استقبل رئيس مجلس المستشارين، محمد ولد الرشيد، اليوم الخميس، رئيس برلمان أمريكا اللاتينية والكاراييب رونالدو غونزاليز باتريسيو، مرافقا بأعضاء المكتب التنفيذي لهذه المنظمة البرلمانية الإقليمية، وذلك في إطار زيارة عمل للمملكة المغربية تمتد من 12 إلى 17 فبراير الجاري.
شكل هذا اللقاء مناسبة لاستعراض عمق العلاقات التي تربط المملكة المغربية بدول أمريكا اللاتينية والكاراييب، والتأكيد على الرغبة المشتركة في تعزيز هذه الروابط عبر الحوار البرلماني المنتظم، والتنسيق المستمر بشأن القضايا ذات الأولوية والاهتمام المشترك.
كما انعقد بمناسبة هذه الزيارة اجتماع مشترك بين مكتب مجلس المستشارين والمكتب التنفيذي للبارلاتينو، ليكون بذلك أول اجتماع من نوعه يُعقد خارج منطقة أمريكا اللاتينية والكاراييب.
وخلال هذا الاجتماع، أعرب محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين، عن اعتزازه باختيار المملكة المغربية لاستضافة أول اجتماع للمكتب التنفيذي لــ”البارلاتينو” خارج أمريكا اللاتينية والكارييب، معتبرا ذلك دلالة على متانة العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين مجلس المستشارين وهذا التكتل البرلماني الهام، وتقديرا للمكانة المتميزة التي تحتلها المملكة في محيطها الجهوي والإقليمي، وكذا للنموذج الديمقراطي والتنموي المغربي.
كما أشاد ولد الرشيد بالمبادئ التي تقوم عليها المنظمة القائمة، بحسبه، على احترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للدول، واعتماد منهج الحوار وسبيل السلام لمعالجة القضايا الدولية وحل النزاعات، وهي المبادئ ذاتها التي تشكل جوهر الدبلوماسية المغربية، خاصة في إطار سياسة التعاون جنوب-جنوب التي كرّسها الملك محمد السادس كخيار استراتيجي للتنمية والتعاون.
وأشار المسؤول ذاته إلى دور مجلس المستشارين كحلقة وصل برلمانية بين القارة الإفريقية والمنطقتين العربية والأمريكولاتينية، من خلاله انخراطه الجاد في العديد من المبادرات، خصوصا عبر مبادرة المنتدى البرلماني لبلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكراييب “الأفرولاك”، وغيره من منتديات التعاون البرلماني، مبرزا في هذا الصدد “الإمكانيات التنموية والاستثمارية الهائلة للمنطقتين، وضرورة استثمارها لصالح تحقيق التنمية المستدامة، الأمن الغذائي والعدالة المناخية، وفي تدبير قضايا الهجرة والنزوح”.
وفي هذا السياق، أبرز رئيس مجلس المستشارين المكانة الإقليمية للمغرب ودوره الريادي في مشاريع ومبادرات كبرى، أطلقها الملك محمد السادس، مثل أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، ومبادرة الدول الإفريقية الأطلسية، ومبادرة تسهيل ولوج دول الساحل والصحراء إلى المحيط الأطلسي، منوها بدعم برلمان أمريكا اللاتينية لهذه المبادرات الملكية الاستراتيجية.
كما شدد على أهمية استمرار التعاون البرلماني جنوب-جنوب من خلال منصات ومنتديات دعم الحوار والشراكة الاستراتيجية، بما في ذلك المنتدى البرلماني الاقتصادي المغرب-أمريكا اللاتينية والكاراييب، والحوار القائم بين مجالس الشيوخ والشورى والمجالس المماثلة والاتحادات البرلمانية الجهوية والإقليمية بإفريقيا والعالم العربي وأمريكا اللاتينية والكاراييب.
وفي ختام كلمته بالمناسبة، جدد ولد الرشيد امتنانه وتثمينه لمواقف برلمان أمريكا اللاتينية الداعمة للمغرب، مشيدا بالعلاقات المتميزة بين الطرفين، مؤكدا التزام المغرب بتعزيز التعاون والتضامن بين دول الجنوب لتحقيق التنمية والاستقرار.
من جهته، أعرب رئيس المكتب التنفيذي للبارلاتينو، Rolando Gonzalez Patricio، عن بالغ شكره وتقديره لمجلس المستشارين على استضافة هذا الاجتماع الهام، الذي يعكس متانة العلاقات البرلمانية القائمة بين الجانبين، متعهدا بالعمل على تعزيزها وتطويرها بما يخدم المصالح المشتركة.
واعتبر Rolando Gonzalez Patricio أن العلاقات بين المملكة المغربية ودول “البارلاتينو” ترقى إلى تعاون استراتيجي مبني على قواسم مشتركة وتحديات ورهانات متشابهة، مشددا على أن “منطقتي أمريكا اللاتينية وإفريقيا تواجهان تحديات تنموية كبرى، مما يجعل من الضروري العمل سويا على إيجاد حلول فعالة ومستدامة لهذه القضايا”.
وفي هذا الإطار، أبرز أهمية استثمار الفضاء الأطلسي كمجال جغرافي مشترك بين أمريكا اللاتينية والقارة الإفريقية، وما يتيحه من فرص لتعزيز التعاون، بالنظر إلى ما يتقاسمه الطرفان من عوامل تاريخية وثقافية وعرقية وتقاليد مجتمعية تجعل من الشراكة بينهما حاجة منطقية وضرورية.
من جهة أخرى، نوه Rolando Gonzalez Patricio بالدور الذي يقوم به مجلس المستشارين في تطوير العلاقات مع البارلاتينو، مشيرا إلى أن “هذا الدور لا يقتصر على المتابعة، بل يجعل من المجلس مساهما استراتيجيا وفاعلا نشطا في دعم هذا التكتل البرلماني، والترافع عن القضايا المشتركة، والسعي إلى تطوير آليات التعاون جنوب-جنوب عبر دبلوماسية برلمانية طموحة”، مشددا على ضرورة “اغتنام كل الفرص المستقبلية الواعدة واستثمارها”.
كما أبرز رئيس المكتب التنفيذي للبارلاتينو الأدوار الطلائعية التي ينهض بها “أفرولاك” كمنصة حيوية لتعزيز الرؤية الاستراتيجية المشتركة وفضاء للعمل المشترك حول قضايا جوهرية، مثل التنمية والتغير المناخي، وغيرها من القضايا ذات الأولوية التي تتطلب العمل بمسؤولية وجدية.
وشهد الاجتماع التوقيع على إعلان مشترك يتضمن مجموعة من الخطوات الرامية إلى تعزيز وتطوير التعاون البرلماني، والعمل على تكريس الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، كما تم الاتفاق على مواصلة الجهود المشتركة لدفع مسار “الأفرولاك” والتحضير لعقد قمته المقبلة بالمملكة المغربية.
يذكر أن الإعلان المشترك خلص إلى التأكيد على الإرادة المتبادلة لتعزيز قنوات التواصل والتعاون بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التنسيق في المحافل الدولية وفقا للقيم والمبادئ المؤسسة للعلاقات بين الطرفين، خاصة فيما يتعلق باحترام السيادة الوطنية والوحدة الترابية للدول.
كما شدد الإعلان على أهمية التعاون جنوب-جنوب كخيار استراتيجي لتعزيز التنمية المستدامة، مبرزا التوافق بين الجانبين على العمل كشريكين استراتيجيين متقدمين لدفع مسار المنتدى البرلماني لبلدان إفريقيا وأمريكا اللاتينية والكراييب “الأفرولاك”، والتحضير المشترك لعقد قمته المقبلة بالمملكة المغربية يومي 29 و30 أبريل 2025.