيئة كشفت أن شركة SOS قدمت عرضا ماليا بـ50.619.277,62 درهم، واقترحت مبلغا استثماريا أعلى من الشركة المذكورة بـ53.506.046,18 درهم، ما يجعل اختيار الشركة المفوض لها قطاع النظافة غير مبرر من الناحية الاقتصادية.

كما أشارت إلى أن عرض شركة النظافة احتل المرتبة الرابعة من حيث الكلفة، ما يطرح تساؤلات حول مدى احترام مبدأ الأفضلية المالية المنصوص عليه في القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض.

وفي تصريح خطير لرئيس جماعة الجديدة، وثقته الهيئة بواسطة مفوض قضائي، لمح إلى تدخله في مسار الصفقة بشكل يفهم منه توجيه مسبق لنتيجتها، ما يعزز من شبهات “استغلال النفوذ” و”توجيه العروض”، وفق تعبير الهيئة.

كما أوردت الشكاية أن شركة النظافة سبق أن تولت تدبير القطاع خلال الفترة ما بين 2016 و2024، وأبانت عن “فشل ذريع”، حسب وصف الهيئة، في الوفاء بالتزاماتها، ما انعكس على نظافة المدينة وتسبب في شكاوى متكررة من السكان، وهو ما يجعل إعادة منحها الصفقة “سلوكا غير مبرر ويهدد مالية الجماعة”.

وتشير الوثائق المرفقة إلى أن الفرق المالي بين العرض الفائز والعرض الأرخص يصل إلى 33.691.863,30 درهم، ما يمثل عبئا إضافيا على ميزانية الجماعة كان يمكن توجيهه لمشاريع تنموية أو تقليص مديونية الجماعة. كما تم حرمان المدينة من مبلغ استثماري إضافي يفوق 2.4 مليون درهم، كان من الممكن استثماره في تحسين الخدمات المرتبطة بالنظافة.

الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية اعتبرت أن هذه الوقائع تندرج ضمن أركان جريمة تبديد المال العام، وفق مقتضيات الفصل 241 من القانون الجنائي المغربي، كما تتعارض مع مقتضيات القانونين 130.13 و54.05، وخرقا صريحا للدستور، خاصة الفصلين 36 و154 المتعلقين بمحاربة الفساد وضمان جودة وشفافية المرافق العمومية.

وفي ختام شكايتها، التمست الهيئة من الوكيل العام للملك فتح تحقيق قضائي معمق حول هذه الصفقة، واتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة، انسجاما مع خطاب العرش لسنة 2023 الذي أكد على مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتعزيز الشفافية والحكامة في تدبير الشأن العام.

وقال رضوان دليل، الممثل القانوني للهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب، إن الهيئة قررت اللجوء إلى القضاء من أجل وضع حد لما وصفه بـ”الاختلالات الجسيمة” التي تشوب تدبير قطاع النظافة بجماعة الجديدة، مضيفا أن الهيئة تقدمت بشكاية رسمية أمام الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، تتضمن معطيات وصفها بـ”المقلقة” حول خروقات مالية وإدارية تستدعي التحقيق الفوري.

وأوضح دليل، في تصريح لجريدة “العمق المغربي”، أن الشكاية الموجهة إلى النيابة العامة لا تقتصر فقط على مؤشرات تدل على وجود شبهة فساد مالي، بل توثق أيضا حالات يشتبه فيها بوجود تبديد ممنهج للمال العام، واستغلال غير مشروع للنفوذ، إضافة إلى شبهات مرتبطة بالغدر وسوء التدبير الإداري والمؤسساتي داخل الجماعة.

وأكد المتحدث ذاته أن الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية اعتمدت في شكايتها على وثائق ومعطيات موضوعية، جمعت عبر مراحل دقيقة من الرصد والتتبع، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تندرج في سياق جهود الهيئة الرامية إلى تعزيز الرقابة المدنية على تدبير الشأن العام، ومكافحة كل أشكال الفساد التي تعرقل التنمية المحلية وتضعف ثقة المواطنين في المؤسسات.

وشدد الفاعل النقابي على أن الهيئة تتابع عن كثب تطورات هذا الملف، وأنها ستواصل الضغط والترافع من أجل تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكدا في الآن ذاته أن مثل هذه التحركات القانونية تأتي تجاوبا مع مطالب الساكنة، التي باتت تعاني من تداعيات سوء التسيير، لا سيما في قطاع حساس كقطاع النظافة الذي يمس بشكل مباشر الحياة اليومية للمواطنين وجودة عيشهم.

وختم المتحدث تصريحه بالتأكيد على أن الهيئة لن تتردد في اللجوء إلى الآليات القانونية والمؤسساتية المتاحة، سواء الوطنية أو الدولية، من أجل حماية المال العام وترسيخ مبادئ الشفافية والنزاهة داخل المؤسسات العمومية.

العمق المصدر: العمق
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا