آخر الأخبار

بوصوف يدون أهم الإنجازات والطموحات المغربية في حصيلة 2024

شارك الخبر

استعرض الدكتور عبد الله بوصوف، الباحث في العلوم الإنسانية، أهم الانتصارات الدبلوماسية والمكاسب التي حققها المغرب خلال عام 2024 في مجالات متعددة، مثل الدبلوماسية والاقتصاد والرياضة والحقوق، مستحضرا الحكمة والرصانة التي تحلت بها السياسة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، حيث تم التفاعل مع القضايا الإقليمية والدولية بحذر وعقلانية بعيدا عن الانفعالات.

وأشار بوصوف في مقال معنون بـ”مغرب الحِلم ومغرب الحُلم.. سنة 2024″، توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، إلى الطموح المغربي في تحقيق التنمية المستدامة والشراكات الدولية، مع التركيز على حلم تنظيم كأس العالم 2030، الذي يعتبر مشروعًا وطنيا ضخما سيسهم في تعزيز مكانة المغرب على الساحة العالمية، وجعله يطل على العالم بكامل صحرائه.

نص المقال:

قد لا نكشف سرا بجردنا لأهم الانتصارات الديبلوماسية والمكاسب الاقتصادية والاجتماعية والرياضية والحقوقية، التي حصدها المغرب سنة 2024، والتي كانت بالطبع نتيجة عمل دؤوب وجهود جبارة وحكمة وبصيرة جلالة الملك محمد السادس.

ونعتقد أنه من المفيد تسليط الضوء على عنصرين مهمين ميزا سنة 2024. وحتى نكون أكثر دقة فقد كانت سنة 2024، أولا، مساحة مهمة لترسيخ فضيلة الحِلم في تعامل المغرب مع محيطه وكل خصومه. إذ لم ينهج سياسة انفعالية أو مبنية على ردود أفعال ارتجالية، بل كانت كل أجوبة المغرب بخصوص أهم الملفات الساخنة، سواء تعلق الأمر بملف الوحدة الترابية والوطنية المغربية أو القضية الفلسطينية، بمثابة امتداد لعناصر أجوبة سابقة وتأكيدا لاعتقاد راسخ بعدالة القضيتين. الشيء الذي رسخته كل تصريحات المغرب بخصوص أحداث غزة، مثلا، ونبذ العنف وقتل الاطفال والمدنيين والمطالبة بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وبنفس الحِلم رد المغرب على الجارة الشرقية بمد يد المصالحة والتعاون منذ سنة 2008 إلى اليوم، لأنه عارف بغايات النظام العسكري الجزائري من تبنيه لمشروع انفصالي فاشل واحتضانه لكيان البوليساريو في مخيمات تندوف، أولا بكلفة مالية تجاوزت مئات المليارات من الدولار وأصبحت عبئا ماليا على الشعب الجزائري الشقيق، وثانيا بكلفة سياسية ثقيلة فرضت عليه العزلة السياسية رغم تجنيده للأقلام والأبواق وصحف مشبوهة.. كل هذا من أجل منفذ على المحيط الأطلسي.

إن خطاب المسيرة الخضراء لسنة 2024 وضع كل الخصوم والأعداء أمام قوة المقاربة الواقعية ومبادرة الحكم الذاتي كسقف وحيد وحل سياسي، بعيدا عن كل جعجعة سياسية أو استهلاك إعلامي رخيص. إذ لا يمكن التمسك بالاستفتاء بعد تخلي الأمم المتحدة عنه، واستحالته أمام رفض إحصاء المحتجزين/ الرهائن بمخيمات تندوف. كما دعا نفس الخطاب كل هؤلاء الحالمين بمنفذ أطلسي إلى الانخراط في المبادرة المغربية الدولية لولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي في إطار سقف الشراكات والتعاون وتحقيق التقدم لكل شعوب المنطقة، بما فيهم “العالم الآخر المنفصل عن الواقع”.. الواقع الذي يتكلم لغة ارتفاع عدد مقرات القنصليات بالعيون والداخلة بالصحراء المغربية ولغة ضخ الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية وميناء الداخلة الأطلسي وبرامج الطاقة النظيفة ومحطات تحلية المياه وغيرها..

ويبدو أن “العالم الآخر” لا يزال تحت مفعول مخدر شعارات الحرب الباردة وأوهام الماضي، ولم يصدق بعد اعتراف كل من إسبانيا وفرنسا بمغربية الصحراء وبقوة مبادرة الحكم الذاتي، وهما القوتان المستعمرتان السابقتان للمغرب بكامل صحرائه. ومعنى هذا امتلاكهما لكل أدوات نسف الاطروحة الانفصالية كالأرشيف العسكري والديبلوماسي والخرائط والرسائل التاريخية للمنطقة، مما يجعل “العالم الآخر” أمام خيار وحيد، أي الانضمام للمبادرة المغربية الأطلسية، لأن عكس ذلك يعني البقاء في عزلة دولية وحدود ملتهبة، سواء مع ليبيا أو دول الساحل، خاصة مالي، وملف قبائل الطوارق.

لقد شهدت سنة 2024 حصادا قويا للمغرب بفضل الديبلوماسية الملكية الحكيمة، كما تميزت من جانب آخر بأحداث قوية على المستوى الاجتماعي، خاصة تداعيات زلزال الحوز وفيضانات الجنوب.

وكالعادة بصم المغرب على درس قوي في التضامن الاجتماعي والتلاحم بين العرش والشعب، بمن فيهم مغاربة العالم، في تدبير الأزمات الكبرى الاجتماعية والصحية (كوفيد- 19)، وهي إشراقات تضاف إلى جهود المغرب من أجل استكمال ركائز الدولة الاجتماعية، خاصة الضمان الاجتماعي والصحي وتطوير ترسانته القانونية في هذا المجال.

وبطبيعة الحال فإن سنة 2024 عرفت حركات احتجاجية فئوية (الصحة والتعليم والمحاماة…)، وهي دليل آخر على حيوية وصحة الحياة السياسية والنقابية والحقوقية بالمغرب، التي بالمناسبة تُوِجت بإصدار العفو عن مجموعة من الإعلاميين والنشطاء الحقوقيين. وهو ما يعد مدخلا كبيرا للحديث عن العنصر الثاني الذي ميز سنة 2024، أي مغرب الحُلم أو “الحلم المغربي” في التنمية والعدالة المجالية وغيرها مما تضمنته العديد من الخطابات والرسائل الملكية و الأوراش الكبرى كالجهوية المتقدمة (المناظرة الثانية بطنجة يومي 20 و21 دجنبر) ومشروع مدونة الأسرة. وكذا مناسبة للحديث عن الحلم المغربي الآخر، أي تنظيم كأس العالم سنة 2030، بعد محاولات بتاريخ يمتد إلى سنة 2006. وحلم تنظيم كأس العالم ليس مرتبطا فقط بشغف الجمهور المغربي بكرة القدم أو الإنجاز التاريخي لـ”أسود الأطلس” في مونديال قطر 2022، بل هو الرغبة الجماعية في قفزة نوعية على مستويات التنمية والاقتصاد والبنية التحتية والارتقاء الاجتماعي من خلال تنظيم أكبر تظاهرة كروية في العالم.

لقد زف جلالة الملك محمد السادس في 4 أكتوبر 2023 خبر تنظيم كأس العالم بمشاركة كل من إسبانيا والبرتغال سنة 2030، وتشكيل لجنة تنظيم كأس العالم 2030، التي تم تعزيزها بخلق لجنة تركيبية تضم كفاءات المجتمع المدني ومغاربة العالم وكفاءات إفريقية من أجل تسريع تنزيل كل الأوراش الاستراتيجية والمهيكلة المتعلقة بتحقيق حلم تنظيم المونديال المغربي، الذي تم الإعلان الرسمي عنه في دجنبر 2024.

وحلم تنظيم كأس العالم بالمغرب ليس مناسبة عادية أولا، لأنها بداية المئوية الثانية لتنظيم كأس العالم حيث سيمثل الدول العربية وإفريقيا. وهنا لا بد من الإشارة للحكمة الملكية القوية من إدراج كفاءات إفريقية في اللجنة التركيبية. فهو يؤكد هنا أن المونديال هو مغربي/ إفريقي. ثانيا، لأنها دورة مليئة بالرسائل والأحداث التاريخية المشتركة بين المغرب والبرتغال وإسبانيا. وثالثا، لأنها واعدة بشركات اقتصادية وفرص جذب سياحية للدول الثلاث.

من جهة أخرى، فإن تنظيم كأس العالم بالمغرب يعني أنه طيلة ترتيبات مونديال 2030 والحديث عنه إعلاميا وشراكاته ووصلاته الإشهارية، سواء بالمنابر العالمية أو شبكات التلفزيون والشبكات الاجتماعية، وإلى غاية الانطلاقة الرسمية لكأس العالم، سيطل المغرب بكامل صحرائه على العالم. فمرحبا سنة 2025 بمساحات حِلم أكبر ومساحات أحلام أقوى وأكثر.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


إقرأ أيضا