دخلت الجمعية المغربية لليتيم على خط النقاش الدائر حول مقترحات تعديل مدونة الأسرة، خصوصا بعدما كشفت الهيئة المكلفة بتعديلها، الأسبوع الماضي، عن الخطوط العريضة لهذا المشروع الذي لا يزال محط نقاش مستفيض لدى شرائح مجتمعية واسعة، في انتظار المرور نحو مسطرة التشريع.
وقالت الجمعية إن “رفض اعتماد الخبرة الجينية كدليل قاطع لإثبات النسب والعمل به يضر بالمصلحة الفضلى للطفل ويعكس استمرار مقاربة عقابية تحمّل الطفل تبعات أفعال لم يكن له يد فيها”، مؤكدة أن “الوقت قد حان لتجاوز الإشكالات التي تعيق تمتع الأطفال بجميع حقوقهم الدستورية والإنسانية، بما يضمن مصلحتهم الفضلى ويحميهم من كل أشكال التمييز والوصم”.
كما تأسّفت لـ”رفض مطلب لحوق نسب الطفل لأبيه البيولوجي باستخدام تحليل الحمض النووي كوسيلة علمية قطعية النتيجة تمكّن من إعطاء الطفل جميع حقوقه”، مسجّلة أن “المقاربة المعتمدة حاليا تقوم على تحميل الطفل تبعات الخلافات بين والديه أو بين والديه والمجتمع، وتحرم الطفل المولود خارج إطار الزواج من النسب الذي يمكن إثباته باستخدام تحليل الحمض النووي”.
وفق الجمعية المغربية لليتيم، فإن “حرمان الطفل من الحق في النسب من أبيه يشكل انتهاكا صارخا لحقوقه ويؤدي إلى عواقب وخيمة؛ بما فيها حرمانه من الهوية الكاملة منذ الولادة وخلال حياته، إلى جانب حرمانه من الحقوق الاقتصادية والمالية، بما في ذلك الميراث”.
كما يؤكد ذلك، حسب المصدر نفسه، “إمكانية تعرّضه للتمييز والوصم والرفض من المجتمع، ثم التخلي والإهمال في الشارع أو مؤسسات الإيواء، فضلا عن إمكانيه تعرضه لاختلاط الأنساب، وذلك لغياب سبب للتعرف على محارمه”.
وزادت الجمعية: “إن ما نصت عليه مدونة سنة 2004، والذي تم تأكيده من قبل الهيئة الاستشارية بخصوص إثبات النسب، مرتبط بوجود أو غياب علاقة زوجية قانونية بين الوالدين (عقد الزواج) حتى ولو اعترف الأب والأم بمسؤوليتهما تجاه الطفل المولود؛ وبالتالي فوضعُ هذا الأخير يعتمد على قواعد اجتماعية وقوانين تهدف إلى معاقبة البالغين على العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج دون مراعاة حالات مختلفة ومتعددة أخرى كالاغتصاب مثلا”.
وتقول جمعية “AMO” إن “رفض لحوق النسب من قبل الأب أو القاضي، بالرغم من وجود دليل علمي قطعي، يجعل الأم تتحمل لوحدها مسؤولية طفلها؛ بما فيها رعايته المادية والتربوية والدفاع عن وجوده، لتتحول بذلك قسرا إلى أم عازبة، مع كل ما يترتب عن ذلك من صعوبات مادية واجتماعية لها ولطفلها”.
واعتبرت الهيئة المدنية ذاتها، ضمن مذكرتها المفصلة، أنه “حان الوقت للخروج من هذه الوضعية العقابية تجاه أي طفل بريء من خلال تعميم اللجوء إلى تحليل الحمض النووي عند الضرورة لإثبات النسب وتمكين الطفل من جميع الحقوق المترتبة عن ذلك”.
مفصلة في رأيها بخصوص الموضوع، قالت الجمعية المغربية لليتيم إن “هذه التوصية التي جرى استصدارها تفضي من جهة إلى إلزام الأب البيولوجي بنفقات مادية تجاه طفل بدون أن تكون له علاقة قانونية معه، مما يخلق نوعا من الأسر الشبه المركبة ويساهم في تشتت أسر أخرى، بدلا من اعتماد الخبرة الجينية كوسيلة علمية موثوقة تثبت مباشرة علاقة الطفل بمن تنسل منه”.
وتشبثت الجمعية ذاتها بـ”إلحاق الأطفال بآبائهم البيولوجيين بغض النظر عن العلاقة بين الزوجين، مع اعتماد الخبرة الجينية لإثبات النسب عند الضرورة ومنحهم جميع الحقوق المرتبطة بذلك، بما فيه الحق في التسجيل في دفتر الحالة المدنية”، مؤكدة “ضرورة رفع التمييز ضد الأطفال المولودين خارج إطار الزواج ومجهولي النسب”.
كما شددت على مسألة “حظر المصطلحات الموصومة والتي تظهر التفرقة التي يعانيها الطفل المولود خارج إطار الزواج في المجتمع من خلال تسميات ونعوت مهينة، مع حظر استخدام مختلف المصطلحات والتسميات المسيئة والوصمية، إلى جانب تنقية وتجويد الخطابات الرسمية”.