آخر الأخبار

حادث في مستشفى مريرت يضع ممارسات "الأمن الخاص" تحت المجهر

شارك الخبر

أعاد تعرض حارس أمن خاص بمستشفى مدينة مريرت، إقليم خنيفرة، “لفقءِ إحدى عينيه”، نتيجة انفجار قنينة أوكسجين كان يهم بتركيبها بقسم المستعجلات بهذه المؤسسة الصحية، تأجيج غضب أعوان الحراسة الخاصة من “إرغامهم” على القيام بمهمات متعددة بالمؤسسات الصحية والتعليمية والوكالات البنكية والمقاولات، إلخ، التي يشتغلون بها، رغم أن المشرع حسم في انحسار مهامهم في السهر على سلامة الممتلكات والأشخاص.
ووفق المعطيات التي وفرتها النقابة الوطنية لأعوان الحراسة والنظافة والطبخ لهسبريس، فإن “حارس الأمن (ن.ح) تعرض لإصابة خطيرة في الوجه أثناء انفجار القنينة المذكورة، ما أدى إلى فقء إحدى عينيه، فيما الأخرى مهددة”، مؤكدة أنه “بعد نقل المعني إلى مستشفى بفاس، استنكر المقاول (رب الشركة المناولة)، في حديث مع إحدى أقاربه، قيامه بتركيب القنينة”، وذلك “رغم علمه (المشغل) المسبق بأن إدارة المستشفى تطالب حراس الأمن بهذا الأمر”.

وأكدت النقابة أن “المصاب وزملاءه يقومون بحمل أي معدات ثقيلة، ويدخلون الموتى إلى (الأمورك)، وينقلون المرضى من الباب، بل ويؤدون أي مهمة خطيرة”، مطالبة “شركة المناولة وإدارة المستشفى بتحمل مصاريف متابعة حارس الأمن لعلاجه، وتعويضه عن الضرر الذي لحقه”.

وبمقتضى المادة الأولى من القانون رقم 06.27 المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال، فإن مهام حراس الأمن الخاص، الذين تسري عليهم أحكام هذا النص، تشمل “تقديم خدمات تهدف إلى القيام بجميع الوسائل المأذون فيها قانونا بمراقبة أو حراسة أماكن عامة أو خاصة أو منقولات أو عقارات وكذا سلامة الأشخاص الموجودين بالأماكن أو العقارات المذكورة”.

واقع متكرر

أكدت لبنى نجيب، الكاتبة العامة للنقابة الوطنية لأعوان الحراسة والطبخ، أن “حادثة مريرت هي نتيجة للاستغلال الذي يتعرض له حراس الأمن الخاص بغالبية المستشفيات حيث يضطرون لأداء مهمات فوق المهام التي يلزمهم بها القانون، أي الحراسة؛ إذ يتولون توجيه المرضى ونقلهم إلى الأقسام والقاعات المناسبة لحالاتهم، ومساعدة الممرضين، وتركيب قنينات الأوكسجين، وكل ما تطلب منهم الإدارة فعله”.

وأوضحت نجيب، في تصريح لهسبريس، أن “حراس الأمن الخاص يرغمون على قبول هذه التكليفات غير القانونية لأجل الحفاظ على لقمة عيشهم وأسرهم، رغم ما تنطوي عليه من مسؤولية وخطورة جسيمتين”، مؤكدة أنه “عند تعرض أحد هؤلاء الحراس لحادث مثل الذي نحن بصدده، غالبا ما تتملص المؤسسة الصحية حيث يشتغل والشركة المناولة المتعاقد معها من مسؤوليتهما في مواكبته وتعويضه”.

وتساءلت الفاعلة النقابية: “من سيعوض حارس الأمن هذا الذي فقئت عينه فأصيب بعاهة مستديمة، في ظل تنصل الشركة وهضم حقوقه الاجتماعية؟”، معرجة على بيان أن “إشكال تعويم مهام حراس الأمن الخاص قائم ومتكرر بعدة شركات ومؤسسات تابعة لقطاعات حكومية؛ ففي المدارس والثانويات ينهكون بنقل الوثائق الإدارية والخدمة في مصلحة الأرشيف، ونقل الوثائق للمصادقة خارج المؤسسة التعليمية حيث يشتغلون، فضلا عن ضبط الصف الذي يجلب لهم أحيانا اعتداءات تلاميذ”.

واستحضرت نجيب في هذا الصدد “حالات عدة لحراس أمن خاص قضوا في حوادث تتشارك في كون السبب هو تعدد المهام، وفي غياب التعويض، منها حالة الحارسة التي توفيت بإحدى وحدات الكابلاج في القنيطرة نتيجة تماس كهربائي كما هو مرجح من بين الاحتمالات، والحالة المتعلقة بحارس الأمن بالقصر الكبير الذي دهسه قطار”.

ولدى طرح هسبريس ملاحظة حول “عدم إمكانية استبعاد أن بعض حراس الأمن الخاص يقومون بتأدية مهام خارج تخصصهم تطوعا منهم”، أصرت المصرحة ذاتها على أنه “لا يوجد من هؤلاء من يؤدون الأدوار سالفة الذكر تطوعا، بل اضطرارا يصل إلى حد قبول السخرة للموظفين”.

وأكدت أنه “بالنظر لهذه الوضعية، لم تعد النقابة في الآونة الأخيرة تستهدف بوقفاتها ومراسلاتها شركات المناولة فحسب، بل كذلك المقاولات والقطاعات الحكومية المتعاقدة معها، فهذه الأخيرة هي المسؤول الأول عن الظروف المذكورة؛ إذ لو ألزمت المقاولات المناولة لديها باحترام القانون لامتثلت”، مشيرة إلى “وجود تواطؤ ضمني” في هذا الجانب؛ إذ “إن هذه المقاولات تطالب أساسا حراس الأمن الخاص بالامتثال لكل أمر يوجه إليهم من قبل مسؤولي المؤسسات حيث يشتغلون”.

وقف التنفيذ

“استغلال حراس الأمن الخاص في مهمات خارج تلك الواجبة عليهم قانونيا قد قلت حدته في عدد من المستشفيات التي ينتمي فيها هؤلاء إلى نقابات”، وفقا لعز الدين بونوار، نائب الكاتب الجهوي للنقابة المذكورة بطنجة-تطوان-الحسيمة، مشيرا إلى أنه “مع ذلك، يجري بالمؤسسات الصحية التي تشكو خصاصا في الممرضات إلزامُ هؤلاء الحراس بتركيب قنينات الأوكسجين”، مضيفا: “لم نعد نؤدي هذه المهمة في المؤسسة حيث أشتغل؛ لأنها سدت هذا الخصاص”.

وأوضح بونوار، في تصريح لهسبريس، أن “أعوان الحراسة بالمستشفيات، خصوصا التي لا يوجد بها مكلفون بالاستقبال، يسند إليهم استقبال المرضى وتوجيههم إلى القسم الذي سيتكفل بهم، رغم أن مهمة السيكيرتي قانونيا هي حراسة أمن الممتلكات والأشخاص”، مردفا بأنه “خلال الليل، يزداد عبء هذه المهام؛ إذ يكون الممرضون والأطباء المداومون غالب الأحيان نائمين، ما يتسبب أحيانا في دخولهم في تشنجات مع بعض هؤلاء الأطر الصحية الذين يأبون إيقاظهم”.

وشدد حارس الأمن الخاص عينه على أنه “مع ترسخ ثقافة الانتماء النقابي في صفوفهم، تمكن أعوان الحراسة من تخفيف حدة الاستغلال، رغم أنهم ما زالوا بمثابة السبيطار كاملا، خلال الليل تحديدا”، مفيدا بأن “العقود يوقعها المهنيون دون أن يكونوا على دراية بمضامينها، ما يمنعهم من معرفة مدى دخول أداء الأدوار المذكورة في بنودها”.

وذكر أن “حراس الأمن بالمستشفيات يشتكون هزالة الأجرة التي لا تصل قيمتها إلى الحد الأدنى للأجور، وتأخر صرفها غالبا إلى اليوم 22 من الشهر”، داعيا إلى “تدقيق مهام أعوان الحراسة، ورفع رواتبهم، مع تمكينهم من حقهم في الاستفادة من دعم السكن على غرار مستخدمي وموظفي قطاعات أخرى”.

هسبريس المصدر: هسبريس
شارك الخبر


إقرأ أيضا