رغم استئناف السير العادي للدروس في كليات الطب في المغرب، بعد محضر تسوية موقّع تحت رعاية “مؤسسة وسيط المملكة”، مازالت نقطة استيفاء وحدات التكوين الطبي المتمثلة في “التدريبات الاستشفائية” الميدانية، خصوصا بالنسبة لطلبة السنة الخامسة المقبلين على اجتياز مباراة “الأطباء الداخليين”، تثير جدلاً في أوساط طلبة الطب في المغرب، بأكثر من كلية، حسب ما توفر لجريدة هسبريس الإلكترونية من معطيات.
وألقت تداعيات “الأزمة” التي كانت عاشتها كليات الطب بالمغرب لحوالي السنة بظلالها على السير العادي للدراسة داخل الكليات، رغم الاتفاق الأخير مع وزارة التعليم العالي الذي أسفر عن عودة الطلبة إلى مقاعد التكوين الطبي. بينما أفاد عدد من الطلبة، لاسيما طلبة السنة الخامسة، باستمرار “انعدام تكافؤ حقيقي للفرص” في استفادتهم الكاملة من استدراك وإعادة استيفاء التدريبات الاستشفائية، وهو ما يهدد بحرمانهم من اجتياز “مباراة الداخلية” (Internat)، ما دفعهم إلى المطالبة بـ”إعادة برمجة مناسبة لهذه التدريبات”.
وبينما استحضر مصدر متابع للملف من كلية الطب بالرباط أن “الاتفاق الموقّع مع الوزارة الوصية كان واضحا حسب نص محضر التسوية في نقطة إمكانية تأجيل مباراة الداخلية إلى شهر أبريل من السنة المقبلة، بتنسيق مع مختلف الجهات المعنية”، أكد أن “الإشكال يتعلق أساساً بتبايُن بين كليات الطب، بشكل يثير إشكاليات في تطبيق بنود الاتفاق وضمان تكافؤ الفرص بين مختلف الطلبة، بين الذين استكملوا منهم التدريبات بدوام كامل أو نصف دوام”.
وأفاد المصدر، الذي تحدث لجريدة هسبريس رافضا الكشف عن هويته، بأن “طلبة الطب في الرباط بصدد إعداد عريضة سيجري تقديمها لعمادة الكلية هذا الأسبوع، من أجل إيجاد حل لمسألة استيفاء واستكمال التدريبات الاستشفائية الميدانية، خصوصا بالنسبة للمقبلين أيضا على اجتياز مباراة الأطباء الداخليين”.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن “عدم إمهال الطلبة وقتا كافياً لاستكمال تدريباتهم واستيفاء الساعات المطلوبة قد يؤخّر مسار تخرج الدفعات الخمس الحالية بمدة تتراوح بين 6 أشهر وسنة، ما قد يؤثر على أهداف تخريج عدد كافٍ من الطلبة وفق أهداف المخطط الحكومي بحلول 2030”.
وبينما يتمسك الطلبة بضرورة “اعتماد دوام كامل بدلاً من نصف دوام”، من أجل تسريع إنهاء المدة المطلوبة واستكمال ما تبقى خلال فترة العطلة الصيفية القادمة، قال طالب طب من مجلس طلبة الطب في كلية وجدة إن “بعض إدارات الكليات أعلنت تواريخ محددة لإعادة التسجيل من أجل التدريبات، فيما رفضت هذا المقترح إدرات أخرى دون تقديم توضيحات كافية، رغم أن طلبة السنة الخامسة لا يتوفرون على دروس نظرية، وهو ما يجعل اعتماد الدوام الكامل خياراً عملياً للغالبية العظمى من الطلبة الذين تضرروا من الإضراب الذي امتد 11 شهرا”.
ولفت طالب الطب ذاته إلى أنّ مطلب فئة الطلبة المعنيين باستيفاء التدريبات الاستشفائية يتعلق بـ”إعادة برمجة تلك التدريبات بما يكفل حقهم في إعادة استيفاء كل مدتها الزمنية”، مع التماس مراعاة الوقت من أجل اجتياز “مباراة الداخلية”، وقال: “نحن ناضلنا ضد هدر الزمن، ومن أجل جودة التكوين الطبي، وهذا ما يتعين فعله بخصوص تعويض التدريبات من السنة الثالثة إلى الخامسة”.
ولفت مصدر هسبريس الانتباه إلى أن “الطلبة ينتظرون يوم غد الإثنين التوصل بمختلف ردود إدارات الكليات وتوحيد خطابها وطنيا، وهو ما سيسمح بأن يتخذوا خطوات موحدة ومنسقة بخصوص هذه النقطة التي كانت واضحة في محضر التسوية الموقع بإشراف من مؤسسة الوسيط”، وختم: “كل ما نحرص عليه هو ألّا يحصُل أي ضرر إضافي على تخرج جميع الأفواج من طلبة الطب، لأن شق التدريبات الاستشفائية واستيفائها بدوام كامل، مع ضمان الاستعداد الجيد لاجتياز مباراة الداخلية، أمر مهم للغاية في مسار كل طالب طب”.